الرئيسية » هاني المصري »   13 آذار 2007

| | |
قمة أبو مازن ـ أولمرت : لا نتائج ملموسة والأجواء إيجابية!!
هاني المصري

 

لم يسفر لقاء أبو مازن ـ أولمرت عن نتائج ملموسة سوى الاتفاق على تمديد فتح معبر المنطار حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً، والاتفاق على استمرار اللقاءات بصورة منتظمة على مستوى القمة واللجان الفرعية. أما الأجواء فقد كانت والحمد لله ايجابية.

وقد وصف اللقاء من المشاركين به فلسطينياً بأنه بناء وصعب وايجابي ولكن دون الجزم بنجاحه أو فشله أما التلفزيون الإسرائيلي فقد قال إن الاجتماع حقق تقدماً كبيراً، وستبدأ نتائجه بالظهور خلال الأسبوع المقبل. فهل هناك ما هو مخفي أم ان المسألة مجرد توقعات أو أخطاء إعلامية؟ شخصياً، لا أعرف كيف يمكن أن يوصف الاجتماع بالايجابي والامتناع في الوقت نفسه عن اعتباره اجتماعاً ناجحاً أو فاشلاً، إلا إذا اعتبرنا كما درج المسؤولون الفلسطينيون الذين يشاركون في هذه الاجتماعات، أن مجرد عقد اللقاءات هو أمر ايجابي وكأنه ليس أمام الفلسطينيين سوى قبول ما تفرضه اسرائيل واستمرار الحوار مع الإسرائيليين في الاجتماعات الرسمية، والاحتجاج على استمرار الخطوات أحادية الجانب في القدس والاستيطان والجدار وغيرها، والمطالبة بتحسين شروط الحياة للفلسطينيين، وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، خصوصاً النواب والوزراء، والتمني بأن تعطي الحكومة الإسرائيلية فرصة للحكومة الفلسطينية القادمة قبل الحكم النهائي عليها.

 

وإذا أردنا التعرف على مدى "ايجابية" الاجتماع علينا أن نشير الى أن أولمرت طالب بإطلاق سراح الجندي جلعاد شاليت دون قيد أو شرط، ووقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتثبيت التهدئة في غزة قبل توسيعها الى الضفة، ووقف تهريب السلاح من مصر الى غزة، ومحاربة ما تسميه إسرائيل الارهاب الفلسطيني. وأكد أولمرت عدم استعداد اسرائيل للاعتراف بالحكومة الفلسطينية القادمة ما دام فيها وزراء من حماس، وما دامت لا تلتزم بشروط اللجنة الرباعية. كما رفض الافراج عن الأموال الفلسطينية التي تحتجزها اسرائيل.

الجديد الذي حمله اللقاء هو نفس ما جاء في التصريحات المثيرة، التي أدلى بها أولمرت قبل القمة بساعات قليلة، حين قال أثناء اجتماع الحكومة الإسرائيلية، إن اسرائيل مستعدة للتعامل مع المبادرة السعودية (لاحظوا قال السعودية وليس العربية لأن هناك فرقاً بين الاثنتين يتعلق بإشارة الثانية في قمة بيروت الى حق العودة) ولكنه أضاف أن هناك نقاطاً ايجابية في المبادرة وطالب بأن تكرس قمة الرياض المقبلة هذه النقاط الإيجابية. ويقصد أولمرت بالنقاط الايجابية استعداد العرب بصورة جماعية للسلام والاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها ومحاربة "الإرهاب" أما النقاط السلبية فهي الحديث عن حق العودة والانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة. أي أن الملاحظات الاسرائيلية على مبادرة السلام العربية إذا تم الأخذ بها ستتحول إلى مبادرة إسرائيلية مثلما تحولت خارطة الطريق الدولية الى خارطة اسرائيلية بعد الملاحظات الإسرائيلية عليها، والتي تعهدت إدارة بوش لإسرائيل بأخذها بالحسبان عند التطبيق، وهذا أدى الى قتل خارطة الطريق الدولية قبل أن تقلع. ولكن استفاقة أولمرت المفاجئة حول مبادرة السلام العربية، يجب ألا نمر عليها مرور الكرام، فهي محاولة إسرائيلية للالتفاف على الفلسطينيين عن طريق العرب، كما أنها ترمي الى تعزيز الجهود الرامية الى تعديل مبادرة السلام العربية، وتشير هذه التصريحات كذلك الى أن هناك طبخة ما على النار، عنوانها الأبرز العمل من أجل التهدئة في فلسطين والعراق ولبنان تمهيداً إما للحرب على إيران أو صفقة تعقدها الإدارة الأميركية مع ايران.

وشملت التصريحات التي أدلى بها أولمرت قبيل اللقاء مع أبو مازن إشارة إلى تعهد من أبو مازن لأولمرت بعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل إطلاق سراح شاليت، وأضاف بأن لا تشكيل للحكومة قبل تحقيق ذلك. وهذا يدل إما على ان صفقة تبادل الأسرى وصلت الى محطتها النهائية، وهذا الأمر بيد أولمرت، فهو إذا وافق على المطالب الفلسطينية التي قدمها الخاطفون يتم إتمام الصفقة فوراً. واما أن أولمرت يفكر بوضع عقبة كأداء جديدة أمام تشكيل الحكومة الفلسطينية.

وذكرت مصادر متعددة أن الرئيس أبو مازن أعرب عن أمله أثناء لقائه مع أولمرت بأن يتم اطلاق سراح شاليت قبل تشكيل الحكومة، والأمر يختلف عن اشتراط تشكيل الحكومة بالإفراج عن شاليت، أنا شخصياً لا أعتبر مجرد اللقاءات الفلسطينية ـ الإسرائيلية على مستوى القمة أمراً ايجابياً، بل هي إذا لم تؤد الى نتائج ملموسة، وإذا لم تستند إلى أفق سياسي واحد على انهاء الاحتلال، مضيعة للوقت وتصب في صالح أولمرت، وإسرائيل لأنها تظهر الطرف الفلسطيني بصورة العاجز الذي لا يملك سوى الاستجداء والمطالبة، وقبول ما تعرضه أو تقدمه اسرائيل مهما كان جزئياً، وليس من الضرورة أن تؤدي هذه اللقاءات الى اختراقات في المستقبل القريب. على صعيد إحياء المفاوضات وعملية السلام. فالمكتوب يقرأ من عنوانه. فما نحن مقبلون عليه هو خطوات جزئية تقدم عليها إسرائيل مقابل تثبيت التهدئة في غزة ومن ثم توسيعها لتشمل الضفة وداخل الخط الأخضر، واطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، ووقف تهريب السلاح ووقف إطلاق الصواريخ مقابل الاتفاق على أفق سياسي غامض يمثل مزيجاً من كل شيء، رؤية الرئيس بوش وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الأمن، بحيث يخرج كل طرف راضياً. الفلسطينيون يتحدثون عن الانسحاب الوارد في بعض هذه المبادرات والقرارات، والإسرائيليون يتحدثون عن أن التفاوض يجب أن يكون سيد نفسه، وان الأمن الإسرائيلي أولاً في الوقت نفسه الذي تمضي الاجراءات أحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل بحيث تكتمل بخلق أمر واقع يجعل الحل الإسرائيلي هو الحل الوحيد المطروح عملياً. والحل الإسرائيلي عنوانه الدولة ذات الحدود المؤقتة.

إن مثل هذا الطريق، لا يوصل إلى السلام، لأن مثل هذا الطريق جربناه وأوصلنا الى ما نحن فيه. إن التجارب السابقة مفترض أن تعلمنا أن أية مفاوضات أو عملية سلام يجب أن تبدأ بوقف العدوان العسكري الإسرائيلي بكل أشكاله، ووقف الاستيطان والجدار وتهويد القدس وفصلها، وتقطيع أوصال الضفة وغزة وعزلهما عن بعضهما البعض، وإذا لم تبدأ على هذا النحو تكون على حساب الفلسطينيين وتعطي لإسرائيل الغطاء والوقت اللازم لاستكمال مشروعها الاحتلالي والاستيطاني العنصري! اللهم اشهد أنني قد بلغت!.

 

 

مشاركة: