عقد المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية- مسارات مؤتمره السنوي الثاني في مدينة البيرة، يومي 17 و18 كانون الثاني/ يناير 2013، تحت عنوان "التجمعات الفلسطينية وتمثلاتها ومستقبل القضية الوطنية". وجاء عقد المؤتمر تتويجا لسلسلة من اللقاءات والاتصالات التشاورية بمشاركة العشرات من الشخصيات السياسية والأكاديمية والبحثية، وأفضت إلى تحديد العنوان الرئيسي للمؤتمر والمحاور المتفرعة عنه، ومنهجية إعداد أوراق العمل السياساتية، والباحثين والأكاديميين المرشحين لإعدادها.
وركزت أوراق العمل والنقاشات الغنية خلال جلسات المؤتمر على دراسة العوامل الخارجية والداخلية التي تؤثر في تكريس واقع التجزئة، وتلك التي تخدم معالجة هذا الواقع، الأمر الذي تطلب دراسة تأثير المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني على تجزئة الشعب الفلسطيني من جهة، ومكامن الخلل والأخطاء والإخفاق في السياسات والبرامج الفلسطينية فيما يتعلق بالتصدي لواقع التجزئة، ومن ثم الانقسام، والتراجع في دور منظمة التحرير الفلسطينية كمؤسسة جامعة، وتقدم المشروع الاستيطاني وتراجع المشروع الوطني، لاسيما في ظل مسار أوسلو، من جهة ثانية، وطرح سياسات وخيارات إستراتيجية بديلة قادرة على توحيد الفلسطينيين حول مشروع وطني جمعي من جهة ثالثة.
ولتحقيق الغاية المرجوة في تحفيز التفكير الإستراتيجي الفلسطيني على طرح السياسات والبرامج القادرة على تغيير المسار الذي أسهم بأبعاده المختلفة في تعميق الفجوات بين تجمعات الشعب الفلسطيني وإضعاف التمثيل الوطني وتراجع دور الحركة الوطنية، جاءت حصيلة أعمال المؤتمر ومنهجية إعداد أوراق العمل التي خضعت للمراجعة والتحكيم، لتنسجم من جهة مع تركيز مركز مسارات على اقتراح السياسات والبدائل التي تركز على القضايا الراهنة، ومن جهة أخرى تحقيق أهداف المؤتمر السنوي الثاني في دراسة واقع التجزئة بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع الابتعاد عن وصف ما هو قائم، والسعي لطرح سياسات وبدائل لتغيير واقع التجزئة والتصدي لمخططات الشرذمة والتفتيت والتبديد، وترسيخ الهوية الفلسطينية على قاعدة مشروع وطني جمعي يحدد الأرضية المشتركة التي تجمع الفلسطينيين أينما كانوا، دون إجحاف بحق الاختلاف والتعددية في الرأي.
وتوزعت أعمال المؤتمر على ست عشرة جلسة، إذ تم تخصيص جلسة خاصة لكل ورقة عمل، بمشاركة معد/ة الورقة ورئيس/ة جلسة ومعقب، الأمر الذي أسهم في إعطاء كل ورقة حقها من التقديم والتعقيب والنقاش. كما قام معدو/ات الأوراق بتطويرها في ضوء ملاحظات التحكيم والنقاش خلال الجلسات تمهيدا لنشرها في ثلاثة أجزاء، يشكل هذا الإصدار الجزء الثالث، ويتضمن أربعة أوراق تمحورت حول (إستراتيجيات مواجهة التجزئة وبناء المشروع الوطني الجمعي)، ويمختتم بجملة من التوصيات.