الرئيسية » مصطفى البرغوثي »   13 تموز 2016

| | |
بيان الرباعية شجع مجزرة نتنياهو الاستيطانية
مصطفى البرغوثي

حيث أن الامور تقاس بنتائجها فان النتيجة الرئيسة لبيان الرباعية كان استفحال مجزرة الاستيطان التي يقودها نتنياهو في الأراضي المحتلة بعد أن شعر بالتشجيع من ذلك البيان.

أما النتيجة الأهم فهي أن الرباعية أثبتت مجددا عجزها عن أن تكون اطارا فاعلا لإنهاء الاحتلال والصراع وإحلال السلام.

وذلك لم يفاجئ من كانوا يعلمون أن اقصى ما يمكن تحقيقه من الإطار المسمى الرباعية ، هو أن تمتنع عن إصدار بيانها الذي صدر. و قد انطبق عليها القول المأثور " صمت دهرا و نطق كفرا".

ولسنا هنا في معرض تحليل كل نقاط بيان الرباعية فلم يعد ذلك ضروريا، ولكن لابد من الإشارة الى أخطر النقاط التي تضمنها من وجهة نظر الشعب الفلسطيني.

أولا..تبنى البيان الرواية الإسرائيلية كاطار عام، وتبنى المصطلحات الإسرائيلية التي تحاول دوما وصم كل نضال فلسطيني حتى لو كان سلميا بصفة الإرهاب والعنف والتحريض.

ثانيا.. ان البيان انحدر من مستوى المساواة بين الطرفين، المحتل والذي تحت الاحتلال، أي بين القامع والمقموع، الى مستوى أخطر بتحميل الضحية والشعب الذي يعيش تحت الاحتلال والحصار المسؤولية الأكبر عن استمرار الصراع، ووقع في فخ الاحابيل الإسرائيلية باتهام الفلسطينيين بالتحريض.

وثالثا..فشل البيان في المطالبة، ولو لمرة واحدة، بضرورة انهاء الاحتلال الذي دخل عامه الخمسين أو حتى مجرد الإشارة الى نظام التمييز العنصري الذي انشأه هذا الاحتلال.

ورابعا.. فشل البيان في المطالبة بشكل واضح بوقف الاستيطان واختبئ للأسف خلف عبارة "سياسة الاستيطان المستمرة" مع أن العالم بأسره يعترف ليل نهار بأن الاستيطان يقضي على آخر إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.

ولكن الأمر الأخطر على الإطلاق أن مضمون البيان يشير الى الجزء الأكبر من المناطق المحتلة كأنها أراضي متنازع عليها، و ليس كأراض محتلة يجب إزالة الاحتلال عنها. و كأن ما يسمى بمناطق (سي ) هي أراضي يجب تقاسمها بين المستوطنين والفلسطينيين، والسماح للفلسطينيين ببعض التنمية فيها.

يحذر بيان الرباعية من خطر زوال حل الدولتين، وبديله الوحيد حل الدولة الواحدة، الذي يتنبأ عن حق بأنه سيكون مصحوبا باحتلال دائم وصراع مستمر (دون امتلاك الجرأة لذكر أنه سيكون نظام أبارتهايد). غير أن البيان لبالغ الأسف لم يفعل سوى دق مزيد من المسامير في نعش حل الدولتين، وسيتحمل مسؤولية ذلك.

ليس غريبا أن يستباح الضعفاء في عصر لا يحترم الا القوة و لغة المصالح، و في وقت مازالت البدائية المتوحشة تخترق فيه سياسات الدول لتشوه ما حققته الإنسانية من قيم حضارية.

غير أن الغريب أن يستمر بعض الناس في المراهنة على المفاوضات والمبادرات السياسية دون إدراك أن ميزان القوى هو ما يحسم نتائجها ويحدد معالمها.

وما جرى لبيان الرباعية قد يحدث للمقترحات الفرنسية أو لمشروع قرار في مجلس الأمن ما لم نركز على الأمر الأساس.. استراتيجية بديلة تعالج نقاط ضعفنا، وأهمها الانقسام، بل الانقسامات، الداخلية و تتبنى كل ما يمكن أن يغير ميزان القوى لصالحنا ولصالح نضالنا العادل من أجل الحرية بما فيها حركة المقاطعة.

مشاركة: