الرئيسية » الأخبار »   25 آب 2020

| | |
الفلسطينيون بحاجة إلى إستراتيجية قائمة على الشراكة وخارطة طريق تضمن إنهاء الانقسام وإعادة بناء المنظمة وتغيير السلطة

رام الله – وطن للأنباء: افتتح المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، مؤتمره التاسع بعنوان "فلسطين ما بعد رؤية ترامب .. ما العمل؟، في قاعة الهلال الأحمر بالبيرة وفندق المتحف بغزة وعبر تطبيق زووم، بمشاركة المئات من مختلف الأجيال والألوان وأمكان تجمعات الشعب الفلسطيني، إضافة إلى مشاهدة عشرات الآلاف لجلسات المؤتمر عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ويأتي افتتاح المؤتمر تتويجًا لسلسلة من الورش التحضيرية التي انطلقت منتصف تموز 2020، لمناقشة مسودات أوراق عمل من إعداد مجموعة من الخبراء، الذين عكفوا على اقتراح بدائل سياساتية وإجراءات عملية تفصيلية تتعلق بالمحاور الرئيسية التي يتناولها التقرير الإستراتيجي للمؤتمر، مثل القدس بين العام والخاص، ودور فلسطينيي الخارج، وإسرائيل 2020: حسم الصراع على الضفة الغربية، وزيف الرواية الصهيونية في رؤية ترامب، إضافة إلى مستقبل قطاع غزة والسلطة، والانتخابات في الشرط الفلسطيني. وقد شارك في هذه الورش التي قدمت إسهامًا جادًا في الإجابة عن سؤال "ما العمل" المئات من مختلف التجمعات.

وعقد المؤتمر برعاية كل من: شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية جوال (الراعي الرئيسي)؛ بنك القدس؛ مؤسسة منيب وأنجلا المصري؛ شركة المشروبات الوطنية؛ مؤسسة الناشر للدعاية والإعلان؛ د. محمد مسروجي؛ شبكة وطن الإعلامية (الراعي الإعلامي).

تمحورت جلسة الافتتاح حول فلسطين والمجتمع الدولي في ظل رؤية ترامب، وتحدث فيها كل من: توماس نيكلسون، نائب ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، وقواه واي، السفير الصيني في فلسطين، وناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وسعد عبد الهادي، رئيس مجلس إدارة مركز مسارات، وهاني المصري، مدير عام المركز.

مسارات: جاهزية بنائنا الذاتية منذ اوسلو حتى اليوم تستدعي منا وقفات جادة

وفي افتتاح المؤتمر، أكد عبد الهادي أن سؤال "ما العمل" يبدو مكررًا ولكنه مركزي في كل زمان ومكان، خاصة أننا نعاني من وباء كورونا ووباء الاحتلال، وحالنا سيئ، ويشبه حقبة وعد بلفور واتفاقيتي "سايكس بيكو" و"سان ريمو"، وهناك متغيرات إلى الأسوا في إسرائيل وعند العرب، وخاصة دول الخليج، وكذلك الوضع ما بعد انفجار مرفأ بيروت.

وأضاف عبد الهادي إن شعار "إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير تستدعي دراسة أوفى لشكلها، وطريقة عملها، وعلاقتها بالسلطة، ما يتطلب نهجًا جديدًا وشاملًا، ونأمل من مؤتمرنا إعادة النظر في الكثير من القضايا والبديهيات، كأن نقول أي دولة وأي كيان نريد، وأي سبيل نسلك، وأي بناء يجب أن نعمل من أجله، وبأي أدوات".

وتابع عبد الهادي: "إن الزيف ليس في رؤية ترامب وحده، وإنما في رؤية كل قوى الظلام منذ مئتي عام، بدليل أن ملكة بريطانيا احتفلت بذكرى 100 عام من وعد بلفور بدلًا من ان تعتذر عنه، مثلها مثل العديد من الدول الأوروبية التي لا تعترف بالدولة الفلسطينية، ما يستدعي إعادة النظر في الموضوع الذي لم ننجح فيه، وكيف يمكن تعرية كل هذا الزيف".

المصري: هناك ضرورة وحاجة لوضع رؤية وخارطة طريق فلسطينية للخروج من الأزمات التي نمر بها

قال هاني المصري إن الظروف التي نمر بها اقتضت من المركز أن نلجأ إلى هذا الأسلوب لعقد المؤتمرات، بسبب التحديات والظروف، وأن نكون بمستوى التحديات، مشيرًا إلى أن الاختيار المتكرر لعنوان المؤتمر "ما العمل؟"، جاء بسبب عدم وجود إجابة فلسطينية وافية على هذا السؤال، ما يبقي السؤال مطروحًا في ظل ما يعانيه الوضع الفلسطيني من تحديات، وعدم توفر إجابة قادرة على النهوض بالواقع الفلسطيني والوضع الداخلي الذي بحاجة إلى علاج لمواجهة التحديات التي تهدد القضية الفلسطينية.

 وقال المصري إن المؤتمر الحالي اتخذ شكلًا جديدًا، حيث جرى عقد سبع ورشات ناقشت قضايا محورية مختلفة، وحاولنا التقدم بالنقاش والدخول بالتفاصيل والاختلافات، لأننا إذا لم نشتبك مع بعض لا يمكن بلورة إجماع وطني فلسطيني مهم وضروري كوننا نمر في مرحلة تحرر وطني، وهذا لا يعني أن "فتح" تصبح "حماس" أو العكس، مضيفًا أن المؤتمر سيشهد جلسة افتتاحية، وجلسات أخرى بمشاركة القيادات والمفكرين والأكاديميين والشباب.

وأكد أن الإجماع الوطني هو الاتفاق على قواسم مشتركة وأسس شراكة، وخاصة لأن الخطر يهددنا كلنا، فلا أحد بخير، والمشروع الصهيوني الاستعماري يهددنا جميعًا، وهدفه تصفية القضية وطرد الفلسطينيين في نهاية الأمر. فإذا نجحت رؤية ترامب ستكون المرحلة المقبلة تهجيرنا مرة أخرى، وما قانون القومية الذي أقرته إسرائيل إلا دليل على أن العنصرية أصبحت دستورًا في إسرائيل، وتتعمق عنصريتها أكثر من اي وقت مضى، وعادت لطرح بناء "إسرائيل الكبرى"، لذلك من المهم أن نتوحد ولا نكتفي بعقد لقاء ومهرجانات، فهذا ليس بمستوى التحدي والخطر، لأنه لا يمكن إنهاء الانقسام حتى إشعار أخر.

وأشار إلى أن يجب علينا التصدي للصعوبات، وإذا كانت القيادات لا تقوم بدورها، فعلى الشعب والمؤسسات والقوى الضغط لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أسس وطنية وشراكة حقيقية وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، ومنع استفراد أي فصيل في الضفة وغزة، فالكل يجب أن يكون له مكان بما يتناسب مع وزنه، ونحن بحاجة إلى كل فرد، لأن المخاطر والتحديات كبيرة وتهدد الجميع.

وشدد المصري على ضرورة إزالة العقبات التي منعت اتفاقيات الوحدة، ومنها أنها تجنبت بعض القضايا المهمة، مثل الاتفاق على البرنامج الوطني وأسس الشراكة، وغلبت المصالح الفئوية على المصالح العامة، في ظل استقطاب ثنائي يجب العمل على كسره وتجسيد التعددية.

وأضاف: لتحقيق الوحدة، لا بد من اللجوء إلى حل الرزمة الشاملة، لأننا جربنا خيارات الانتخابات أولًا والحكومة أولًا وغيرهما، ووصلنا إلى طريق مسدود، لذلك يجب اعتماد رزمة واحدة تضم كل تلك التوجهات، لافتًا إلى أن السلطة التي قامت شئنا أم ابينا وصلت إلى طريق مسدود، وفشل مشروع المفاوضات والتسوية كما تعطلت إستراتيجية المقاومة المسلحة الأحادية، لذلك نحن بحاجة إلى رؤية تجمع الشعب الفلسطيني بكل أماكن تواجده، وتصب في اتجاه واحد، وهو دحر الاحتلال، والعودة، وإنجاز الاستقلال، والمساواة.

وأوضح أن تحقيق الوحدة ضرورة لا غنى عنها، حتى لو كانت الوحدة صعبة وتكاد تكون مستحيلة، فالتاريخ هو صناعة المستحيلات، ولقد كان تحرير فلسطين واقامة دولة فلسطين على حدود 1967 مستحيلة في ظل موازين القوى، فهل نستسلم أم نعمل مرحلة وراء مرحلة على تحقيق هذه الأهداف وتوفير كل مستلزماتها؟

وأكد أننا نريد السلام، ولكن السلام الذي يحقق حقوقنا لا يتحقق عبر عملية التسوية والمفاوضات المختلة، التي لا تعتمد على مرجعية واضحة ولا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة، فهذه التسوية التفاوضية فشلت، ويجب الكف عن محاولة إعادة إنتاجها، وكان محكومًا عليها بالفشل، ونحن بحاجة إلى تغيير المعطيات حتى نستطيع تغيير الواقع، لأن حقوقنا يجب ألا تكون عرضة للتفاوض، لأنها مقرة في الأمم المتحدة، فالتفاوض يجب أن يكون حول تطبيقها، وليست أن تكون قابلة للتفاوض ومطروحة على طاولة المفاوضات.

وحول الدعوات الفلسطينية لعقد مؤتمر دولي للسلام، قال المصري: "نعم، نريد مؤتمرًا دوليًا، ولكن لا يكون منصة لبداية المفاوضات، والعودة إلى مفاوضات تحت رحمة الاحتلال، فنحن نريد مؤتمرًا مستمرًا كامل الصلاحيات، وملتزمًا بقرارات الامم المتحدة وهذا بعيد عن التحقيق، فلا يكفي كسر الرعاية الأميركية. أما الآن، فالوقت لا يسمح بعقد مثل هذا المؤتمر، لذلك يجب أن نركز على تغيير موازين القوى، من خلال المقاومة والمقاطعة التي تجعل الاحتلال خاسرًا، ومن يدعمه كذلك خاسرًا، وهذا هو الطريق الذي يمكن أن يوصلنا إلى ما نريد.

وأشاد المصري بالإجراءات والقرارات التي اتخذتها منظمة التحرير، مضيفًا أنها أقل من مستوى التحديات وأقل من الممكن، ولا يجب وقف العمل بالاتفاقيات فقط، وإنما وضع رؤية وخارطة طريق، والمراهنة على العامل الفلسطيني، لأنه من يستطيع أن يفعّل العاملين العربي والدولي، وإقامة جبهة عالمية تجعل إمكانية تطبيق رؤية ترامب والتطبيع والضم فاشلة، وهذا لا يكون بالشتم وكيل الاتهامات والتحريض، وإنما بوضع الخطط والقيام بعمل دؤوب متراكم حتى نحقق ما نصبو إليه، مشيرًا إلى أن قضيتنا عادلة ومتفوقة أخلاقيًان وتستطيع استقطاب التأييد، خاصة أننا في عالم متغير، في ظل صعود قوى دولية إقليمية، وعلينا الرهان على تلك المتغيرات للتقدم إلى الأمام.

الصين: ندعم فلسطين وأن تكون قضيتها على رأس الأجندة الدولية

قال السفير قواه واي إن مركز مسارات مؤسسة فكرية مشهود لها في فلسطين والمهجر، ومنذ تأسيس المركز يساهم مساهمات حيوية ويقدم وجهات نظر ثاقبة في صياغة السياسات والتخطيط في فلسطين، وعلى صعيد القضية الفلسطينية.

وأوضح أن الأوضاع في الشرق الأوسط تواجه جملة من التغييرات والتحويلات، خاصة بعد إعلان ما تسمى صفقة القرن، حيث تتمحور العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية وتنجر عملية السلام إلى حافة الهاوية وتزداد مخاطر التصعيد والصراعات في المنطقة، مضيفًا أن "الصين كونها العضو الدائم في مجلس الأمن وذات مسؤولية، تدعم قضية شعب فلسطين العادلة، وتعمل بشكل مشترك مع كافة الأطراف لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، على أساس القانون الدولي وقرارت الشرعية الدولية".

وتطرق السفير إلى مبادرة الرئيس الصيني في العام 2017، التي طرحها خلال لقائه بالرئيس محمود عباس في بكين، وتضمنت 4 نقاط حول القضية الفلسطينية، إذ ترى الصين أنه يجب عدم مخالفة الإجماع الدولي المتمثل بحل الدولتين، الذي يعد الحد الأدنى للإنصاف والعدالة، ولا يمكن عكس مسار التاريخ"، مضيفًا أن "الصين تدعم فلسطين في تأسيسها دولة مستقلة وذات سيادة كاملة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، فهذا حق وطني غير قابل للتصرف لشعب فلسطين، ولا يمكن المساومة أو السماح لأي صفقة".

وأشار إلى أن قرارات الأمم المتحدة هي الأساس لحل قضية فلسطين، ويجب تأكيد الالتزام بها، ولا يمكن التحرك من خلال إجراءات أحادية الجانب لا تؤدي إلّا إلى تفاقم الخلافات وتقويض الثقة المتبادلة، والطريقة الوحيدة هي استخدام الحوار بين الجانبين لنزع فتيل النزاع وبناء الثقة، وإيجاد فريق للتبادل السلمي كجيران، موضحًا أن بكين تدعو كافة الأطراف لمواصلة الالتزام بمحادثات السلام كخيار إستراتيجي، والبناء على نتائج المحادثات السابقة، والامتناع عن أمور وأوضاع قد تزيد من حدة التوتر".

وشدد السفير على ضرورة عدم تراجع الدعم الدولي، فمن اللازم أن تبقى القضية على رأس الأجندة الدولية بدًا من أن تكون مهمشة، كما على المجتمع الدولي والدول التي لها تأثير التمسك بموقف موضوعي وعادل، والعمل الجاد والإيجابي لدفع عملية السلام"، مؤكدًا أن بكين تؤيد مبادرة الرئيس عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء آلية متعددة الأطراف موزعة للسلام، ولدى الصين توجه إيجابي لمشاركتها بطريقة مناسبة".

وأكد السفير على ضرورة عدم تجاهل القضايا الانسانية، حيث تواجه الاوضاع الاقتصادية والانسانية تحديات خطيرة في ظل جائحة كورونا، ومن الضروري انهاء حصار غزة والوفاء بالالتزامات والمعاهدات الدولية حيث تعمل الامم المتحدة والاونروا، على تخفيف الوضع الانساني للاجئين وتخفيف الضغط عن الدول المضيفة، ويجب على المجتمع الدولي دعم فلسطين بالتنمية الاقتصادية وتسيير عمل الاونروا وتحسين الوضع الانساني، مبديا عارضة بلاده لاستخدام تهديد وقف المساعدات كاداة لممارسة الضغوط.

وأضاف السفير أن الرئيس الصيني أكد أن الصين وفلسطين شقيقتان وشريكتان، حيث تواصل الصين تقاسم الخبرات مع فلسطين دون تحفظ، وتقدم الدعم الفني، وتنفيذ المشاريع المفيدة لتحسين حياة الشعب وتنمية الاقتصاد، والتعاون مع فلسطين، ودعم قضيتها، ومساندتها في مكافحة جائحة كورونا وتحقيق السلام في المنطقة.

وأكد السفير أن "موقف الصين من فلسطين ثابت وواضح، وسنستمر في دعم قضية شعب فلسطين العادلة لاستعادة حقوقه الوطنية الشرعية وإقامة الدولة الفلسطينة بثبات، وتخفيف التوترات في الشرق الأوسط، وتعزيز السلام، وإعادة القضية إلى مسار الحوار والمفاوات على قدم المساواة ولعب دور ايجابي وبناء في ذلك.

الاتحاد الأوروبي: رؤية ترامب تهدد الحقوق الفلسطينية

قال توماس نيكلسون إن ما تسمى رؤية ترامب وخطة الضم تهدد الحقوق الفلسطينية، وتأتي هذه التحديات التي نواجهها في الوقت يواجه الفلسطينيون والإسرائيليون وبقية العالم جائحة كورونا، وتحديات في الاقتصاد والتعليم والاندماج.

وأكد نيكلسون التزام الاتحاد الأوروبي بشكل كامل بالشراكة عبر الأطلسي، مقدرا كل الجهود المبذولة للبحث عن حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لافتًا إلى أن الاتحاد الأوروبي دعم الحل التفاوضي بناء على حل الدولتين وفق حدود 1967، مع تبادل أراضٍ متساوٍ تتفق عليه الأطراف، بوجود دولة فلسطين المستقلة والمتوصلة جعرافيًا والقابلة للحياة، مع تبادل معترف بين الجانبين، مؤكدًا أن رؤية ترامب ابتعدت عن المعايير المقبولة، وأن هذه الإدارة اتخذت منحى يركز على القضايا المحلية قبل الانتخابات الأميركية.

وجدد موقف الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن مخطط الضم يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، وأن الاتحاد لن يعترف بأي تغيرات قد تنجم عن الضم، ولا بسيادة إسرائيل على المناطق المحتلة العام 1967، وهو يراقب الوضع عن كثب، مشيرًا إلى أن الضم الرسمي لمناطق من الضفة سيضر بآفاق التعاون حول حل الدولتين الذي ندعمه، ونحث إسرائيل على الامتناع عن أي قرارات أحادية تؤدي لضم رسمي أو أي أجزاء رسمية لأراضي فلسطين المحتلة، ومشددا على أن الاتحاد الأوروبي سيدعم استئناف أي عملية لتحقيق الدولة الفلسطينية بالطريقة المناسبة لبناء سلام عادل وحل قضايا الوضع النهائي، من خلال المفاوضات المباشرة، بما يشمل قضايا الحدود والقدس واللاجئين والأمن.

وأكد نيكلسون أن تنفيذ مخطط الضم ستكون له أثار على علاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي، ونحن في هذه المرحلة لن نحكم عى الآثار المحتملة للضم، ولكن الاتحاد لديه التزامات ومسؤوليات ملتزم بها حسب قانون الاتحاد والقانون الدولي، وقد حددنا أن خطواتنا ستتخذ في حال تمرير مخطط الضم، مشيرًا إلى أن الضم لم يحدث حتى الآن، وأن التزام إسرائيل بتوقيف الضم الأحادي خطوة إيجابية وغياب للخطوة السلبية.

وتطرق إلى إعلان نتنياهو أن مخطط الضم لا يزال على الطاولة، حيث قال "إن الاتحاد الأوروبي يواصل العمل ديبلوماسيًا ليس من أجل وقف مخطط الضم، وإنما من أجل التخلي عنه نهائيًا"، لافتا إلى أن جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مرر رسالة واضحة للحكومة الإسرائيلية حول تأثير الضم، مؤكدًا ان الاتحاد الأوروبي يستخدم قدراته الدبلوماسية لمنع حدوثه.

وقال نيكلسون إن الاتحاد الأوروبي يرحب بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، فذلك قد يكون مفيدًا للبلدين وخطوة أساسية للاستقرار في المنطقة، مشيرَا إلى أن رسالتنا لإسرائيل واضحة بضرورة اتخاذ قرار بوقف الضم والدخول في مفاوضات، ومن خلال وقف الاحتلال للضفة وغزة يمكن أن تحقق إسرائيل السلام والرفاهية لشعبها، وتحقق العلاقات المنشودة مع العرب وأوروبا.

وأكد نيكلسون أن بوريل كان على تواصل مع القيادة الفلسطينية وممثلين عرب، وأن العمل سيتواصل مع الأطراف كافة للتوصل إلى حل تفاوضي بناء على المعايير الدولية، وفق الحقوق المتساوية للجميع.

وقال: "لقد مر أكثر من 50 عامًا على احتلال الضفة والقدس الشرقية، وفي ظل مخطط الضم، فإن الفلسطينيين يجدون أنفسهم في موضع غير منصف وغير عادل، لا سيما في ظل الاحتلال العسكري، وازدياد صعوبة الواقع في ظل توسع المستوطنات غير الشرعية، وتلاشي حل الدولتين، والصعوبات الجمة التي تواجه الفلسطينيين في مناطق (ج)، إضافة إلى المقدسيين الذين يعانون ظروفًا صعبة، بينما السكان في غزة منفصلون عن العالم، مؤكدًا عدم وجود ثقة لدى المواطنين بعملية السلام، وأن الحديث عنها يجعلهم يبتسمون بسخرية، وأن حل الدولة الواحدة بعيد عن الواقع، محذرًا من مخاطر الإعلان عن موت حل الدولتين، لأنه لا يوجد بديل عنه حتى اللحظة.

وبين أن الاتحاد الأوروبي سيواصل العمل مع الحكومة الإسرائيلية للالتزام بالقانون الدولي ووقف الأنشطة الاستيطانية كالهدم والمصادرة والمشاريع الممولة أوروبيًا، وإخلاء السكان وطردهم ونقلهم قسريًا، وبناء المستوطنات غير القانونية، لافتا إلى أن المستوطنات في القدس الشرقية تقطع التواصل الجغرافي مع الضفة وتعزل المجتمعات الفلسطينية التي تعيش هناك، وتعيق أن تكون القدس عاصمة فلسطين المستقلة، كما تعهد بمواصلة العمل السياسي مع القيادة الفلسطينية لبناء الدولة وتقديم الدعم الإنساني لها.

وأشار نيكلسون إلى استمرار الاتحاد الأوروبي في دعمه لفلسطين، الذي تعزز في الفترة الأخيرة لمواجهة جائحة كورونا، وآثارها على الاقتصاد في ظل القيود المفروضة على السلطة وقلة الموارد، حيث قدم الاتحاد رزمة متكاملة من المساعدات.

وأكد أن على الفصائل الفلسطينية العمل بصدق لإنجاز الوحدة، فهي أساس مواجهة التهديدات الوجودية للشعب الفلسطيني، مشيرًَا إلى أن الاتحاد يعمل من أجل مستقبل الدولة التي يجب أن تتسم بوحدة المجتمع واتساقه كمجتمع متعدد متحرر متنوع ومتسامح وديمقراطي، يشعر الجميع انه في وطنه ويفتخر به ويعمل له.

وختم نيكلسون – الذي من المقرر أن ينهي عمله في بعثة الاتحاد الأوروبي – حديثه بقوله "سأحمل وأحمي جزءًا صغيرًا من فلسطين والقدس في قلبي طيلة حياتي، سلام لأرض خلقت للسلام وما رأت يومًا سلامًا".

القدوة: رؤية ترامب لم تنجح ومبادرة السلام العربية انتهت باتفاق التطبيع الإماراتي

قال ناصر القدوة إنه لا يمكن الحديث عن رؤية ترامب المعروفة بصفقة القرن، دون النظر إلى سياسة إدارته العامة تجاه الشرق الأوسط، التي اتصفت بالعدائية للشعب الفلسطيني وعدم الالتزام بالثوابت الأميركية تجاه القضية الفلسطينية طيلة السنوات الماضية.

ولفت القدوة إلى أن السياسة العامة لإدارة ترامب بدأت مبكرًا، من خلال عدم تأييدها لما يسمى بحل الدولتين، وتصريح ترامب في هذا الأمر يمثل بداية التراجع عن تأييد حل الدوليتن، إضافة إلى الموقف من المستوطنات الذي عبر عنه بشكل سيئ وزير الخارجية مايك بومبيو حين ادعى وزعم أن المستوطنات غير مخالفة للقانون الدولي، وتبعه الموقف المتعلق بالقدس واعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن ثم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والأخطر حل القنصلية الأميركية في القدس بعد 138 عامًا، منهية بذلك الوجود المستقل لها، إضافة إلى إنهاء العلاقة المباشرة بين أميركا والشعب الفلسطيني، وحرب الإدارة الأميركية على وكالة الأونروا وشطب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، وإغلاق مكتب منظمة التحرير، والحرب التي تشنها أميركا ضد العمل الفلسطيني في الامم المتحدة والمنظمات الدولية.

وأشار القدوة إلى أن صفقة القرن جاءت أسوأ من السياسة الأميركية العامة، فهي جاءت لتتبنى بالكامل سياسات اليمين المتطرف للمستعمرين في إسرائيل، وللمسيحيين الصهيانة في أميركا، وهي باختصار تقول إن كل هذه الأرض هي لإسرائيل، وتوافق على قيام "إسرائيل الكبرى".

وأضاف: "نستطيع القول إن الرؤية لم تحلق ولم تنجح، بفضل الموقف الفلسطيني الرافض لها بشكل قطعي، والموقف الإسرائيلي الذي لم يوافق على الخطة الخطة بكل تفاصيلها، رغم انحيازها للرواية الصهيونية، وكأن هناك نقاشًا داخل إسرائيل أن نكتفي بعنصر أو بند واحد من الخطة، وهو الضم، دون الموافقة على الخطة بشكل كامل، لهذا نستطيع القول إن هناك فشلًا جسيمًا للخطة.

وتابع القدوة: "إذا سقط ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة، فإن خطة القرن ستصبح ميتة، وهذا لا يعني أن الإدارة الديمقراطية المحتملة أنها عظيمة، وإنما ستدير الأمر سياسيًا، بحيث ستبدأ رحلات جديدة للتوصل إلى سلام في الشرق الاوسط، مع ضرورة تذكير تلك الإدارة في حال قدومها بمواقف الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري.

وأكد القدوة أن للاتفاق الثلاثي الأميركي الإماراتي الإسرائيلي جوانب مختلفة، فهو من جهة يهدف إلى إنشاء تحالف عربي إسرائيلي في مواجهة إيران، وهذا يضمن تغيير الوضع في المنطقة وكل فلسفة التعامل مع إسرائيل. ومن جهة أخرى فإن ما ورد فيه من وجهة نظر الفلسطينيين ليس إنهاء الضم، أو التخلي عنه، وإنما تعليقه، وهذا يعني الموافقة عليه من حيث المبدأ، وشرعنة لفكرة الضم، مؤكدًا أن إسرائيل حريصة على عدم الموافقة على إلغاء مخطط الضم، والاكتفاء بتعليقه لكي يبقى قائمًا وشرعيًا من وجهة النظر الدولية.

وأكد القدوة أن مع اتفاق التطبيع الإماراتي فإن مبادرة السلام العربية انتهت وتلقت ضربة قوية، فالمبادرة العربية نصت على أنه في حال انسحاب إسرائيل من الأرض المحتلة يكون هناك تطبيع، وما حصل ليس هكذا، فما جرى تطبيع ولم يليه أي انسحاب، كما لا يوجد أي كلمة عن القضية الفلسطينية أو الاستعمار.

وحول الدوافع الإماراتية لعقد مثل هذا الاتفاق، أوضح القدوة أن هناك ثلاث أفكار لدى الإماراتيين قادت إلى الاتفاق، وهي جميعها أفكار سخيفة وسلبية وغير واقعية، ولا يمكن تحقيقها، مؤكدًا أن الإماراتيين سيكونون في وضع صعب في الفترة المقبلة.

واستعرض القدوة تلك الأفكار، إذ بين أن الفكرة الأولى تقوم على تصور أن إسرائيل يمكن أن توفر الحماية للإمارات في مواجهة إيران بعد تراجع أميركا عن تواجدها المباشر وعدم قيامها بأي شيء بعد قصف إيران لقاعدة أميركية، وهذا الكلام فيه درجة عالية من الغباء السياسي، فإيران لا تستطيع لأسباب كثيرة ان تقبل بوجود إسرائيل في الخليج، فهذا أمر غير ممكن.

أما بشأن ما يروج عن تعاون اقتصادي، وتحديدًا في المجال التكنولوجي، فأشار القدوة إلى أن من يقف خلف ذلك الاعتقاد لا يعلم أي شيء عن إسرائيل، إذ لا توجد إمكانية لإقامة توازن وعلاقات شراكة متوازنة مع إسرائيل، مؤكدًا أنه لا توجد أية إمكانية لعلاقات متوازنة اقتصادية مع إسرائيل، وأن هذه العلاقات ستكون لمصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى، وما يتوفر من فتات سيكون للجانب الآخر.

أما عن الفكرة الثالثة المتعلقة بتعزيز القدرات العسكرية الإماراتية، فأكد أن هذا التوجه يتعلق بالعرب وأزماتهم التي قامت بها الإمارات وتسببت بها، وتغير نمط العلاقة مع السعودية ومصر اللتين تلعبان دورًا أكبر في أزمات المنطقة، مضيفًا أن ما حصل بين إسرائيل والإمارات ليس تطبيعًا، وإنما تتبيع، فالإمارات تريد أن تتبع المركز الجديد في المنطقة، وهو إسرائيل، وقد ينضم آخرون إليها رغم أن ذلك قد يكون صعبًا".

وشدد القدوة على ضرورة العمل مع الأطراف العربية لمنع توجه دول جديدة بعد الإمارات، مؤكدًا أن الجامعة العربية هي جامعة فلسطين، وأن الامين العام للدول العربية هو موظف لدى الدول، ويجب الدفاع عن مصالحنا وعدم السماح والتفريط في الجامعة العربية والمواقف العربية المشتركة، مؤكدًا هذه جامعة القضية الفلسطينية، ويجب أن تبقى كذلك، وعلينا المقاتلة على ذلك.

أما المطلوب دوليًا لمواجهة خطة ترامب، فقال القدوة إن "مؤسسة ياسر عرفات شاركت في إطلاق نداء من فلسطين إلى المجتمع الدولي، ووقع عليه ألف شخصية فلسطينية غير رسمية، وتضمن النداء 10 مطالب من المجتمع الدولي، وأن على مكونات المجتمع الدولي أن تلتزم بأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الامن، كما طالبنا بأن تكون هناك إجراءات ضد الاستعمار الصهيوني التزامًا بالاتفاقيات التعاقدية، إضافة إلى أن المجتمع الدولي ملزم باتخاذ إجراءات ضد المستعمرات ومنتجاتها والاعتراف بدولة فلسطين القائمة تحت الاحتلال.

وأضاف: أن الخريطة المرفقة بصفقة القرن، وضعت خطًا متقطعًا على حدود فلسطين المحتلة مع لبنان، وهذا يعني إن إسرائيل لها أطماع في الأراضي اللبنانية.

وحول العمل المطلوب فلسطينيًا، شدد القدوة على ضرورة استعادة الوحدة جغرافيا وسياسيا، وحل المصيبة التي لدينا والمتمثلة بالانقسام، التي أخلت بشكل فادح بالحقوق الفلسطينية، ويجب معالجة ذلك.

وأكد القدوة أن الاتفاق بين حركتي حماس وفتح على العمل المشترك لمواجهة خطة الضم أمر جيد، لكن لا يجب الاكتفاء بذلك، بل العمل للتوصل إلى اتفاق سياسي إثر حوار جدي ينهي الانقسام، ويعيد قطاع غزة للنظام السياسي والإداري، مقابل شراكة بين كل الأطراف في النظام السياسي المعاد تشكيله على أرضية واضحة، وهو الاستقلال الوطني على حدود 1967، مضيفًا أن هناك موقفًا إيجابيًا على الأرض، لكنه يحتاج إلى متابعة لكي لا يكون بديلًا عن محاولة سياسية جادة لاستعادة الوحدة السياسية والجغرافية، وإلا سنجد أنفسنا نثبت الانقسام" .

وأوضح أن المطلوب اليوم مكافحة الاستعمار الاستيطاني بكل الجدية اللازمة، وهذا لم نره حتى الآن، بحيث تنخرط كل القطاعات الفلسطينية، بدءًا من القيادة في الصراع، لأن ذلك يعد حياة أو موتا للقضية الفلسطينية، فإسرائيل لديها مشروع إحلال يجب أن نواجهه بتشريع وتعبئة ميدانية وتحريم العمل في المستعمرات ومنتجاتها، مضيفًا أنه تقع على عاتق المنظمات الفلسطينية والمؤسسات والهيئات والاتحادات مهمة التصدي للمشروع الاستيطاني التي يجب أن تنزل إلى الشارع، وتحمي القرى والتلال من المستعمرين.

ولفت القدوة إلى أن مهمة إسرائيل المركزية في السنوات المقبلة هي شرعنة المستوطنات، وتحييد القانون الدولي، وهذا يعني إقامة "إسرائيل الكبرى"، وهزيمة المشروع الفلسطيني.

وشدد القدوة على ضرورة بناء الهيئات والمؤسسات الفلسطينية، بما في ذلك منظمة التحرير، بما يضمن دخول الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، بعد الاتفاق على استعادة الوحدة بشكل كامل وعلى كل شيء، وليس الاتفاق على استعادة المنظمة وغزة منفصل، مضيفًا أن المنظمة يجب أن تكون ممثلًا لكل فلسطيني باي مكان، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة تشكيل اللجان والمؤسسات والهيئات، ومنوهًا إلى أن السلطة بحاجة إلى تغيير في طبيعتها، فحين قلت إن السلطة خدمية تعرضت لانتقادات كبيرة، حيث يجب أن تكون السلطة في مواجهة المشروع الإسرائيلي وخدمة فلسطين، وعليها ألا تلتزم بما لا تلتزم به إسرائيل.

وختم القدوة حديثه بالقول: هناك فرق بين الموقف السياسي والواقع السيئ، فنحن الآن في حفرة كبيرة، أي أننا لسنا في حكم ذاتي، كما بدأت السلطة في التسعينيات، يقود إلى مفاوضات وحل نهائي. نحن في أسوأ من هذا بكثير في ظل سيطرة إسرائيل على كل مناحي حياتنا، لذلك يجب أن نناضل كل يوم للخروج من هذه الحفرة.

مشاركة: