الرئيسية » إصدارات المركز »  

قراءة/تحميل | | | |
وثيقة السياسات الداعمة للصمود الفلسطيني

مقدمة

تستند وثيقة السياسات إلى ما توصلت إليه مخرجات وثيقة سيناريوهات حالة الصمود الفلسطيني، التي خلصت إلى أن مسارات حالة الصمود الفلسطيني يمكن أن تتحدد وفق ثلاثة سيناريوهات رئيسية، هي: أولًا، سيناريو الوضع القائم المتمثل في استمرار الانقسام الفلسطيني ومجتمع هش. ثانيًا، سيناريو الانهيار والفوضى. ثالثًا، سيناريو استمرار الصمود وتناميه.

الوثيقة بالعربية

الوثيقة بالإنجليزية

تقرير مبادرات تحدي الصمود

وبينت تقنيات دراسة السيناريوهات وأوزان العوامل ذات التأثير، أن سيناريو الوضع القائم هو الأقوى احتمالًا من حيث قوة العوامل التي تدفع باتجاه ترجيحه، وفي حالة تعمق العوامل المؤثرة سلبًا في الوضع الهش، سيتم الانتقال إلى سيناريو الانهيار والفوضى، حيث ستكون العوامل السياسية والاجتماعية هي المحرك الأساسي لهذا السيناريو الأكثر سوءًا، فهو سيحدث كنتيجة لتعمق وتدهور سيناريو المجتمع الهش المنقسم. كما أن هناك تقاربًا في أوزان العوامل المؤثرة في كل من سيناريو الصمود والفوضى، الأمر الذي يدفع إلى الاستنتاج بأن اعتماد سياسات موجهة لمنع الانزلاق نحو سيناريو الفوضى من شأنه أن يعزز العوامل الإيجابية المؤثرة في حالة صمود فلسطيني.

لذلك، فإن الأولوية التي توجه عملية تحديد الأولويات وصناعة السياسات تتمثل في منع استمرار التدهور في العوامل المؤثرة على الصمود الفلسطيني، من خلال تحسين الوضع القائم، وليس القبول به، بل مراكمة التغييرات الإيجابية أولًا، وصولًا إلى تعزيز احتمالات تحقيق سيناريو الصمود.

وتلحظ هذه العملية استمرار العوامل المؤثرة سلبًا في الصمود الفلسطيني، كإجراءات إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في سياق محاولة تصفية الحقوق الفلسطينية في ضوء مضامين "صفقة القرن"، وتعميق الاحتلال العسكري، والضم، والاستيطان، والعنصرية، واستمرار حصار مليوني فلسطيني في قطاع غزة، واتساع نطاق التطبيع والتحالف بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وانتهاء مقاربة التسوية التفاوضية. ودخل عامل جديد سيؤثر على حالة الصمود، يتمثل في فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، والتغيير الذي سيحدثه، بما يساعد على بقاء السلطة من خلال إمكانية استئناف المساعدات الأميركية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والسعي إلى استئناف المفاوضات، مع أن أقصى الممكنات بعد هذا التطور هو الدخول في عملية سياسية جديدة، تعيد إنتاج إدارة الصراع من دون التوصل إلى حله. وسيساعد على ذلك، عودة علاقات السلطة مع إسرائيل إلى سابق عهدها ما قبل إعلان قرار التحلل من الاتفاقات الموقعة معها في 19 أيار/مايو 2020، والرهانات على إعادة إحياء عملية المفاوضات بعد دخول الرئيس المنتخب بايدن إلى البيت الأبيض، وضعف منظمة التحرير وتراجع مكانتها التمثيلية، واستمرار الانقسام الداخلي مع استعصاء الجهود الرامية لإعادة توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية، المدنية والأمنية، في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويفاقم من التأثيرات السلبية لما سبق، غياب رؤية شاملة وإستراتيجية قادرة على شق طريق الخلاص الوطني باتجاه الحرية والاستقلال، مع وصول مختلف الإستراتيجيات التي اعتمدت إلى مأزق من حيث انسداد أفق حل القضية الفلسطينية من خلال المفاوضات وحدها، أو المقاومة المسلحة وحدها، وتعمّق مظاهر التفرد في صنع القرار والتهميش والإقصاء وانتهاك الحريات العامة، وكذلك عدم تبلور تيار ثالث قادر على كسر الاستقطاب الثنائي الحاد بين طرفي الانقسام، وتشكيل حالة ضاغطة لإنهاء الانقسام وتبني إستراتيجية تحرر فعالة، ومساهمة كل ذلك في تدهور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة على صمود الفلسطينيين داخل وطنهم وخارجه.

في المقابل، رغم وجود كل العقبات السابقة، فإنه لا يمكن تجاهل حضور العديد من العوامل الداعمة للصمود الفلسطيني، وتوفر فرص للبناء عليها وتطويرها، سواء على صعيد داخلي، مثل تمسّك الشعب الفلسطيني بقضيته العادلة، ورفضه كل المخططات الرامية إلى تصفيتها، كما يظهر في استمرار المقاومة والتمسك بالبقاء على الأرض، والرفض الجماعي لـ"صفقة القرن" كنقطة انطلاق لتعزيز الصمود والوحدة، وصمود قطاع غزة رغم الحصار، وانتشار المقاطعة لإسرائيل وتوسع رقعتها، ولجان العودة وما حققته من إنجازات، والتحرك الفلسطيني في الخارج على السبل كافة، ومسيرات العودة، ونضال فلسطينيي أراضي 48 ضد التمييز والعنصرية، وارتفاع وزنهم السياسي في الكنيست الإسرائيلي، علاوة على ذلك إقرار غالبية القوى والنخب والجماهير بضرورة الخروج من المأزق الحالي، والحراكات المختلفة للعديد من القوى لإحداث التغيير. كذلك تحضر العديد من معززات الصمود على مستوى خارجي، كالرفض الشعبي العربي للتطبيع، وحركات التضامن العالمية مع القضية الفلسطينية، وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وصعود قوى دولية تتحدى النظام القطبي الأحادي، وبخاصة الصين ودور روسيا، والموقف الأوروبي الرافض للضم والاستيطان.

وفي هذا السياق، تسعى هذه الوثيقة إلى تقديم مقترحات وخيارات سياساتية من شأنها أن تعزز الصمود الفلسطيني، بناء على ثلاثة منطلقات أساسية:

الأول: اقتراح سياسات تتسم بالواقعية والممكن تحقيقه انطلاقًا من الوضع القائم الذي يتسم بهشاشة حالة الصمود الفلسطيني بفعل سياسات الاحتلال، والاستيطان، والضم الزاحف.

الثاني: تحديد المتطلبات السياساتية الإستراتيجية التي ينبغي توفرها للحؤول دون تدهور الوضع القائم، والعمل على إحداث تغييرات تراكمية باتجاه السيناريو المفضل المتعلق بتعزيز الصمود، واستنهاض الحالة الفلسطينية، لتحقيق الأهداف الوطنية التحررية، بالتركيز على القوى والمحركات القادرة على إحداث التغيير والضغط، وبالذات شريحة الشباب والمؤسسات المجتمعية القاعدية، دون تجاهل دور القوى الحزبية الرسمية.

الثالث: تحديد قضايا السياسات الحرجة؛ أي سياسات الاستجابة في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبخاصة مع استمرار تداعيات جائحة كورونا، عبر تدابير وإجراءات قصيرة الأجل عالية التأثير، وبخاصة فيما يتعلق بالسيناريو الأول، ولمنع تدهوره نحو سيناريو الانهيار والفوضى، بالاستفادة من التوصيات الواردة في أوراق السياسات القطاعية التي أنجزت ضمن مشروع دراسة حالة الصمود الفلسطيني، لا سيما في ظل التوقعات باستمرار تداعيات كورونا لفترة طويلة رغم بدء عملية التطعيم.

كما تتضمن هذه الوثيقة اقتراح السياسات الممكنة التي يمكن تحقيقها من خلال تحسين عمل المؤسسات والأداء الفلسطيني، والمحتملة من خلال تطوير عمل المؤسسات والأداء الفلسطيني، والمفضلة التي يمكن تحقيقها من خلال تغيير نوعي في التفكير والأداء والمؤسسات.

مشاركة: