الرئيسية » الأخبار »   14 كانون الأول 2016

| | |
بحضور أكثر من 400 شخص في البيرة وغزة "مسارات" يفتتح مؤتمره الخامس بعنوان "إعادة بناء المشروع الوطني"

البيرة، غزة (وطن للأنباء): افتتح المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجية (مسارات)، مساء أمس الثلاثاء، مؤتمره السنوي الخامس "إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني"، في قاعتي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني (البيرة، غزة) عبر تقنية الاتصال المرئي "فيديو كونفرنس". ويناقش المؤتمر في أربع جلسات مجموعة من الأوراق التي أعدّها باحثون مختصّون، وتستمر أعماله هذا اليوم.

وشارك في افتتاح المؤتمر أكثر من 400 شخصية من السياسيين والأكاديميين وأعضاء من المجلس التشريعي، وممثلين عن مختلف الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني.

وفي كلمته الافتتاحية، قال د. ممدوح العكر، رئيس مجلس أمناء مركز مسارات إنه ليس من قبيل الصدفة أو المبالغة أن اختار مركز "مسارات" عنوان المؤتمر "إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني"، فمن نافلة القول إن الحركة الوطنية الفلسطينية فقدت بوصلتها وضلت طريقها كحركة تحرر وطني، وذلك منذ التوقيع على اتفاقي أوسلو الذي أوصلنا إلى التيه الذي نحن فيه.

وأضاف: "من المفارقة الغريبة والمفزعة في ذات الوقت أن نكبة العام 48 بفقدان القسم الأكبر من وطننا وما صاحبها من تهجير قسري لشعبنا، لم نحتج لبضع سنين كي نستفيق من هول الصدمة ونبدأ خطانا على بوصلة التحرير والعودة".

 صور جلسة الافتتاح

وأوضح أن بعد احتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية في العام 1967 لم نحتج لأكثر من شهور معدودات لبدء المقاومة وانتزاع منظمة التحرير من هيمنة الأنظمة العربية لتصبح ممثلاً للأطياف الفلسطينية، وتحمل برنامج تحرر وطني يتماهى مع حركات التحرر الوطني المعاصرة، لكننا تخلينا طواعية من خلال اتفاق أوسلو عن مشروعنا الوطني في إنهاء الاحتلال والتحرير والعودة. مبينًا أنه "من المفارقة الخطيرة أنه قد مضى علينا الآن أكثر من 23 عاما ولم ندرك بعد أننا فقدنا البوصلة ولم ندرك أيضًا مدى التيه الذي وصلنا إليه بعد أوسلو".

وقال العكر "يكفي أن نسأل أنفسنا أسئلة للوم: ماذا يعني اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود؟ وماذا يعني تعهد منظمة التحرير بالتخلي عن العنف والإرهاب بما يصف تاريخ النضال والمقاومة بالعنف والإرهاب؟ ماذا يدعى عدم الإصرار على وقف كافة النشاطات الاستيطانية وتأجيل البت في الاستيطان إلى مرحلة الحل النهائي التي قد تأتي ولا تأتي والواضح أنها لن تأتي؟، وماذا يدعى قبول عدم شمول القدس ضم ترتيبات المرحلة الانتقالية، مع أن القدس عروس عروبتنا العاصمة الأبدية لدولتنا؟ وماذا يدعى تقسيم أرضنا إلى "أ، ب،ج"؟ وماذا يدعى التخلي عن الممر الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية واستبداله بالممر "الآمن"؟ وماذا يدعى بروتوكول باريس سوى تكريس ارتباط اقتصادنا بالاقتصاد الإسرائيلي، وماذا يدعى تخلينا عن مطلبنا الذي كان متاحًا للإفراج عن أسرانا؟ وماذا يدعى إقامة سلطة نسميها وطنية تحت الاحتلال تقف سداً حائلاً بين شعبنا والاحتلال؟.

وختم حديثه بالقول "إننا بأمس الحاجة لإعادة بناء المشروع الوطني، وهو يعني بناء الفكر والأداة والقيادة للتصدي للمشروع الصهيوني العنصري".

أما هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، فقال إن المركز اختار "إعادة بناء المشروع الوطني" عنوانًا لمؤتمره، لأنه بعد 23 عاما على توقيع اتفاق أوسلو والإصرار على التمسك بالنهج الذي أدى إليه رغم النتائج الكارثية المترتبة عليه لم يعد المشروع الوطني واضحا ولا متفقا عليه.

وتساءل: "هل المشروع الوطني: التحرير والعودة، أم حق تقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، أم إقامة دولة مع تبادل أراضٍ وحلٍ متفقٍ عليه لقضية اللاجئين، أم دولة واحدة ثنائية القومية أو إسلامية أو أي صيغة أخرى من الصيغ المطروحة، أم أن المشروع الوطني يعني قبول الأمر الواقع والاستسلام له والعمل على تحسينه ليس أكثر؟".

وقال: من الملاحظ من خلال التباين في المشاريع الوطنية المطروحة أن هناك من يميل إلى التمسك بالحقوق التاريخية والرواية التاريخية وإهمال الواقع والمصالح الحياتية، وهناك من يميل إلى الدعوة لقبول الممكن و"إنقاذ ما يمكن إنقاذه" وأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان وإهمال الحقوق والمبادئ؟ أعتقد أن المشروع الوطني لا يمكن إلا أن يجمع ما بين التمسك بالحقوق الوطنية التاريخية والحل النهائي الجذري الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بهزيمة وتفكيك المشروع الاستعماري الاستطياني الاحتلالي العنصري الإحلالي وإنهاء نظام السيطرة والتحكم والامتيازات لليهود وإقامة دولة واحدة يعيش فيها العرب واليهود جنبًا الى جنب، معترفًا بهم كمواطنين  وجماعات، وبين الاتفاق على تعزيز الصمود وتأمين الكرامة والحقوق  الوطنية وعى حل مرحلي يتضمن أقصى ما يمكن تحقيقه في ظل المعطيات وموازين القوى القائمة محليا وعربيا وإقليميًا ودوليًا، على أساس فهم السياسة باعتبارها  "من أفضل الممكنات" وليس "من الممكن" الذي يؤدي إلى قبول الواقع كما هو وليس التعامل معه بهدف تغييره، واعتبار ما يتحقق خطوة على طريق تحقيق ما هو مطلوب.

وبيّن المصري أن البرنامج السياسي الذي يمكن التمسك به كحل مرحلي، كبرنامج الحد الأدنى، يقوم على ركائز عدة: أولها، حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني كحق ليس مطروحاً للتفاوض، وثانياً، حل مشكلة اللاجئين حلاً عادلاً بما يضمن العودة والتعويض استناداً إلى قرار 194، وثالثاً، إنجاز المساواة وتحقيق الحقوق الفردية والقومية لشعبنا في الداخل، ورابعاً، الدفاع عن حق الوجود والحركة والحياة والحقوق المدنية والوطنية لجماهير شعبنا الفلسطيني في مخيمات وأماكن اللجوء والشتات.

وأعلن المصري أن المركز استطاع خلال هذا العام الحصول على دعم مقداره 170 ألف دولار، بما في ذلك الدعم الذي قدم لرعاية هذا المؤتمر، وهو لا يشمل الدعم الذي يقدمه داعمو المركز، وعلى رأسهم مؤسس المركز السيد عبد المحسن القطان، ولا الدعم الذي يقدم للبرامج التي ينفذها المركز بالتعاون مع مبادرة الإدارة الأزمات الفنلندية ومؤسسة هينربش بول الألمانية وغيرهما من المؤسسات الشريكة.

وتخلل الجلسة الافتتاحية عرض فيلم قصير عن مركز مسارات بمناسبة مرور خمس سنوات على تأسيسه، تناول إستراتيجيات المركز، وبرامجه، حيث تتوزع أنشطة المركز على برنامجين رئيسيين: الأول مراجعة التجربة الفلسطينية، والثاني دراسة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني. ويركزان على محاولة اقتراح رؤية شاملة لإطار الصراع التحرري، بما يشمل مراجعة الفكر السياسي والمشروع الوطني والميثاق الوطني وأهداف وأشكال النضال وإعادة بناء الوحدة الوطنية. كما يهدف البرنامجان إلى طرح خيارات قادرة على مواجهة المخاطر والتحديات التي تهدد القضية الفلسطينية، وتوظيف الفرص المتاحة لهذا الغرض، إضافة إلى برنامج ثالث مساند يعنى بدراسة التطورات الإقليمية والدولية ذات التأثير على الشعب الفلسطيني وقضيته.

كما تناول الفيلم إنجازات مركز مسارات خلال السنوات الخمس الأولى، حيث عقد 7 مؤتمرات و208 ندوات، وأصدر 26 كتابًا، وأعدّ 207 دراسة وورقة، شارك في إعدادها 131 باحثًا/ة، من بينهم 37 من الشباب، إضافة إلى تنظيم 48 زيارة خارجية، وعقد 34 اجتماعًا لمجلس الإدارة و5 اجتماعات لمجلس الأمناء، فضلًا عن مئات اللقاءات داخل الوطن وخارجه. كما تطرق الفيلم إلى تطلعات المركز المستقبلية في أن يصبح بوصلة فكرية وسياساتية في فلسطين والمنطقة العربية والشرق الأوسط، وأن يضمن انسجام إنتاجه المعرفي والفكري والسياساتي مع هويته ورؤيته ودوره في المجتمع، وأن يساهم بشكل فعال في تجديد الفكر السياسي الفلسطيني عبر بلورة رؤية شاملة تساعد على تحقيق الحلم الفلسطيني في التحرر والعودة وتقرير المصير، بما يشمل الاستقلال الوطني.

وخصصت الجلسة الأولى التي أدارها كل من سعد عبد الهادي، رئيس مجلس إدارة مركز مسارات، وصلاح عبد العاطي، مدير المركز في غزة، للحديث عن أهداف وإستراتيجيات تحقيق المشروع الوطني، حيث قدمت فيها ثلاثة أوراق: وهي: نديم روحانا: هل يمكن تفكيك المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني، وكيف يمكن تحقيق ذلك؟، سيف دعنا: أفكار حول مآلات القضية الفلسطينية، أسعد غانم: نحو مشروع وطني جديد: الفلسطينيون وحق تقرير المصير. وعقب على هذه الجلسة كل من: قيس عبد الكريم، عزمي الشعيبي، غازي حمد، بلال الشوبكي، لورد حبش، كايد الغول.

ويشار إلى أن المؤتمر ينظّم برعاية كل من: مجموعة الاتصالات الفلسطينية (الراعي الرئيسي)، وبنك القدس، ومؤسسة فلسطين للتنمية، والدكتور نبيل القدومي، والدكتور محمد المسروجي، ومؤسسة الناشر، ومؤسسة منيب رشيد المصري للتنمية.

 

مشاركة: