الرئيسية » ندوات »   09 شباط 2015

| | |
الناصرة: المطالبة بتحويل خطوة "القائمة المشتركة" إلى منعطف تاريخي لتعزيز الوحدة

 

خلال حلقة حوارية نظمها مركز مسارات

الناصرة: المطالبة بتحويل خطوة "القائمة المشتركة"

إلى منعطف تاريخي لتعزيز الوحدة والعمل الجماعي

 

الناصرة – خاص: دعا مشاركون في حلقة حوار في الناصرة إلى تحويل ولادة "القائمة المشتركة" لانتخابات الكنيست إلى رافعة لتطوير نضال الشعب الفلسطيني وقواه في الداخل، والتأسيس لعمل جماعي على المستوى الوطني العام في مواجهة السياسات الإسرائيلية اليمينية والعنصرية، مؤكدين أن توقعات وطموحات الجمهور الفلسطيني تتجاوز حدود تعزيز العمل البرلماني الموحد، لتشمل بناء وتوحيد المؤسسات التمثيلية والوطنية للفلسطينيين في أراضي 48، بدءًا بلجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.

وأكدوا على أن الوحدة الوطنية على مستوى الشعب الفلسطيني بشكل عام، وفي أراضي 48 بشكل خاص، هي الطريق لمواجهة مخططات التجزئة والتفتيت الرامية لتحويل الفلسطينيين إلى طوائف، وبخاصة في ظل محاولات إسرائيل لاستغلال ما تشهده المنطقة من أحداث لتمرير المزيد من مخططات الاستيطان والمصادرة والتهويد تحت شعار "الدولة اليهودية".

واعتبر متحدثون خلال الندوة أن التوافق بين أربع قوى سياسية تمثل اتجاهات يسارية وقومية وإسلامية على تشكيل القائمة المشتركة يؤكد إمكانية تعزيز الحوار الوطني للتوصل إلى برنامج وطني عبر لجنة المتابعة العليا، كما يوجه رسالة للشعب الفلسطيني وقواه السياسية عمومًا تؤكد على ضرورة إنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير وعلى أساس برنامج وطني موحد.

جاء ذلك خلال حلقة حوار بعنوان "القضية الفلسطينية .. التحديات والمخاطر والفرص"، نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات، بالتعاون مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية، في فندق "جاردينيا" بمدينة الناصرة، بمشاركة المرشحين ضمن القائمة المشتركة: النائب جمال زحالقة عن التجمع الوطني الديمقراطي، وعايدة توما عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والنائب مسعود غنايم عن الحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي، ورجا إغبارية، الأمين العام لحركة "أبناء البلد"، والبروفيسور مصطفى كبها، رئيس لجنة الوفاق الوطني لتشكيل القائمة المشتركة، ود. خالد أبو عصبة، مدير مركز مسار للأبحاث، وعدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية والاجتماعية من المجتمع الفلسطيني في الداخل.

وافتتح الحلقة الحوارية هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، الذي أشار إلى أن هذه الحلقة تندرج في إطار برنامج دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينية، وتهدف إلى تحفيز الحوار بشأن تحويل التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني إلى فرص وفق رؤية مشتركة تعزز وحدته وكفاحه الوطني. كما تندرج في سياق سلسلة من اللقاءات الحوارية التي تنظم في العديد من التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات.

وقال إن خطوة "القائمة المشتركة" وتوحيد صفوف الأحزاب العربية في الداخل تقدم نموذجًا على أهمية الوحدة والعمل المشترك، لكن التحدي الأكبر يكمن في استثمار هذه الخطوة بما يخدم توحيد الشعب الفلسطيني في الداخل كأقلية قومية في مواجهة المشروع الاستعماري الاستيطاني العنصري، الذي يريد أن يتعامل مع الفلسطينيين كمجرد سكان وطوائف دون حقوق قومية. كما تطرق إلى أبرز المخاطر والتحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وبخاصة استمرار الانقسام الداخلي والأوضاع الكارثية في قطاع غزة المحاصر، مؤكدًا أن إعادة بناء الوحدة الوطنية على أساس القواسم المشتركة ضرورة وليست مجرد خيار من الخيارات، وباتت تستدعي حشد ضغط شعبي وسياسي متزايد باتجاه تحقيق الوحدة.

وأشار خليل شاهين، مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات، إلى برنامج الحوار الوطني الذي ينفذه المركز بالتعاون مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية، الذي يركز على المساهمة في بناء رؤية مشتركة للتحديات التي يواجهها الفلسطينيون ومتطلبات الكفاح الموحد لمواجهتها، وكذلك دور منظمة التحرير في معالجة مشكلات تجمعات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وفق خصائص وأولويات كل منها، منوّها إلى أن سلسلة من اللقاءات الحوارية نظمت حتى الآن في عدة مدن بالضفة الغربية وفي لبنان وبريطانيا، كما سينظم المزيد قريبا في قطاع غزة وعمان والولايات المتحدة.

وفي الجلسة الأولى، تحدث زحالقة عن ولادة "القائمة المشتركة" عبر التوافق للمرة الأولى بين اتجاهات شيوعية ويسارية وقومية وإسلامية، منوها إلى الاتفاق بين الأحزاب السياسية الأربعة الممثلة في القائمة على برنامج سياسي مشترك، يتضمن القضايا والمبادئ الموجهة التي تخص الفلسطينيين في أراضي 48، ولذلك فإن الإنجاز المهم الذي تحقق يكمن في مسألتين: الأولى تشكيل "قائمة مشتركة"، والثانية اعتماد برنامج متفق عليه.

وقال: نأمل في تحقيق عدة أهداف من أبرزها منع الاستقطاب السياسي والطائفي. لذلك، قررنا أن نحمي أنفسنا في مواجهة المخططات الإسرائيلية والاتفاق على تحدي العنصرية والفاشية ومصادرة الأراضي، وهي القضايا التي تشكل أصلًا أساسًا للاتفاق بيننا. وفي سياق ذلك، كان حاضرًا أمامنا ما يجري على الساحة الفلسطينية في ظل الانقسام، ونأمل أن يشكل الاتفاق على القائمة المشتركة رسالة وحدة إلى شعبنا الفلسطيني.

وأضاف زحالقة: لا يوجد أمام الفلسطينيين سوى خيار الوحدة في إطار كيان واحد يسهم في خلق حركة موحدة ومنظمة وفق إستراتيجيات جديدة للمواجهة. لكننا لا نستطيع أيضا انتظار حدوث كل المصالحات، لا سيما في القدس التي تواجه مخاطر كبيرة، وينبغي العمل على تعزيز الوحدة والعمل المشترك في الأماكن المهددة خارج مناطق السلطة الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس التي باتت بحاجة إلى تشكيل قيادة ميدانية. كما يمكن العمل على توحيد الأطر الناشطة في أوساط التجمعات والجاليات الفلسطينية في الشتات، وهو ما يعطي أهمية كبيرة للحوارات والفعاليات التي يقوم بها مركز مسارات في الوطن والشتات، فهو مركز مستقل يتفاعل مع جميع ألوان الطيف السياسي، وينطلق في نفس الوقت من أرضية فكرية واضحة المعالم.

بدورها، حذرت توما من التعامل مع تشكيل القائمة المشتركة كأنها الهدف النهائي وليست البداية لخوض المعركة الحقيقية، ما يعني الحاجة إلى العمل الجدي وتجنيد الطاقات لرفع نسبة مشاركة الجمهور العربي في الانتخابات لضمان الحصول على أفضل تمثيل للجماهير والقوى الفلسطينية والتقدميين اليهود من خلال دعم القائمة المشتركة.

واعتبرت أن المطلوب الآن هو "الاستمرار في فتح المزيد من قنوات الحوار والعمل المشترك، فالقضية ليست مجرد وحدة كراسي أو عمل برلماني مشترك، لأن الجمهور الفلسطيني يريد أكثر من ذلك". وقالت: إننا نواجه تحديات كبرى من أهمها خلق ثقافة سياسية مختلفة تهدف إلى دعم الحوار والعمل الفلسطيني المشترك من خلال لجنة المتابعة، والتصدي لمخططات الشرذمة التي تصاعدت بهدف تحويلنا إلى طوائف عبر استغلال المؤسسة الإسرائيلية ما يحدث في المنطقة لخدمة مقولاتها حول يهودية الدولة وتمرير مخططات التجنيد ومحاولات فصل المسيحيين عن شعبهم وهويته الوطنية.

وشددت على أهمية توصل الأحزاب الأربعة إلى اتفاق على برنامج سياسي يحفظ لمختلف الاتجاهات حرية التعبير عن أرائها، مؤكدة أن تجربة إدارة الحوارات والخلافات التي رافقت تشكيل القائمة المشتركة يجب أن تشكل نقطة الانطلاق لاستكمال النقاشات الأيديولوجية والسياسية بهدف توحيد العمل المشترك في مواجهة السياسات الإسرائيلية، ومن أجل معالجة مشكلات المجتمع الفلسطيني في الداخل، وفي مقدمتها قضايا العنف الداخلي والجرائم وانتشار السلاح والآفات الاجتماعية المختلفة.

من جانبه، قال غنايم: إن السؤال المطروح خلال هذه الحلقة الحوارية حول كيفية تحويل التحديات التي تواجهنا إلى فرص هو السؤال الذي يواجهنا منذ النكبة العام 1948، وعلينا التفكير في الرد الخلاق وفق مبدأ التحدي والاستجابة، وعلى أساس الرد على النكبة بالحفاظ على الهوية، واعتماد مبدأ التعاون والتنسيق الجماعي في التصدي للسياسات الإسرائيلية، واستكمال تأسيس المؤسسات التمثيلية بشكل جماعي، واعتماد آليات النضال الوحدوي.

وأضاف: تشكيل "القائمة المشتركة" تم في ظروف لا يمكن إنكارها، مثل رفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست، لكن بأيدينا أن ننجح أو أن نفشل في استثمار هذه الخطوة بطريقة لا تقتصر على التنسيق البرلماني المشترك، بل تمتد لتشمل تعزيز وحدتنا في مواجهة سياسات التجزئة وتفريغ الأرض وإحلال السكان والسياسات العنصرية المتنامية.

وتابع غنايم: القائمة المشتركة إنجاز تاريخي، لكنها بانتظار أن تصبح رافعة ومنعطفا تاريخيًا لتأسيس عمل جماعي على المستوى العام، وأن لا يبقى العمل المشترك فوقيا، بل يشمل الناس إضافة إلى إرساء ثقافة الحوار وتنظيم إدارة الخلافات.

وفي الجلسة الثانية، قال إغبارية: الوحدة الوطنية التي تشكل أكبر تحد لنا في أراضي 48 ينبغي أن تتجسد في لجنة المتابعة وغيرها من المؤسسات الوطنية. ومع ذلك، فإننا في حركة أبناء البلد ليس هدفنا إفشال القائمة المشتركة التي شُكِّلت تحت ضغط رفع نسبة الحسم، لكننا نأمل أن تشكل مدخلًا للوحدة الوطنية، وبخاصة في ظل التأثيرات السلبية المحتملة لديناميكية الصراع بين القوى السياسية ضمن هذه القائمة.

واعتبر أن التحديات الأبرز التي تواجه الشعب الفلسطيني تتمثل في تصفية الاحتلال وعودة اللاجئين إلى الديار التي هجروا منها، والانقسام الداخلي، ومخاطر استئناف المفاوضات بعدما أفشلت إسرائيل "حل الدولتين" عبر إجراءاتها على الأرض. وقال: الاستمرار في المفاوضات لا يشكل سياسة تؤدي إلى الوحدة، بل ما يؤدي إليها هو الاتفاق على مشروع وطني مقاوم. والخروج من الأزمة الحالية يتطلب إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، بما يشمل الفلسطينيين في أراضي 48.

وأضاف إغبارية: على مستوى أراضي 48، نحتاج إلى إعادة بناء لجنة المتابعة والدستور، وبحث تشكيل تشكيل لجنة توجيه وطني خارج إطار لجنة المتابعة، إلى جانب مواجهة السياسات الإسرائيلية كالمصادرة ومحاولات فرض الخدمة العسكرية أو المدنية وغيرها.

واستعرض كبها التحديات الخارجية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وبخاصة جراء المشروع الصهيوني وتداعياته المستمرة على حقوق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى التحديات المتعلقة بتأثيرات العوامل الإقليمية والدولية. كما تناول أبرز التحديات الداخلية، وبخاصة تشظي الهوية الوطنية وتجزئة الشعب والوطن، وتراجع وتشوه عملية التمدن في الداخل منذ النكبة العام 48، واستشراء الطائفية والفئوية والعنف، وتآكل العلاقة مع الأرض بسبب السياسات الإسرائيلية.

وقال: تشكيل القائمة المشتركة نقطة مفصلية بغض النظر عن تعريفها، سواء كقائمة عربية مشتركة أم قائمة مشتركة تضم يهودا، وهي تعتبر تجسيدا لجانب من الإرادة الشعبية من خلال مشاركة قوى رئيسية فيها، لكن الطريق مفتوحة للنضال في ميادين أخرى غير موضوع المشاركة في الكنيست. والمهم هو أن لا نصل إلى طلاق بين المشاركين في القائمة بعد الانتخابات، وأن تبقى إطارًا للتنسيق في هذا الميدان، والتركيز على الميادين الأخرى من خلال المأسسة والتوافق على أسس المصلحة العامة والخروج من رواسب الخطاب السابق الذي ركز أكثر على ما يفرق، والابتعاد عن التشنجات العقائدية والسياسية، بما يتيح الاتفاق على قواسم مشتركة عبر الحوار لمواجهة التحديات التي تتجاوز الاختلاف الأيديولوجي لأنها تتعلق بتحدي الوجود قبل أي شيء، أي أن تكون أو لا تكون.

بدوره، ركز أبو عصبة على التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الشعب الفلسطيني في الداخل، مثل تراجع التمدن والنهضة المبتورة المشوهة بفعل ما حدث قبل وبعد عام النكبة، مؤكدا على أهمية طرح خطاب وطني فلسطيني، وتجاوز القيادات المحلية للواقع الطائفي الحمائلي العائلي، إلى جانب النهوض بدور المثقفين والأكاديميين ومراكز الأبحاث في الإنتاج الفكري والتصدي للظواهر السلبية وطرح الحلول للمشكلات التي يواجهها المجتمع الفلسطيني.

وتطرق إلى القائمة المشتركة، التي تزامن تشكيلها مع رفع نسبة الحسم في الانتخابات، منوها إلى أن ذلك من شأنه إضعاف مصداقية التوجه نحو الوحدة أمام الشارع الفلسطيني. وقال: ما حدث هو تحالف انتخابي، والأفضل ألا يتم وصفه باعتباره تعبيرا عن إرادة الشعب، وبخاصة أن هناك قوى تعد جزءا من الشعب استثنيت من المشاركة في القائمة وأخرى لا تشارك في الانتخابات أصلا. وقال: مع ذلك، أنا مع التوجه نحو التحالف الانتخابي، دون أن نعتبره وحدة للشعب، بل أن نركز على تجسيد إرادة الشعب من خلال بناء البرنامج الوطني عبر لجنة المتابعة.     

  

مشاركة: