الرئيسية » غانية ملحيس »   03 تشرين الأول 2019

| | |
تساؤلات مشروعة تحتاج إلى إجابات واضحة
غانية ملحيس

تفاءل الشعب الفلسطيني بإعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة في إطار التصدي لـ "صفقة القرن" الجاري تنفيذها بتسارع، عن انتهاج سياسة اقتصادية وطنية مغايرة، من أجل تعزيز الاعتماد على الذات، وتمكين الشعب الفلسطيني من مواصلة الصمود على أرض وطنه، وتقوية مناعته، وتطوير قدرته على مواجهة التوغل الاستيطاني الصهيوني والتصدي لسياسات الضم .

وذلك من خلال العمل بالتوازي على صعيدين:  

الأول: تشجيع وتطوير المنتج الوطني، كمًا ونوعًا، لزيادة مقدرته على تلبية الاحتياجات الاستهلاكية الفلسطينية، ولتعزيز وتنمية قدراته التصديرية الى الأسواق العربية والدولية.

الثاني: السعي لفك الارتهان الاقتصادي والمعيشي الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي (إسرائيل والمستعمرات الاستيطانية المقامة داخل الجزء الفلسطيني المحتل منذ العام 1967.

غير أن الشعب الفلسطيني فوجئ خلال الأيام الماضية بسلوكيات متضاربة، فبالتزامن مع إطلاق خطة العناقيد الزراعية لتوفير المنتجات الزراعية النباتية، وخصوصًا الخضراوات والفواكه، وصدور قرار بوقف استيراد العجول لتشجيع تربيتها في المزارع الفلسطينية في إطار سياسة لإحلال المنتجات الوطنية الفلسطينية محل الواردات من إسرائيل؛ تفاجأ الفلسطينيون كما أشار السيد سمير حليلة قبل أيام "بوجود مئات الأطنان من التمر الإسرائيلي تأخذ شهادة منشأ فلسطينية، وتعبأ وتغلف في مصانع فلسطينية قبل بدء الموسم الزراعي الفلسطيني، وتصدر إلى دول صديقة باعتبارها جزءًا من الكوتا الفلسطينية المعفاة من الرسوم والجمارك، وأن هناك عددًا من الفلسطينيين الرسميين العاملين في أجهزة السلطة الوطنية الإشرافية والرقابية هم شركاء مستفيدون من هذه العمليات المدمرة للاقتصاد الوطني".

كما تفاجأ الفلسطينيون، ايضا، بقيام وزير الزراعة الفلسطيني بالسماح باستيراد 3600 طن زيتون للكبيس، منهم 2000 طن من "إسرائيل"، وذلك قبل موسم قطف الزيتون بأسبوعين (موسم القطاف كما حدده الوزير 15/10/2019 و1/11/2019)، بدعوى أن هذا النوع من الزيتون المروي غير مماثل للمنتج الفلسطيني ورخيص، وتم تبرير ذلك بالسعي للمحافظة على الطاقة التشغيلية للمصانع .

كان يمكن فهم حرص وزير الزراعة على استغلال الطاقة التشغيلية لمصانع تخليل الزيتون، لو أن هذه الصناعة قد استهدفت استيعاب فوائض انتاج الزيتون الفلسطيني الذي يتعذر تسويقه، محليًا وخارجيًا، لأن المهمة الرئيسية للصناعات الزراعية المكملة، وخصوصًا التخليل، والتجفيف والتعليب، هي التكامل مع القطاع الزراعي والحفاظ على استمرارية ونمو الإنتاج الزراعي، واستيعاب الفوائض التي يتعذر تصريفها.

غير أنه لا يمكن فهم إيلاء الوزير المكلف بحماية وتنمية القطاع الزراعي أولوية لصناعة التخليل والتبرير بعدم تماثل الزيتون المستورد مع المنتج محليًا، لأن يعلم أن التنافس لا ينحصر في التماثل، وإنما أيضًا بالبدائل الرخيصة كما هو الحال .

يمكن أيضًا تفهم الحاجة لاستيراد الزيتون للتخليل كإجراء طارئ في المواسم الرديئة فقط، حيث يقل الإنتاج عن المعدل، وهو مخالف للحال حيث تبشر المؤشرات بموسم إنتاجي جيد، كما أن الفجوة يجري تحديدها بعد انقضاء الموسم وليس قبله .

وعندها، يفترض وفقًا للسياسات الحكومية المعلنة أن يتم الاستيراد من مصادر عربية وليس من إسرائيل التي تقتلع مئات آلاف أشجار الزيتون الفلسطينية، وتسرق معظم المياه الفلسطينية المنتجة، لأن استيعاب فوائض إنتاجها من الزيتون في السوق الفلسطيني يخدم سياساتها في اقتلاع الأشجار وسرقة المياه ومصادرة الأراضي .

تحقيق الأهداف الاقتصادية الحكومية المعلنة يحتاج إلى سياسات وسلوكيات اقتصادية كلية وقطاعية تفضي إليها، فهل ستعالج الحكومة التضارب بين الأهداف والسلوكيات على المستويين الرسمي والأهلي؟

مشاركة: