الرئيسية » ندوات » الأخبار »   19 آب 2021

| | |
مناقشة المتغيرات الإقليمية والدولية وتداعياتها على القضية الفلسطينية

(خاص): ناقش مشاركون في جلسة حوارية المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية وتأثيراتها وتداعياتها على القضية الفلسطينية، ومستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وحذر المشاركون من تأثير المتغيرات على القضية الفلسطينية من خلال تبني سياسة خفض منسوب التوتر والمواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والدفع نحو خطوات "بناء الثقة" مع الاحتلال ضمن سقف أقل من اتفاق أوسلو، بما يخدم سعي دولة الاحتلال لتكريس واقع الصلاحيات المنقوصة لسلطة حكم ذاتي فلسطيني تقوم بدور الوكيل الإداري والاقتصادي والأمني تحت سقف منظومة السيطرة الاستعمارية الاستيطانية.

وفرضت التطورات الحاصلة في أفغانستان نفسها على الحوار خلال الورشة، إذ أشار المتحدثون إلى أن طالبان اليوم ليست طالبان 1996 من حيث مواقفها السياسية وتحالفاتها رغم عدم وجود مؤشرات على تغيير جوهري في الأيديولوجيا التي تتبناها، وإلى أن الإدارة الأميركية عمدت إلى سياسة جديدة تولي فيها الأولوية لمواجهة الصين، فيما تركت حلفاءها في الشرق الأوسط لحل قضاياهم بأنفسهم، وفق مقاربة تركز على تغليب الاختفاظ بالنفوذ في إطار علاقاتها مع الدول الحليفة على حساب الاستخدام المباشر للقوة الأميركية، والعمل على تشكيل نظام أمني إقليمي لحل القضايا العالقة في المنطقة، بحيث تلعب إسرائيل دورا محوريا في إطاره.

جاء ذلك خلال ورشة حوارية نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، ضمن أعمال مؤتمره السنوي العاشر "ما بعد النهوض الوطني دفاعًا عن القدس ... فلسطين في بيئة إقليمية ودولية متغيرة"، بمشاركة أكثر من 50 من الباحثين والأكاديميين والناشطين والشباب.

وتحدّث في هذه الجلسة كل من: لميس أندوني، كاتية سياسية وصحافية، وخليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات، الذي أيضًا أدار الحوار.

وتناولت أندوني في مداخلتها التطورات الحاصلة في أفغانستان، والسياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط بعد وصول بادين إلى الولايات المتحدة، موضحة أنه من المفروغ منه أن تتسلم طالبان إدارة أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، وكان من المفترض ألا تُسلّم كابل، وإنما انتقال سلمي للسلطة، مشيرة إلى أن طالبان حاليًا ليست طالبان التي دخلت كابل في العام 1996، حيث تقدم خطابا سياسيا أكثر انفتاحا على العالم الخارجي سعيا للاعتراف بها وتكريس شرعية حكمها الجديد، رغم أنها تبقى حركة تتبنى من حيث الجوهر نفس الأيديولوجية الدينية وتسعى لإقامة إمارة إسلامية.

وأوضحت أن الولايات المتحدة بانسحابها من أفغانستان أعطت رسالة إلى الحلفاء مفادها بأننا لن نحارب عن أحد، وأن الأولوية الأميركية الآن هي التصدي للتقدم الصيني.

وتطرقت أندوني إلى العلاقات الأردنية الأميركية، مشيرة إلى أن الأردن حليف مفضل لدى واشنطن، وذلك بسبب حدوده مع إسرائيل، مضيفة أنه ستكون هناك عمليات برية وبحرية وجوية ستقوم بها الولايات المتحدة انطلاقًا من الأردن، وهذا يضمن للملك انتقال الحكم إلى ولي عهده، لكن هذا الأمر يجعل مستقبل الأردن غير معروف.

وأوضحت أن سياسة الإدارة الأميركية حاليًا تقوم على المحافظة على الوضع الحالي، وتجنب الانزلاق نحو تصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين، لأن أي هبة في فلسطين ستؤجج الشارع العربي، وما يهم واشنطن الآن مواصلة التطبيع، وتطويره ليكون تطبيعًا بين الشعوب.

وأشارت إلى توارد معلومات عن وجود موقف أميركي داعم لترتيب أوضاع السلطة الفلسطينية، بما فيها ضمان انتقال سلمي وآمن لمنصب الرئاسة في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، حتى لا يكون هناك صراع بين أقطاب حركة فتح على خلافة الرئيس، إضافة إلى أن واشنطن معنية بمد عمر حكومة بينت لأنها لا تفضل عودة نتنياهو إلى الحكم.

وشددت أندوني على ضرورة وجود إستراتيجية فلسطينية شاملة تنطلق من قراءة دقيقة للتغيرات على المستويين الدولي والإقليمي، بما يخدم الشعب الفلسطيني وقضيته، لاسيما أن استمرار الانقسام الفلسطيني وغياب الرؤية الوطنية الموحدة يشكلان عائقا أمام إعادة تموضع حركة حماس ضمن النظام السياسي الفلسطيني، ومن شأن ذلك أيضا أن يبقي السلطة الفلسطينية على حالها من الضعف والانكشاف أمام تأثيرات المتغيرات الدولية والإقليمية. 

من جانبه، افتتح خليل شاهين مداخلته بالحديث عن التطور الحاصل في أفغانستان، مشيرًا إلى أهمية ما حدث كونه ينطوي على مفارقة بأن سقوط أفغانستان بيد طالبان جرى من دون إطلاق رصاصة من الولايات المتحدة والغرب، عكس ما حصل في العام 2001 حينما سقطت حكومة طالبان بعد هجوم عسكري من تحالف 38 دولة قادته الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن سبب ذلك حصول تحولات وتغيّرات على مستوى النظام العالمي خلال السنوات العشرين الماضية، فبعدما كان النظام ثنائي القطبية، ومن ثم أحادي القطبية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وهيمنة الولايات المتحدة على النظام العالمي، نشهد تحولات في النظام العالمي لم يستقر بعد من حيث الشكل والبنية والاهتمامات والتحالفات بفعل صعود الصين، حتى أصبح الصراع مع الصين هو الأولوية، وذلك منذ عهد باراك أوباما.

وأوضح أن التحول الذي يمكن أن نشهده في السياسة الأميركية هو المفاضلة بين استخدام القوة والنفوذ، حيث هناك تحول باتجاه النفوذ لحل القضايا في المنطقة، وعلى الدول أن تخلع شوكها بيدها، فهناك من يقول إنه على الرغم من تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وانسحابها بالتدريج، إلا أنها ما زالت تمتلك أكثر عدد من العلاقات مع النظم القائمة في الشرق الأوسط، وهي تميل إلى تشكيل نظم أمني إقليمي لمعالجة القضايا.

وبيّن أن التطورات على المستوى الإقليمي من الصعب التنبؤ بمساراتها، مثل الأحداث في العراق واليمن وسوريا وتونس، إضافة لما يحدث في لبنان، لاسيما في ظل عدم استقرار منحى التغيرات في النظام العالمي وما يكتنفها من مصالح وتحالفات للقوى العظمى، فقد تأخذ أكثر من سيناريو، ولكن من الواضح أن هناك إرادة أميركية ودولية لتخفيف مستوى الصراع من أجل تهدئة التوتر، وهذا ينطبق على الوضع الفلسطيني، فموقف الإدارة الأميركية واضح، إذ ليس لديها خطة لتسوية سياسية.

وأضاف: المنحى العام هو تهدئة التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والذهاب نحو خطوات "بناء الثقة"، وتعني في جوهرها إنتاج أوسلو جديد بشكل يعمق حالة التبعية والارتباط أكثر مع الاحتلال، منوها أن المطلوب إعادة بناء الوحدة وشق مسار إستراتيجي جديد والحد من تأثير الاستقطابات الدولية والإقليمية على القضية الفلسطينية، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل البنى السياسية والحزبية القائمة، ما يتطلب التركيز على بناء تيار وطني عابر للجغرافيا والفئوية يؤمن بالوحدة والتغيير وقادر على التغلب على الأطراف ومواقع القوة والنفوذ ذات المصلحة ببقاء الوضع القائم، سواء من حيث العلاقة مع الاحتلال، أو استمرار الانقسام.

يذكر أن أعمال المؤتمر السنوي العاشر سوف تتواصل بتنظيم اليوم الثاني يوم السبت القادم في قاعتي جمعية الهلال الأحمر في البيرة وسيدار في غزة، إضافة لإمكانية المشاركة عبر "زوم"، حيث ستكرس الجلسات لمناقشة تقرير إستراتيجي تحت عنوان "ما بعد النهوض الوطني دفاعا عن القدس.. فلسطين في بيئة إقليمية ودولية متغيرة". كما سيتم لاحقا تنظيم ورشتين حول إعادة إعمار قطاع غزة، والرؤى والمبادرات المطلوبة للخروج من المأزق واستنهاض الحالة الفلسطينية.  

 

مشاركة: