الرئيسية » هاني المصري »   23 تشرين الثاني 2010

| | |
خطوات إسرائيلية أحادية رداً على إعلان الدولة الفلسطينية
هاني المصري

نقل موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن مسؤولين حكوميين إسرائيليين نيتهم القيام بخطوات أحادية الجانب في حال نفذ الفلسطينيون تهديدهم بالإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية والسعي إلى الحصول على الاعتراف الدولي بها.


وأضاف المسؤولون الإسرائيليون: إن إسرائيل بحاجة إلى القيام بعمل مختلف إذا لم يكن هناك شريك فلسطيني، ويجب أن تفكر إسرائيل بالبدائل، وليس من الضرورة أن تتضمن الخطة البديلة حلاً كاملاً، إلا أنه من المستحيل الاستمرار في استنزاف جهود أكثر على الأرض دون حل.
وتتضمن الخطة الإسرائيلية البديلة لفشل مفاوضات السلام انسحاباً إسرائيلياً أحادي الجانب من مساحات واسعة من الضفة وفرض مبدأ تبادل الأراضي بالمستوطنات الكبرى.
وقال مؤيدون لخطة التبادل: "إنه من أجل أن تسيطر إسرائيل على جميع أنحاء الضفة الغربية، فإن على حكومة نتنياهو أن تطبق خطةً منظمةً لإخلاء المستوطنات مع نشر قوات إسرائيلية في جميع أنحاء المنطقة؛ من أجل الحفاظ على الترتيبات الأمنية ولمنع أي خطر أمني مستقبلي على إسرائيل".
إن هذه الأخبار يجب أن يأخذها الفلسطينيون على محمل الجد ويضعوها في حساباتهم وهم يفكرون في اتباع خيارات بديلة عن فشل المفاوضات، بعد أن بدؤوا أخيراً يتحدثون عنها بعد تأخير كبير.
فإسرائيل تضع منذ تأسيسها في صلب إستراتيجياتها سيناريو الخطوات أحادية الجانب، وهذا يتضح من خلال اتباع سياسة فرض الحقائق الاحتلالية والاستيطانية على الأرض دون انتظار نتيجة المفاوضات، ليصار إلى فرضها على طاولة المفاوضات، وعلى أي حل يمكن أن تتوصل إليه في المستقبل القريب أو البعيد.
إن حكومة شارون قامت ببناء جدار الضم والتوسع، جدار الفصل العنصري، كخطوة أحادية الجانب، كما قامت في السياق نفسه بفك الارتباط عن قطاع غزة، والتي رغم أنها خطوة إلى الوراء في غزة، ولكنها تقدمت عشر خطوات في الضفة وأعطت لإسرائيل مزايا إستراتيجية لم تكن تحلم بتحقيقها.
فخطوة فك الارتباط أبعدت الخيارات والبدائل الأخرى غير المفضلة لإسرائيل، وأعادت زمام المبادرة إلى يد إسرائيل، بحيث أصبحت خطتها هي اللعبة الوحيدة في المدينة، وأدت إلى وضع خطة خارطة الطريق الدولية في أدراج النسيان، وجعلت المجتمع الدولي بجميع أطرافه يهلل للخطوة السلامية الإيجابية الإسرائيلية، ونقلت الصراع إلى داخل الفلسطينيين حيث تصاعد بينهم بعد خطوة "الانسحاب من غزة"، حمى التنافس على السلطة وصولاً إلى الاقتتال والانقلاب والانقسام السياسي والجغرافي الذي يعاني منه الفلسطينيون منذ أكثر من ثلاث سنوات حتى الآن.
لقد استحسن الكثير من الإسرائيليين هذا السيناريو إلى حد قيام أرئيل شارون بالانسحاب من حزب الليكود وتأسيس حزب كاديما الذي قام أساساً على فكرة تعميم الانسحاب أحادي الجانب.
لقد استند حزب كاديما إلى فكرة رئيسة هي الانطواء، أي تكرار الانسحاب أحادي الجانب في الضفة الغربية على غرار ما حدث في غزة، على أساس أن هذه الخطوة تمكن إسرائيل بمفردها من أن تقرر حدودها النهائية وحسم القضايا الأخرى المتعلقة بالأمن والمستوطنات والمياه وجميع الموارد والقدس دون عبء حل الدولتين، ودون حتى عبء المفاوضات التي قد تقود في مرحلة لاحقة إلى فرض حل على إسرائيل لا يناسبها أو لا يحقق جميع مطالبها ومصالحها وأطماعها التوسعية والعنصرية.
إن حرب لبنان عام 2006 وانتصار حزب الله فيها، وسيطرة حماس على غزة بعد "الانسحاب" الإسرائيلي منها وما أدى إليه ذلك من إطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل، ومرض أرئيل شارون الذي شل صاحب فكرة الحل أحادي الجانب، والشخص صاحب الرؤية الإستراتيجية و الشجاعة لتنفيذها، أدى ذلك كله إلى تراجع حزب كاديما بزعامة إيهود أولمرت عن هذه الفكرة لصالح استمرار الوضع الراهن والاعتماد على الاحتلال المباشر والقوة العسكرية المباشرة.
إن فشل المفاوضات أو نجاحها بصورة لا تناسب إسرائيل تماماً، ورفض الفلسطينيين الموافقة على الحل الإسرائيلي سيدفعان إلى إحياء الحل أحادي الجانب خشية الخطر الديمغرافي وخيار الدولة الواحدة، خصوصاً أن قطاع غزة يشهد هدوءاً منذ فترة، بحيث لم تعد الصواريخ تستهدف جنوب إسرائيل إلا نادراً رغم سيطرة حماس على القطاع .
إن فكرة الحل أحادي الجانب تصبح واردة فعلاً وأكثر وأكثر، إذا ذهب الفلسطينيون فعلاً إلى طرح وتنفيذ الخيارات البديلة عن المفاوضات، خصوصاً إذا تم ضم حزب كاديما للحكومة الإسرائيلية بخروج حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان أو دون خروجه.
كما يعزز فكرة الحل أحادي الجانب، أنه يكون حلاً عملياً دون أن تتحمل الأطراف المسؤولية عنه، أو الأصح دون أن تدفع ثمنه لأنه يتم دون التوقيع على اتفاق يتنازل عن المطالب التاريخية، رغم أنه لا يلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولا الحد الأقصى من المطامع التوسعية والعدوانية والعنصرية الإسرائيلية يستطيع كل طرف بعد هذا الحل أن يدعي أنه لم يتنازل عن أي شيء.
إن هذا الحل يبدو للوهلة الأولى جذاباً، ومريحاً لكل الأطراف، ولكنه ليس حلاً وإنما وهم جديد. فهو تمويه للاحتلال ويعكس استمراراً للأمر الواقع في إطار خادع يظهر أن هناك حلاً وما هو بالحل.
على هذا الأساس، فإن أي بديل فلسطيني حتى لا يسهل الحل الإسرائيلي أحادي الجانب يجب أن لا يقتصر على نقطة واحدة، وألا تكون نقطة ثقلة المركزية هي اللجوء إلى المؤسسات الدولية، وإنما يتطلب اعتماد إستراتيجية جديدة متكاملة شاملة قادرة على إنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من تجسيد حقوقه كاملة بما يتضمن الحصول على اعتراف دولي بحقه في العودة وتقرير مصيره بما في ذلك حقه بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس على حدود 1967.
إن الحل أحادي الجانب ليس حلاً، لكنه قد يستطيع تهدئة وتمويه الصراع مؤقتاً إلا أنه سرعان ما ينفجر من جديد!!.

 

مشاركة: