الرئيسية » جميل السلحوت »   02 آذار 2016

| | |
العربان المتصهينون
جميل السلحوت

بطاحونتها الاعلامية الهائلة، استطاعت الحركة الصهيونيّة، أن تضلل دولا وشعوبا كثيرة، حتى ظهر لنا ما يسمّى بالمسيحيّة الصهيونيّة، والتي قلبت مفاهيم كثيرة من خلال ربطها بين الانجيل "العهد الجديد" والتوراة "العهد القديم" أي ليصبح الفكر الصهيونيّ جزءا من الايمان الدّينيّ، وللمسيحيّين المتصهينين دور كبير في رسم السّياسة الأمريكيّة في منطقتنا، بل يرى بعض المراقبين أنّها قد تحسم انتخابات الرّئاسة الأمريكيّة. ومن هنا تأتي تصريحات رونالد ترمب الذي ينافس على زعامة الحزب الجمهوري ليكون مرشّحه لانتخابات الرّئاسة، بأنّه لن يسمح للمسلمين بدخول أمريكا في حال فوزه بالرّئاسة، ومن هنا جاءت مزايدات هيلاري كلينتون التي تنافس على زعامة الحزب الدّيموقراطي وترشيحها للرّئاسة عندما قالت" بأنّها لن تكتفي بقتل اكثر من ألفي مدني فلسطيني في حرب اسرائيل الأخيرة صيف عام 2014، بل ستسمح للجيش الاسرائيلي بقتل مائتي ألف في الحرب القادمة على قطاع غزّة. ومن قبلهما كان جورج دبليو بوش يزعم أنّه يتلقّى أوامره من الرّب في غزو العراق وأفغانستان وتدميرهما وقتل وتشريد الملايين من شعبيهما.

ولا جديد في السّياسة الأمريكية تجاه اسرائيل التي تعتبرها حليفا استراتيجيّا في الأحوال جميعها سواء كانت ظالمة أو مظلومة. لكنّ اللافت هو تصهين بعض العربان والمتأسلمين الجدد، حتّى وجدنا أناسا من العربان المستعربين من يرى أنّ المسجد الأقصى الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ليس المسجد الموجود في القدس، بل يقع بين المدينة والطائف في السّعوديّة، ووجدنا آخر يدعو لاقامة تمثال من الفضّة لزعيم الأمّة جمال عبد النّاصر في تل أبيب، ويطلب مساعدة اسرائيل في حلّ مشكلة سدّ النّهضة في اثيوبيا، والذي سيصيب مصر بالجفاف عند اكتماله. ووجدنا آخر من أصحاب الذّقون يزعم أن المسجد الأقصى مبني على هيكل سليمان، كما وجدنا آخر من أصحاب العمائم واللحى يظهر على الفضائيات ليقول: بأن لا فائدة من الحوار مع "الشّيعة" في وقت كان يحاور فيه حاخامين يهود.

ووجدنا من يساهمون في تدمير سوريا وقتل شعبها واستنزاف جيشها يقيمون علاقات مع اسرائيل كجبهة النّصرة وغيرها.

والأمور تتعدّى بعض الأشخاص إلى الدّول والحكومات التي تقيم علاقات سرّية مع اسرائيل، بل تنسّق معها لمحاربة ايران، وتقيم معها علاقات استخباريّة واقتصاديّة، في الوقت الذي تثبّت فيه اسرائيل احتلالها للأراضي العربيّة المحتلّة في حرب حزيران 1967 من خلال مصادرة الأراضي والاستيطان، وتمنع قيام دولة فلسطينيّة حسب قرارات الشّرعيّة الدّوليّة، وتسعى لتقسيم المسجد الأقصى مكانيّا بعد أن قسّمته زمانيّا. والمذهل أنّ عشرات الجماعات الاسلاميّة التي تقوم بالتّدمير والقتل في سوريّا، العراق، ليبيا، اليمن، وغيرها ترى أن"جهادها" ضدّ العرب ودولهم، ولا يهمّهم الأقصى وغيره من الأراضي المحتلة.

وتشارك الدّول العربيّة والاسلاميّة في حصار قطاع غزّة منذ العام 2006، لتجويع وتركيع حوالي مليونيّ فلسطيني يعيشون فيه، وقد نختلف مع حماس التي اختطفت قطاع غزّة، لكنّنا لا نختلف مع شعبنا الذي يعيش فيه.

والذي يتابع العديد من الفضائيّات العربيّة الرّسمية سيجد أنّها تسوّق السّياسة الصهيونيّة على حساب الحقوق الفلسطينيّة.

فهل نحن في مرحلة صهينة العربان والمتأسلمين الجدد؟ والحديث يطول.

مشاركة: