الرئيسية » هاني المصري »   18 آذار 2008

| | |
خطوات لبناء الثقة من أجل نجاح جهود المصالحة الوطنية
هاني المصري

من المقرر ان يكون وفدان فلسطينيان يمثلان منظمة التحرير وحركة حماس، قد توجها الى العاصمة اليمنية بدون النية لعقد اجتماعات ثنائية بينهما، وذلك للبحث في المبادرة اليمنية، وتقديم كل طرف لوجهة نظره بصددها.

ومن المقرر ان يتوجه وفد من منتدى فلسطين في وقت لاحق للعاصمة اليمنية، بناء على دعوة يمنية نابعة من قناعة مفادها بان أية مبادرة عربية أو دولية لإنهاء الانقسام والمصالحة الوطنية، على أهمية العوامل العربية والإقليمية والدولية، لا تكفي وحدها وإنما يجب ان تتوفر النية الصادقة للمصالحة فلسطينياً، كما يجب ان تسير مع المبادرات العربية والدولية وبشكل متواز مبادرات وجهود فلسطينية شعبية وسياسية من اجل توفير البيئة الفلسطينية المناسبة للمصالحة، كما توفر أداة الضغط الكفيلة، خصوصاً اذا ولد تيار شعبي فلسطيني ضاغط، يكون كفيلاً بمعاظمة فرص النجاح.

ومن أجل المساعدة على زيادة فرص نجاح المبادرة اليمنية التي أصبحت عربية بعد ان تبنتها جامعة الدول العربية في احد اجتماعاتها، لا بد ان نشير إلى أهمية اتخاذ جملة من الخطوات فوراً من كافة الأطراف الفلسطينية، وبدون إبطاء، لكي تساعد على تهيئة الأجواء المناسبة واللازمة لإطلاق وإنجاح جهود المصالحة الوطنية.

أولى الخطوات المطلوبة، وقف الحملات الإعلامية والتحريض المتبادل، والابتعاد عن كل مفردات التخوين والتكفير والإقصاء والتفرد والهيمنة، وإدانة استخدام العنف لحل الخلافات والنزاعات الداخلية والكف عنه، والكف أيضاً عن اعتبار كل طرف لنفسه: أما يمثل وحده الوطنية والحقيقة والقدرة على تحقيق المشروع الوطني، أو يمثل الدين والمقاومة والاستقامة والإخلاص.

فالوطن للجميع، والدين لله، والاحتلال يستهدف الجميع أنسانا وأرضا وحقوقاً ومقدسات، والمقاومة حق مقدس بكل أشكالها، وخيار لا يمكن ان يتنازل عنه الشعب الفلسطيني ما دام مشرداً، وما دامت أرضه محتله، وما دام الاحتلال يواصل العدوان العسكري بكل أشكاله، ويكثف الاستيطان والجدار وتقطيع الأوصال والحصار وحملات الاعتقال. وما دام لا يوجد أُفق سياسي جدي قادر على إنهاء الاحتلال، يمكن، بل يجب ان نختلف مع بعضنا البعض، ولكن في إطار إستراتيجية وطنية واحدة، وبدون ان يلغي احدنا الآخر، وبدون ان يلقي كل طرف على الآخر تهمة العمالة أو الارتباط بالاحتلال أو خدمته أو الخضوع الكامل للمحاور العربية والإقليمية والدولية.

فالحقيقة الساطعة مثل شمس تموز، والتي لا يستطيع احد ان يخفيها بغربال، ان القرار الفلسطيني يكاد يفلت تماماً من أيدي الفلسطينيين، وأصبح الآخرون هم الذين يقررون بالشأن الفلسطيني. وان استمرار وتعميق حالة الانقسام السياسي والجغرافي يؤديان الى فقدان القرار الفلسطيني كلياً، كما يؤديان الى خضوع أكبر من الأطراف الفلسطينية كافة للمحاور الإقليمية والدولية التي تتحالف معها وتدعمها. وهذا أدى ويمكن ان يؤدي أكثر إلى جعل الاحتلال هو المستفيد الأكبر، ان لم نقل الوحيد مما يجري وما يمكن ان يجري اذا استمر الانقسام.

ثانية الخطوات المطلوبة، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الضفة وغزة، وعدم اعتقال أي إنسان على خلفية سياسية، فلا يعقل ان يعتقل أي إنسان فلسطيني بسبب انتمائه الفكري والسياسي والتنظيمي من أطراف فلسطينية، في وقت يعاني فيه الفلسطينيون على اختلاف انتماءاتهم وفصائلهم وأحزابهم من حملات مستمرة من الاعتقالات من قوات الاحتلال بحيث نجد داخل المعتقلات الإسرائيلية أبناء "فتح" إلى جانب أبناء "حماس" وأبناء كافة الفصائل والأحزاب، ومن أفراد الشعب الفلسطيني الآخرين.

ثالثة الخطوات المطلوبة الامتناع عن اتخاذ أية خطوات أو قرارات أو مراسيم من شأنها تعميق الانقسام. فما حصل سابقاً ومنذ حزيران العام 2007، حين سيطرت حركة حماس بالقوة على السلطة في غزة، وحتى الآن سيعالج عند البحث في المصالحة. المهم الآن عدم اتخاذ خطوات وقرارات ومراسيم جديدة تمس الحريات الفردية والعامة أو تعمق الانقسام وتجعل المصالحة الوطنية أصعب وأصعب.

آخر الخطوات المطلوبة فوراً لتهيئة الأجواء المناسبة الاتفاق على تشكيل لجنة وطنية مستقلة من شخصيات ذات كفاءة، وتحظى بالثقة العامة، وبصلاحيات كاملة، لتقصي الحقائق والتحكيم لوضع اليد على أسباب الأزمة وجذورها واقتراح الحلول المناسبة، ومعالجة ذيول ما نتج عنها من اقتتال، منعاً لردود الأفعال الثأرية والانتقامية، فهناك حقوق خاصة وشخصية لمن قتل او جرح الى حد الإعاقة ولمن تضرر، ولا يجب القفز عنها عند وقبل البحث في المصالحة الوطنية، ومن أجل ان تقف إذا تحققت على إقدام ثابتة!!

 

مشاركة: