تمّ تصميم وتنفيذ هذا البرنامج بهدف تدريب مجموعة من الباحثين/ات على مهارات تحليل وإعداد السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي، ووضع خطط عمل إستراتيجية تتعامل مع قضايا مختلفة، وكذلك ترويجها. من شأن ذلك أن يساهم في تعويض النقص في توفر مهارات وقدرات بحثية، خصوصاً في أوساط الجيل الشاب من الجنسين. بكلمات أخرى، ينقل البرنامج الباحث من مستوى البحث الأكاديمي والخاص بالتشخيص والتوثيق والفهم إلى إطار البحث "التطبيقي" القائم على التخطيط ووضع برامج العمل التنفيذية، وليس فقط البحث العلمي التقليدي.
في الحالات الكلاسيكية، فإنّ الأفراد وفرق العمل التي تعمل على تقديم أوراق تقدير الموقف ووضع السياسات العامة يَستهدفون، أو يعملون لصالح، صُنّاع القرار وتزويدهم بتحليلات وتوصيات وخطط للعمل. أمّا في هذا البرنامج، فإنّ فلسفته، وبسبب الخصوصية الفلسطينية، تقوم على مفهوم المشاركة الواسعة في تحديد السياسات العامة، وهو مفهوم يتعدى المستويات الرسمية، إلى مجموعات ومنظمات غير حكومية، وشعبية مختلفة، بهدف تقديم تصورات مقترحة وبديلة، وإقناع المعنيين بها.
أضف إلى ذلك، فإنّ خصوصية الوضع الفلسطيني تحت الاحتلال تجعل جزءاً كبيراً من مهمات الحياة اليومية، ومتطلبات الحركة الوطنية الفلسطينية، أمراً تتحمل أعباءه الجهات الرسمية والمجتمع المدني، أكثر مما هو معتاد في المجتمعات الأخرى. وبهذا المعنى، انطلق البرنامج من فكرة مفادها أنّ السياسات العامة تتعلق بجمهور من الرسميين وغير الرسميين، وبما يدعم قدرات الباحثين/ات على المشاركة السياسية من خلال تعزيز هذا الواقع وتطويره.
يعتبر هذا البرنامج الأول من نوعه في فلسطين، لا سيّما من حيث تقديم مفهوم السياسات العامة والتفكير الإستراتيجي للباحثين/ات، وفكرة التخطيط الجماعي. وتعرّف المتدربين/ات على نماذج مراكز عالمية متخصصة في السياسات العامة، وعمليات ومراحل تطوير سياسة عامة، فضلاً عن تحليلها وتقييمها، الأمر الذي يساعد على تطوير ثقافة التخطيط والتفكير الإستراتيجيين بدل حالة العشوائية والارتجال التي تهيمن على قطاعات واسعة من أوجه العمل الفلسطيني، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.