الرئيسية » نصري قمصية »   17 كانون الثاني 2016

| | |
تداعيات النزاع السعودي – الإيراني
نصري قمصية

 

تداعيات النزاع السعودي – الإيراني

     د. نصري قمصية

يوم كانت الولايات المتحدة الامريكية تملك القرار السياسي في كل من ايران الشاه, والمملكة العربية السعودية, لم تكن هناك من خلافات بين الدولتين النفطيتين والجارتين حتى عندما استولت ايران على الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي .

بدأت الخلافات في البروز مباشرة بعد الثورة الإسلامية في ايران , إذ ظهر التخوف الخليجي, وعلى راسه السعودية , من امتداد لهيب الثورة او بداية امتداد التاثير الشيعي على الجغرافية السنية في الجوار.

 وبهذا الشعور او الخوف يمكن قراءة التأييد المطلق  الذي قدمته ممالك ودول الخليج لصدام حسين في حربه ضد ايران وهي في مهد ثورتها الإسلامية اما التصعيد الأخير على خلفية اعدام الداعية الإصلاحي نمر النمر  السعودي الجنسية , شيعي المذهب فلم يكن غير قمة تراكمات الصراع بين البلدين في مناطق مختلفة من الإقليم لا سيما في سوريا وفي اليمن  ولبنان .

اعتقد ان ايران بالغت في ردود فعلها على اعدام النمر بالتغاضي عن موجات الاحتجاج الشعبي في ايران واحراق مقرات البعثات الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية , وكان بالإمكان السيطرة على المحتجين دون السماح لهم بانتهاك حرمات البعثات الدبلوماسية من منطلق القوانين الدولية التي  تمنع التعرضلها او المساس بها وبالقائمين عليها بل وتجبر الدولة المضيفة حماية تلك البعثات.

واعتقد أيضا ان المملكة السعودية أخطأت بإعدام النمر , ليس فقط من حيث مبدأ ان الإعدام كعقوبة لم يعد مقبولا على المستوى الدولي والإنساني , بل ان المملكة قامت بزج الشيخ النمر مع قائمة الإرهابيين الذين تم حكم الإعدام فيهم والمعلوم الن الشيخ النمر داعية اصلاح بوسائل سلمية .

اما وقد تمت عملية الإعدام بحق النمر , فان التداعيات لم تتوقف على قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والسياحية بين البلدين , بل اخذت منحى إقليميا وعربيا ودوليا .

على الصعيد الإقليمي تضامنت دول الخليج مع المملكة السعودية باشكال مختلفةمن التصعيد , وهذا متوقع بسبب موقع المملكة السعودية بين دول الخليج الأخرى وتاثيرها السياسي والاقتصادي والديني .

على الصعيد العربي سارعت جامعة الدول العربية الى الانعقاد على مستوى وزراءالخارجية بناءٌ على دعوة المملكة السعودية . كان بيان وزراء الخارجية كالمعتاد من الشجب والادانة لما اسموه " بالتجاوزات الإيرانية " وتشكيل مجموعة عمل لمتابعة هذه التجاوزات في ساحة الأمم المتحدة .

 وليس غريبا ان يؤكد البيان الى ان الوزراء تطرقوا الى مختلف القضايا العربية دون ان يكون هناك ذكر للقضية الفلسطينية , وكأن العدورقم واحد هواليوم  ايران وليس إسرائيل , او ان التناقض الأساسي اليوم هو بين ايران من جهة , والدول العربية من جهة أخرى , وليس غريبا ان تشمل مسودة البيان ادراج حزب الله على قائمة الإرهاب , لولا موقف لبنان ورفضه هذا البند من البيان الختامي.

باختصار كان البترودولار هو صاحب الحزم والالزام , وليس مصالح الشعوب العربية والإيرانية او الإسلامية .

على الصعيد الدولي كان الموقف الأمريكي هو الأكثر حيرة , إدارة أوباما لا تريد التضحية باكبرانجازاتها : الاتفاق النووي مع ايران , ولا تريد التضحية بأكبر واقدم عملائها في الشرق الأوسط : المملكة العربي السعودية , لذا فقد ادانت أمريكا ردود الفعل الإيرانية , ولكنها لم تعلن تاييدها الكامل للمملكة في مسالة اعدام الشيخ النمر من زاوية عدم تبني أمريكا لعقوبة الإعدام بشكل عام .اما الدول الأخرى الكبرى , مثل روسيا فقد دعت الى عدم التصعيد , والى الاستعداد للتوسط في الحل.

بعد هذا العرض الموجز من ازمة الصراع الإيراني – السعودي , ربما يصبح الوقت ضروريا للتساؤل :

أولا . ما هي تداعيات ذاك الصراع على الازمة في سوريا ؟ من المعروف ان  العالم, ولا سيما الدول الكبرى , اصبح على قناعة بان الوقت قد حان للوصول الى حل للكارثة الإنسانية في سوريا , والى الجدية في محاربة الإرهاب الذي اصبح يشكل تهديدا ليس على سوريا والعراق وليبيا , بل على العالم كله .

ومن المعروف ان ايران والمملكة السعودية منغمستان بالكامل في المأساة السورية  وكل منهما على طريقته , السعودية تمول ما تسميهم بالمعارضة , وتركيا تفتح حدودها لكل الإرهابيين الدوليين للعبور الى سوريا بالسلاح والعتاد لمحاربة الدولة السورية.

 ومن المعروف أيضا ان كلا من ايران والسعودية عضوان مشاركان في محادثات فيينا , واللقاء القادم من المفروض ان يكون فب 25 من هذا الشهر.

كيف سينعكس موقف كل من البلدين في هذا المؤتمر؟ وهل كان التصعيد السعودي مع ايران مقدمة لإفشال المؤتمر إياه ؟ وهل التصعيد الإرهابي في سوريا في الأيام الأخيرة هو جزء من تداعيات الصراع الإيراني السعودي ؟ وهل هذا التصعيد الإرهابي جزء مخطط له مع التصعيد بين الدولتين ؟

ثانيا . ما هي تداعيات الصراع الايراي السعودي على الحرب التي تقودها المملكة السعودية في اليمن ؟ هل هذا الصراع سيستخدم في إفشال اللقاء اليمني | يمني المرتقب ؟ وهل الصراع هذا من مخططاته تصعيد غارات التحالف العربي على اليمن ؟ وهل بقي في اليمن اهداف لم تقصفها طائرات عاصفة الحزم ؟

ثالثا . هل من تداعيات النزاع الإيراني السعودي استثمار التحالف الإسلامي الذي شكلته السعودية تحالف بالتلفون كما سُمي | من اكثر من ثلاثين دولة عربية

وإسلامية في سياق تفكير سعودي بحرب عسكرية ضد ايران ؟ واذا كان هذا وارد في التفكير الاستراتيجي السعودي  , فان السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو هل تستطيع السعودية ان تفتح جبهة جديدة إضافة الى جبهة اليمن , لا سيما وان الجبهة الجديدة المحتملة هي مع دولة قوية عسكريا واقتصاديا ؟

وسؤال آخر هل تسمح الدول العظمى للمملكة السعودية باشعال حرب إقليمية يشتعل فيها اخضرها ويابسها , ويحترق فيها عماد الاقتصاد العالمي ؟

هذه  مجرد أسئلة , وأخرى غيرها , يجب ان تُؤخذ في حسبان من يحاول جاهدا اللعب في مقدرات شعوب المنطقة إنْ في السياق السياسي او الطائفي او المذهبي .

اعتقد ان على الدول العربية ان تعي وتحدد من هو عدوها وان لا تخضع لاغراءات البترودولار , وان لا تراهن على استمرارية نفوذ البترودولار .

 

 

 

 

 

 

 

    

 

        

مشاركة: