الرئيسية » هاني المصري »   07 آب 2007

| | |
قمة القضايا الحساسة
هاني المصري

 

قمة أخرى بين أبو مازن واولمرت، القمة هذه المرة ستبحث حسبما نقلت رايس في جولتها الاخيرة في القضايا الأساسية التي ستقود إلى اقامة دولة فلسطينية، أي في القضايا الحساسة.

الهوة بين الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي شاسعة جداً. وحكومة اولمرت قوية برلمانياً ولكنها اضعف حكومة في اسرائيل شعبياً. واذا اقدمت على الاقتراب من القضايا الحساسة بصورة تخالف الاجماع الاسرائيلي او الاتجاه المركزي الاسرائيلي ستسقط، اكثر من ذلك علينا ان لا نطعم انفسنا جوزاً فارغاً، فهذه الحكومة التي لم تستطع ازالة حاجز رئيسي واحد أو بؤرة استيطانية واحدة، من تلك البؤر التي فاق عددها اكثر من 150 بؤرة، والتي يطلقون عليها بؤراً غير قانونية وفقاً للقانون الاسرائيلي، والماضية بتسارع رهيب في توسيع وتكثيف الاستيطان واستكمال بناء جدار الضم والتوسع، ومواصلة العدوان العسكري بكل اشكاله، لا يمكن ان نتوقع منها ان تجازف بالاقدام على اية خطوة جريئة، بل ان حافزها الرئيسي من التحرك السياسي الجديد هو محاولة قطف ثمار الانقسام الفلسطيني الداخلي، وتعميق طلاق الضفة وغزة، والسعي للايحاء او محاولة تحقيق انجاز على طريق تحقيق الاهداف الاسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وابعادها.

 

تأسيساً على ذلك كله، اخترع اولمرت مسألة الاتفاق على اعلان مبادئ، يصاغ بعبارات عامة، ويتم تطبيقه على مراحل طويلة زمنياً، لذلك يمكن ان نطلق عليه اعلان مبادئ مؤجل التنفيذ، وحتى ندرك ان المسألة يمكن ان تسير فعلاً على هذا النحو، علينا ان نتذكر ما قالته رايس للصحافيين المرافقين لها في جولتها الاخيرة، ان هدف الادارة الاميركية الحالية هو التوصل الى اعلان مبادئ، أما مسألة تنفيذه فستحال الى الادارة اللاحقة، وهذا تقدير استباقي بان ما يمكن الوصول اليه لا يمكن تطبيقه بسهولة وسرعة، وتحاول ادارة بوش ان تصيب باعلان المبادئ اكثر من عصفور بحجر واحد، اولاً: الايحاء بانها معنية بحل القضية الفلسطينية، بينما ما تحاول القيام به في الواقع هو تصفيتها. ثانياً: اقناع الرئيس ابو مازن وحكومة سلام فياض بالمضي قدماً في وقف المقاومة وتصفية بنيتها التحتية وعزل واقصاء حماس. ثالثاً: تعزيز وتطوير التحالف الاميركي الاسرائيلي مع الدول المعتدلة العربية التي ستشعر براحة اكبر في هذا التحالف اذا وجدت اهتماماً بحل القضية الفلسطينية.

ما يسقط من الحسابات الاميركية - الاسرائيلية ان القيادة الفلسطينية ليس من السهل عليها ان توافق على اعلان مبادئ عام وفضفاض مؤجل التنفيذ، اي اعادة انتاج اتفاق اوسلو بصيغة جديدة، الامر الذي يمكن ان يجعل الحل المؤقت الذي يمكن التوصل اليه لحين تطبيق اعلان المبادئ الى حل دائم. ويزيد الصعوبة عند القيادة الفلسطينية انه لديها منافس يحسب عليها خطواتها ويمكن ان يسجل النقاط لصالحه.

وما يزيد اهمية هذا الامر، ان ما سيعرض على الفلسطينيين على طاولة المفاوضات وهم ضعفاء منقسمون سيكون اقل مما عرض عليهم سابقاً ورفضوه، في كامب ديفيد وطابا، فكيف سيقبلون عرضاً اقل، وعرضاً لا يؤدي الى تغيير حياة الفلسطينيين على كافة الاصعدة، والى فتح افق سياسي قادر على انهاء الاحتلال. انهاء الاحتلال عن كافة الاراضي المحتلة العام 7691، بما فيها القدس، وليس في او ضمن حدود 7691، او انهاء الاحتلال الذي بدأ العام 7691، فالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية تنص على عبارات واضحة ومفهومة وغير قابلة للتفسيرات المتناقضة، ان غموض العبارات يعطي لاسرائيل بوصفها القوة المحتلة القدرة على تفسير اي غموض بصورة تناسبها وتحقق مصالحها.

وحتى ندرك مدى تعقيد المسألة اكثر علينا ان نستمع الى ما يقوله ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي، الذي يشترط على السعودية حتى تشارك في الاجتماع الدولي ان تعترف باسرائىل كدولة يهودية.

ويصر على عدم المضي بعيداً مع ابو مازن وسلام فياض لانهما رجُلا قلم وليسا رجُلي سيف، وانهما يجب ان يُبرهنا على قدرتهما على توفير الأمن لاسرائيل قبل تمكينهم من تولي مسؤولية الامن في الضفة، ولان اسرائىل لا تثق بالسلطة لتوفير امنها فهو يطالب بتأجيل تحويل مهمة الامن للسلطة مدة تتراوح ما بين 3 - 5 سنوات حتى تسكتمل اسرائيل تجهيز وتطوير قدرتها الصاروخية لتردع اي اطلاق للصواريخ الفلسطينية من الضفة الى اسرائيل، فباراك يومن بأن اسرائىل يجب ان لا تذهب للسلام الاّ من موقع القوة، والقوة الاسرائيلية تزعزعت جراء الاخفاقات في لبنان وفلسطين ويجب استعادة هيبة الردع الاسرائيلية قبل اي اتفاق سلام، فباراك "صاحب العرض السخي في كامب ديفيد" يريد فرض الشروط والاملاءات والمصالح الاسرائيلية!!

وهذا كله يدل على ان طريق المفاوضات ليست سالكة واذا وجدت اسرائيل نفسها محرجة ستسلك الدرب الذي لجأت اليه سابقاً وهو ازمة حكومية والذهاب الى انتخابات مبكرة.

 

مشاركة: