الرئيسية » هاني المصري »   18 أيلول 2007

| | |
إدارة بوش حائرة ما بين الحرب أم الصفقة مع إيران!
هاني المصري

لا يمكن رؤية ما يجري في فلسطين بصورة عامة، أو على صعيد الإعداد لعقد "مؤتمر دولي" بصورة خاصة بمعزل عما يجري في المنطقة خصوصاً في العراق وإيران وتحديداً لجهة تصاعد حدة التوتر والسباق المحموم ما بين التوصل الى صفقة او الدخول في حرب.


فالإدارة الاميركية تريد وتفضل اخضاع إيران سلماً وبالعقوبات المختلفة ولكنها لا تضمن تحقيق هذا الهدف، وتخشى من أن تنزلق الى حرب مع ايران غير مضمونة النتائج والعواقب، وفي وقت وصلت شعبية الرئيس بوش الى الحضيض، ويواجه معارضة ديمقراطية واسعة وحتى جمهورية في مجلس النواب والشيوخ ومعارضة متزايدة داخل الرأي العام الاميركي تطالبه بالانسحاب بسرعة من العراق وعدم الدخول في مغامرة عسكرية ضد ايران. فإيران في وضع مختلف جداً عما كان عليه جارها العراق، فنظامها أقوى من نظام صدام حسين عشية الحرب التي شنتها الولايات المتحدة ضده، وبيديها أوراق قوة تبدأ بمضيق هرمز والتحكم بالنفط والأسلحة التي تملكها ويمكن أن تصل الى القواعد الاميركية في المنطقة وإلى اسرائيل، وتمر بنفوذها داخل العراق وقدرتها على توجيه ضربات كبيرة للقوات الاميركية المحتلة في العراق، ولا تنتهي بقدرتها على التأثير على بلدان عربية وإسلامية عدة بسبب عدة عوامل أهمها انتشار الشيعة فيها، وتحالفها مع حركات سياسية في مواقع حساسة خصوصاً في لبنان وفلسطين، والكراهية المتزايدة للسياسة الاميركية في المنطقة والعالم بأسره.

لو تضمن ادارة بوش انها تستطيع بمفردها او بمساعدة اسرائيل على توجيه ضربة قاصمة وخاطفة وسريعة لإيران تشل طاقاتها النووية وتمنع قدرتها على الرد لن تتردد ولا لحظة واحدة. لذا نراها تتخبط ما بين الصفقة مع ايران والحرب ضدها.

وما يربك الإدارة الاميركية أن الدول العربية المعتدلة التي ارتضت بسهولة أن تقف معها في حربها ضد العراق لدرجة تسخير أراضيها وأجوائها للقوات الاميركية البرية والجوية تتردد كثيراً في تشجيع الحرب ضد ايران، ويظهر هذا التردد بأوضح صوره في الموقف السعودي الذي يظهر متردداً من السياسة الاميركية في المنطقة ويخشى من الحرب ضد ايران لأن من شأنها أن تفتح أبواب جهنم لنشوب حرب طائفية تستمر مائة عام. وظهر الموقف السعودي بشكل واضح من خلال الإعلان الحازم للمعارضة السعودية للمشاركة في "المؤتمر الدولي" القادم. فقد ذكرت مصادر متعددة وأكدت صحة التصريح الذي أدلى به سعود الفيصل والذي عكس تحفظاً سعودياً كبيراً على المشاركة اذا لم تدعَ سورية ولبنان واذا لم توافق اسرائيل على مبادرة السلام العربية واذا لم تحرز المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية تقدماً ملموساً قبل المؤتمر.

ودون مشاركة سعودية وعربية لا معنى للمشاركة الفلسطينية بل تصبح هذه المشاركة إن حدثت ضارة لأنها تعزل الفلسطينيين وتجعلهم منفردين تحت رحمة اسرائيل وحليفتها الأقوى الإدارة الاميركية في عهد بوش التي كانت الإدارة الأكثر دعماً لإسرائيل منذ تأسيسها وحتى الآن.

المنطقة تغلي ويمكن أن تشهد الانفجار في أية لحظة. ومن لا يستطيع أن يرى ذلك لا يقرأ بصورة صحيحة دلالات الغارة الإسرائيلية على سورية والتي تبعتها أخبار عن تعاون نووي سوري - كوري شمالي وسط اعلانات اسرائيلية عن أن اسرائيل استعادت هيبة الردع التي فقدتها وأنها مستعدة لشن حروب جديدة.

وفي كل الاحوال المنطقة مقبلة على تطورات عاصفة، سواء اذا حدثت حرب اميركية اسرائيلية - إيرانية او تم الاتفاق على صفقة او اذا استمر الوضع على ما هو عليه.

فإذا انسحبت القوات الاميركية من العراق وهي تجر أذيال الهزيمة والخيبة سيكون لهذا الحدث - الزلزال تداعياته الكبرى. واذا تمترست ادارة بوش وراء عنادها ولم تنسحب ستضطر الى استخدام قوة اكبر في العراق وضد ايران وحلفائها وهذا سيكون له تداعيات لا تحمد عقباها.

ولا أعرف بالضبط هل الانفجار سيحدث قبل نهاية هذا العام كما توقع الرئيس السوري او بعد ذلك، لكن المنطقة حبلى بالمتغيرات، ويجب أن نضع في حسابنا ما يمكن أن يحدث، ونحن نقرر ماذا سنفعل قبل وأثناء وبعد "المؤتمر الدولي" الذي اصبح ورطة ليس معروفاً كيف يمكن الخروج منها بأقل الخسائر!!.

 

 

مشاركة: