الرئيسية » هاني المصري »   01 أيار 2007

| | |
تفعيل م. ت. ف بين المراوحة والانطلاق
هاني المصري

منذ إعلان القاهرة في آذار 2005 تم الاتفاق على إصلاح وتطوير م. ت. ف، بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ورغم مرور أكثر من عامين على هذا التاريخ، ورغم تأكيد الأمر في اتفاق مكة في شباط 2007 لا تزال مسألة تفعيل م. ت. ف تراوح مكانها.

بعد الاجتماع الأخير الذي عقد في القاهرة بين الرئيس أبو مازن ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، أعلن مصدر فلسطيني أن حماس وافقت بشكل نهائي على الانضمام الى م. ت. ف وان اجتماعاً سيعقد في القاهرة في أواخر أيار الجاري أو أوائل شهر حزيران المقبل، ليبت في الخطوات التي من شأنها تحقيق هذا الهدف سواء من خلال ضم الفصائل التي لا تزال خارج المنظمة إليها، أو الاتفاق على كيفية تشكيل المجلس الوطني القادم وموعد عقده، أو فيما يخص إحياء وتفعيل دوائر المنظمة وأنشطتها المختلفة.

 

هناك من يتصور أن تفعيل المنظمة يتحقق بمجرد ضم الفصائل التي لا تزال خارجها إليها. وهذا خطأ كبير، فانضمام الفصائل مهم جداً ولكنه لا يكفي، ويمكن أن يكون ضاراً إذا جاء تجسيداً لمنطق المحاصصة الفصائلية واستبعاداً لمشاركة أوسع الفعاليات والقطاعات الشعبية التي لا تنتمي للفصائل، وقد تكون لا تؤيدها. فالفصائل لعبت دوراً مهماً ولا تزال تلعب دوراً مهماً، ولكنها لا تمثل الشعب الفلسطيني كله، ودون إعادة النظر بدور المنظمة بحيث تكون قادرة على استنهاض طاقات وكفاءات ابداعات الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه، لا يمكن أن يتحقق الهدف المنشود وهو توحيد حركة الشعب الفلسطيني في إطار واحد، وبهدف تحقيق أهداف وطنية مشتركة يقف على رأسها هدف دحر الاحتلال، واقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة العام 7691.

المحاولات الجارية لتفعيل المنظمة والتي تركز على المطالبة المحقة والمشروعة بإجراء انتخابات لتمثيل الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده تصطدم بعقبات ضخمة تحول دون اجرائها على الأقل في تجمعات رئيسية خصوصاً في الأردن الذي يضم غالبية الفلسطينيين الموجودين في خارج وطنهم.

فمن الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل أن يوافق الأردن قبل التوصل الى حل نهائي بين اسرائيل وفلسطين، على إجراء انتخابات يشارك بها أكثر من نصف مواطنيه، لأن ذلك يمكن أن يمس أمن واستقرار الأردن ويزيد فعالية الخلاف بين المواطنين الأردنيين من أصل أردني والمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني.

إذا كانت الانتخابات في الأردن مستحيلة أو شبه مستحيلة، وصعبة في عدد من التجمعات الفلسطينية الأخرى، فإن هذا يجعل البديل الوحيد الممكن عن الانتخابات في كل مكان يتعذر اجراؤها فيه، هو التوافق الوطني.

والتوافق صعب هو الآخر، فحركة فتح تطرح المسألة على طريقة دعوة حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية للمشاركة من خلال مشاركة أعضاء المجلس التشريعي التلقائية في المجلس الوطني، ومن خلال الاتفاق على تمثيل رمزي في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لحين عقد المجلس الوطني بتركيبته الجديدة، والذي سيقوم بدوره بتشكيل المؤسسات القيادية للمنظمة. وهذه الدعوة ترفضها حماس لأنها تطالب بأن تمثل في قطاعات الشعب الفلسطيني بالخارج بنفس النسبة التي حصلت عليها في انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة.

إن دعوة حماس من الصعب القبول بها، لأن انتخابات واحدة لا يمكن أن تؤخذ أداة قياس لتحديد أوزان وأحجام القوى في الشتات، وأن الانتخابات يمكن أن تصلح كأداة قياس فقط بعد عدة دورات انتخابية يتم فيها بلورة خارطة سياسية فلسطينية مستقرة. كما ان آراء وأوزان الاتجاهات المختلفة للشعب الفلسطيني في الخارج ليس من الضروري أن تكون متطابقة مع آراء وأوزان الاتجاهات داخل الوطن، خصوصاً أنها تعيش ظروفاً مختلفة، وتعاني من الإهمال الشديد بعد انتقال مركز الثقل القيادي للحركة الوطنية الفلسطينية، بعد اتفاق أوسلو من الخارج إلى الداخل.

بدون اجراء انتخابات ليس هناك ما يلزم فتح بأخذ رأي حماس، وبالتالي هناك امكانية ضيقة لحدوث توافق، فالناطق باسم حماس رد على المتحدث الفلسطيني الذي أشرنا إليه في بداية المقال، بأن حماس لا يمكن أن توافق على الانضمام للمنظمة على أساس ترقيعها وانما هناك ضرورة لإعادة بنائها وإصلاحها.

وهذا يقودنا إلى نقطة أخيرة، مفترض أن تكون هي قضية القضايا، ولكن يتم تجاهلها، أو الالتفاف عليها، وهي قضية الميثاق الوطني والبرنامج السياسي، فهل ستتم إعادة الاعتبار للميثاق الوطني الذي تم تعديله الى حد الالغاء؟ أم ستتم صياغة ميثاق جديد انطلاقاً من وثيقة الوفاق الوطني؟ وإذا كانت الحكومة الحادية عشرة حتى ترى النور احتاجت لأكثر من ثمانية أشهر من الحورات للاتفاق على برنامجها؟ فكم من الوقت سنحتاج للاتفاق على الميثاق الوطني والبرنامج السياسي؟.

صحيح أن هناك تقارباً في البرامج والمواقف عبر عن نفسه في اتفاق مكة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكنه لم يصل حتى الآن، وبحاجة الى وقت وعمل كبير حتى يصل الى بلورة ميثاق وطني فلسطيني جديد، وبرنامج سياسي مشترك، لذا مسألة تفعيل المنظمة مؤجلة عملياً إلى إشعار آخر رغم أهمية العمل من أجل تحقيقها، ورغم الأهمية الفائقة لإحياء المنظمة لأنها أشبه بالديكور وتعاني من الشلل

 

مشاركة: