الرئيسية » هاني المصري »   16 تشرين الأول 2007

| | |
هل يكون إحياء خارطة الطريق طوق النجاة لاجتماع انابولس؟؟
هاني المصري

 

كوندوليزا رايس بحاجة إلى معجزة حتى تنجح في مساعيها للتوصل الى وثيقة فلسطينية - إسرائيلية مشتركة. ونحن في زمن انتهت فيه المعجزات.

والسبب الكامن في مأزق رايس، أن الرئيس بوش لم يمنحها الدعم الكافي لتمكينها من النجاح. فشرط نجاح رايس في مهمتها يكمن في قدرتها على الضغط على إسرائيل. وبوش لا يريد الضغط على إسرائيل، بل يعطي وزيرة خارجيته هامشاً محدوداً يسمح لها، بمناشدة إسرائيل وتقديم النصائح لها، وانتقاد خفيف لبعض تصرفات إسرائيل التي تجحف بقضايا الوضع النهائي مثل مصادرة الأراضي.


تأسيساً على ما تقدم، فإن الفشل هو الاحتمال الأرجح لجولة ومساعي رايس، وهذا الفشل يمكن إخراجه: إما عن طريق واضح ومكشوف عبر تقديم توصية من رايس لبوش تقضي بتأجيل انعقاد اجتماع انابولس الى موعد آخر، أو عن طريق خفض سقف التوقعات كما يطالب أولمرت منذ أسابيع عديدة، وهذا يقتضي عدم جعل الاتفاق على وثيقة مشتركة شرطاً لعقد الاجتماع، أو الموافقة على وثيقة عامة لا تلزم بشيء، والقبول بالبحث بشؤون اقتصادية وأمنية وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، واعادة احياء خارطة الطريق. خارطة الطريق هي كلمة السر ومفتاح انقاذ اجتماع انابولس. فالرئيس الفلسطيني يردد دائماً بأن خارطة الطريق تتضمن كل شيء، رؤية بوش وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة و مبادره السلام العربية.

رايس ورئيسها أعلنوا مراراً تمسك الولايات المتحدة الأميركية بخارطة الطريق. وأولمرت كان دائماً يقول إن الأولوية لتطبيق خارطة الطريق. بل ذهب أولمرت أبعد من ذلك بكثير من خلال القول والتأكيد أن أية وثيقة مشتركة يتم التوصل إليها لن تجد طريقها للتطبيق قبل أن يقوم الجانب الفلسطيني بالوفاء بالتزاماته في المرحلة الأولى من خارطة الطريق. وخصوصاً في ما يتعلق بمحاربة "الارهاب" وبناء مؤسسات الدولة. كعب أخيل نقطة التلاقي حول خارطة الطريق تظهر في أن الحكومة الإسرائيلية الحالية مثل سابقتها، لا توافق على خارطة الطريق الدولية، كما هي وانما وفقاً للملاحظات الإسرائيلية التي تنسفها من حيث الأساس.

لذا بقدر ما تبدو خارطة الطريق طوق النجاة لانقاذ اجتماع انابولس بقدر ما تحتوي التعقيدات والخلافات التي شلتها، بل وقتلتها وهي في المهد، وجعلتها مطروحة منذ أكثر من خمس سنوات دون أن تطبق.

وفي الآونة الأخيرة، قامت السلطة الفلسطينية بعد الانقسام الذي حدث جغرافياً وسياسياً، بتنفيذ الالتزامات الفلسطينية في خارطة الطريق، وتراهن على أن هذا سيحرج حكومة أولمرت، بما يؤدي الى قيامها بتطبيق الالتزامات الإسرائيلية الواردة في المرحلة الأولى والتي تعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل الثامن والعشرين من أيلول العام 2000.

كالعادة، حكومة أولمرت لا تكتفي بالتعنت ازاء عدم التقدم في الموقف من القضايا الجوهرية، بل تواصل تعنتها فيما يتعلق بتطبيق خارطة الطريق. وإذا أبدت الحكومة، أو رئيسها أولمرت بعض المرونة، تصطدم بمواقف الجيش والأجهزة الأمنية ووزارة الحرب برئاسة باراك الذين يتمترسون وراء مواقف بأن السلطة الفلسطينية ضعيفة ولا يمكنها تطبيق ما يتم الاتفاق عليه. وبناء عليه يجب وضعها تحت الاختبار لفترة من الوقت (عدة سنوات) يتم فيها أيضاً تطوير شبكة صاروخية تكون قادرة على منع الصواريخ الفلسطينية قصيرة المدى من إصابة أية أهداف إسرائيلية بعد "انسحاب" أو إعادة انتشار القوات المحتلة وعودتها الى خطوط الثامن والعشرين من أيلول العام 2000.

القيادة الفلسطينية في وضع صعب، فهي تخشى من استمرار الجمود في عملية السلام الذي يطلق يد إسرائيل بالكامل. كما تخشى من حركة تستهدف التحريك للأزمة وعدم التوجه لحلها، وهذا يطلق يد إسرائيل بالكامل. أي أنها أمام خيارين أحلاهما مر. وحتى تكسر هذه الدائرة الجهنمية عليها أن تقتنع مرة واحدة، والى الأبد، انها إذا لم تملك وإذا لم تسعَ لكي تملك أوراق تمكنها من الضغط على إسرائيل والاشتباك معها، فإنها لن تخرج من المولد بأي حمص. فالتمسك بالمفاوضات وعملية السلام فقط لا يعطي الفلسطينيين أداة اقناع كافية للإدارة الأميركية حتى تقوم بممارسة الضغط على إسرائيل. وبدون ضغط أميركي على إسرائيل لا يمكن الحصول إلا على ما تعرضه اسرائيل وما تعرضه إسرائيل أقل بكثير مما يمكن أن يقبله أكثر الفلسطينيين اعتدالاً. وما تعرضه إسرائيل هو الحصول على أكبر مساحة ممكنة من الأرض المحتلة الخالية من السكان أو الممكن اخلاء السكان منها، و"الانسحاب" من الأراضي المكتظة بالسكان، حتى تشكل هذه الأراضي كياناً فلسطينياً يمكن أن يسمى دولة، ويكون محمية اسرائيلية لا تقوى على البقاء والاستقلال وتعفي اسرائيل من مسؤولياتها التاريخية والقانونية والسياسية والأدبية عن تشريد الفلسطينيين وأخذ أرضهم وابقائهم في دائرة من المعاناة المستمرة.

مشاركة: