الرئيسية » فدوى البرغوثي »   02 تشرين الثاني 2016

| | |
شروط نجاح مؤتمر فتح السابع
فدوى البرغوثي

يعود الحديث مرة أخرى وعلى نحو مكثف حول عقد مؤتمر حركة فتح السابع المستحق منذ عامين تقريباً قبل نهاية عام 2016، وتؤكد مختلف المصادر والمؤشرات على تحضيرات أكثر جدية من الأوقات السابقة لعقد المؤتمر.

ومن الطبيعي ان يحظى عقد هذا المؤتمر على اهتمام الفتحاويين أولاً في كل مكان والفلسطينيين عموماً، وان يلقي اهتماماُ عربياً ودولياً رغم ظروف الإنشغال الدولي والاقليمي. وعلى أهمية عقد المؤتمر وضرورة التشديد على ذلك واحترام الانظمة، فان المهم ليس عقد المؤتمر بحد ذاته وانما الأهم توفير شروط مؤتمر ناجح بالمعايير الفتحاوية والوطنية والفلسطينية والعربية والنضالية، لأن عقد مؤتمر لا تتوفر فيه شروط النجاح سيزيد الأزمة إستفحالا وخطورة، بدلا من ان يشكل محطة هامة وأساسية على طريق الخروج من الأزمة.

شكلت حركة فتح على مدار نصف قرن المشهد الفلسطيني وتصدرت قيادته فكانت أول الرصاص وأول الحجارة وأول الانتفاضات وحامية للانجازات الوطنية وباعثة للوطنية الفلسطينية التي تحققت بفضل التضحيات الجسيمة والعذابات ودرب الالام الطويل. وبمقدار ما تحظى فتح بتحقيق انجازات وطنية وهامة فانها تتحمل مسؤولية اخفاقات ليست قليلة.

ويأتي الحديث عن عقد مؤتمر فتح السابع في ظروف دولية وإقليمية وعربية وفلسطينية خطيرة جداً، وفي ظل فشل انجاز برنامج المؤتمر السادس داخلياُ وخارجياً ولهذا يحضر السؤال الأهم: ما هي شروط نجاح المؤتمر؟ وما هي فرص هذا النجاح؟

بداية نؤكد مجدداً ان حركة فتح والساحة الفلسطينية لا تتحمل عقد مؤتمر يفاقم الأزمة ويزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني المعقد، ولهذا فالواجب والضرورة الوطنية يحتمان التحضير الجاد، وبما يكفل نجاح المؤتمر، ليشكل رافعة ومحطة هامة للخروج من الأزمة الشديدة. وأول هذه الشروط هو عضوية المؤتمر وحجم المؤتمر وضمان مشاركة الأعضاء في الشتات واللجوء وقطاع غزة، بحيث يشعر الفتحاويون في كل مكان ان هناك قواعد نظامية بعيدة عن المحسوبية والاقصاء او الحسابات الذاتية، والحفاظ على حركة فتح في مؤتمرها ذو طبيعة تعددية، لان فتح حفلت طوال تاريخها واغتنت بفضل تعدد وجهات النظر والاجتهادات الفكرية والسياسية في اطار وحدة الحركة، وتعايشت فيها مختلف المدارس والاتجاهات بفضل قانون التضحيات وقانون المحبة.

وهذا يستدعي مؤتمر بحجم يستوعب الكم والنوع من القيادات والكوادر والمناضلين في الحركة ، بما يعكس الخارطة الفتحاوية الجغرافية والقطاعية والعمرية والفكرية والسياسية والتنظيمية، وان يوفر تمثيلاً أصيلاً وكبيراً لفئة الشباب (الشبيبة)، بما يكفل تدافع الأجيال وتواصلها وتلاحمها بشكل منظم، بعيداً عن الهزات والصدمات. ومن المهم ان يكون نصف المؤتمر أعمارهم دون الأربعين لأن هذه الفئة تمثل ما يزيد عن 70% من أبناء الشعب الفلسطيني وهذا ينسحب على أعضاء الحركة بشكل عام.

كما أنه من المهم جداً تحقيق تمثيل فعال للمرأة الفتحاوية ليس تمثيلاً شكلياً أو رمزياً بحيث لا تقل عضوية المرأة عن 20% ،وبما يضمن تمثيلها في الهيئات القيادية (الثوري والمركزية) بهذه النسبة على الأقل، بحيث لم يعد مقبولاُ هذا التغييب عن قيادة فتح او الإكتفاء بتمثيل رمزي.

كما أن الضرورة تستدعي تمثيل حقيقي للأسرى المحررين والاكاديميين الفتحاويين والمثقفين والاعلاميين وقادة الاتحادات والنقابات والأسرى داخل السجون وقادة وكوادر كتائب الأقصى.

أما الشرط الثاني لنجاح المؤتمر فهو مناقشة تمهيدية للبرنامج السياسي للحركة آخذين بعين الأعتبار اننا على أعتاب مرور مائة عام لوعد بلفور ونصف قرن للاستعمار الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية عام 1967، وما يقارب سبعين عام للنكبة الفلسطينية، الأمر الذي يحتم إجراء حساب شامل للانجازات والاخفاقات، والذي يحتم مراجعة شاملة بشجاعة لمسيرة النضال الوطني، والتوقف أمام الاخفاقات وضخامة التحديات، وبخاصة في ظل فشل عملية المفاوضات ورهانات التسوية السياسية، واستمرار اسرائيل في سياستها من مضاعفة اعداد المستوطنين والمستوطنات وتهويد القدس وتكريس الاحتلال وبناء الجدار، مما يجعل امر قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 مسألة في غاية الصعوبة، الأمر الذي يتطلب البحث عن أفضل الطرق لمواجهة التحديات وفي مقدمتها تحدي انهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين وتحرير الاسرى.

ان حركة فتح مطالبة بتقديم اجابات واضحة وشجاعة على هذه التحديات، حتى لا يقف دورها وموقفها القيادي في مسيرة التحرر الوطني، وهذا يستدعي اعادة الاعتبار لخطاب التحرر الوطني بكل مفرداته وفق قواعد وشروط وآليات والتصرف وفق قواعد مرحلة التحرر الوطني، بما يمثله من علاقة صراع ومقاومة مع الاحتلال وليس علاقة تعاون وتنسيق.

اما الشرط الثالث فهو وضع أسس لاستراتيجية فلسطينية جديدة تعيد وحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان، ويعيد الاعتبار للتمثيل الفلسطيني، وبما يقود لعقد مؤتمر وطني شامل بمشاركة ممثلي الشعب الفلسطيني في كل مكان في الضفة والقدس والقطاع والداخل الفلسطيني ( مناطق الـ 48) وبلاد الشتات والمهاجر واللجوء، على قاعدة شعب واحد وطن واحد ومصير واحد وتمثيل واحد، وكذلك تقديم تصور واضح ونوعي لانهاء الانقسام وانجاز المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية بما يمهد الطريق لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ولعضوية المجلس الوطني وبما يتيح المجال لاعادة بناء وتطوير (م.ت.ف) بمشاركة الجميع والحفاظ عليها كاطار تمثيلي جامع للفلسطينيين في كل مكان.

اما الشرط الرابع يكمن في الحفاظ على حركة فتح حركة وطنية ثورية ديمقراطية، تناضل من أجل تحرير الأرض والانسان، وتسعى لقيام دولة ديمقراطية بدستور ديمقراطي يوافق عليه الشعب، ونظام سياسي قائم على مبدأ فصل السلطات واستقلال القضاء وسيادة القانون، وعلى المواطنة والحرية والمساواة لجميع المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز على اساس العرق والدين والمذهب والجنس واللون، واحترام التعددية السياسية والحزبية، والتنظيم الدوري للانتخابات، وتكريس مبدأ الشراكة الوطنية والديمقراطية بين جميع الفلسطينيين على اختلاف اطيافهم الفكرية والسياسية، واحترام حق الانسان وكرامته وحرية التعبير عن الرأي وحرية الاعتقاد والتفكير وحرية الصحافة والاعلام وتحريم التعذيب وحماية حقوق المرأة ومكتسباتها وتمثيلها على نحو أفضل في كافة القطاعات والمستويات.

اما الشرط الخامس فهو اجراء تحضيرات وترتيبات فنية ولوجستية وتنظيمية ونظامية توفر الاجواء المناسبة لاجتماعات اللجان في المؤتمر، لضمان الحوار الاخوي والديمقراطي والصريح والجاد، بعيداً عن المجاملات، للخروج بقرارات تقدم اجابات على التحديات الكبرى، وبما يعزز وحدة الحركة ليحافظ على عنفوانها وقوتها وبما يستبدل الصراعات والتناحرات الشخصية والمصلحة الذاتية، ليناقش اجتهادات فكرية وسياسية، تحافظ على التعددية الفكرية وليست تعددية مراكز القوى، وتجري عملية محاسبة ومسائلة للاخفاقات والفشل، ومحاسبة مرتكبي الفساد السياسي والأمني والسلوكي والمالي.

ومن المهم  جدا ضرورة اجراء تجديد عميق وحقيقي وجوهري في انتخابات الهيئات القيادية مع ظرورة حسن الاختيار، حتى يخرج المؤتمر بقيادة جديدة تتدفق فيها دماء جديدة تبعث فيها الحيوية والفعالية والديناميكية، تليق بتضحيات وتاريخ الحركة، قيادة مستعدة ان تتقدم الصفوف في مقاومة الاحتلال ومستعدة للتضحية، وقيادة تعيد الاعتبار لمكانة فتح ودورها الوطني وحضورها في الساحة العربية، وقادرة على توحيد الفلسطينيين، وقيادة على صلة بقواعدها وشعبها تنبض بقلب الشعب وتعيش آلامه وآماله وتعاني كما يعاني وتكافح كما يكافح وتعيش كما يعيش وتقاوم كما يقاوم. قيادة واثقة بنفسها وشعبها وبحتمية الانتصار على هذا الاستعمار الصهيوني الكولونيالي مهما طال الزمن ومهما بلغت التضحيات، وقيادة تؤمن ان فلسطين أرضاً وجواً وبحراً وهواءاً وسماءاً وجبالاً وسهولاً لنا نحن الفلسطينيين، وقيادة تؤمن بثورية النفس الطويل كشرط لتحقيق الانتصار. 
 

مشاركة: