الرئيسية » هاني المصري »   16 آذار 2023

| | |
بصراحة، حول شلال الدم الفلسطيني النازف
هاني المصري

الإعدامات المتكررة التي تقوم بها قوات الاحتلال، خصوصًا في جنين ونابلس في وضح النهار وأمام عدسات الكاميرات، وبقرار من المستوى السياسي، وبحجة أن المقاومين المستهدفين قنابل موقوتة، وأنهم قاموا أو يحضرون للقيام بعمليات، تستوجب ردًا فلسطينيًا مختلفًا يوضح أنهم ضحايا، وما يقومون به من مقاومة رد طبيعي على الاحتلال وجرائمه، وأن المعركة غير متكافئة، وليس كما يظهرها بعض القيادات والإعلام، وكأن المقاومة هي الأقوى والمبادرة إلى الهجوم، فالمطلوب:

أولًا: مطلوب من المقاومين الجدد الابتعاد عن العلنية والاستعراضية والعفوية والتعامل مع جنين، وخصوصًا المخيم، والبلدة القديمة في نابلس وكأنها مناطق محررة، وكذلك مطلوب عدم المبالغة بقدراتهم، وعدم رفع سقف التوقعات، وهذا ينطبق عليهم وعلى فصائل المقاومة، فمن يقاوم الاحتلال يجب أن ينزل تحت الأرض، ويقوم بعمله بسرية تامة، ويحرص على نفسه ولا يكون لقمة سائغة لعدوه، وألا تذهب حياته بلا ثمن، فالأصل في المقاومة لشعب تحت الاحتلال، وهي قليلة الإمكانات، أن تعتمد أسلوب حرب العصابات، وتلتزم بمبدأ "اضرب واهرب"، وليس قاوم حتى الاستشهاد، على أساس أن الجيل الحالي جيل التضحية، حتى يتمكن المقاوم من الضرب مرة أخرى ومرات، وإذا كان المقاومون شجعانًا وأبطالًا كما أثبتوا فعلًا، ومستعدين لتقديم أرواحهم رخيصة من أجل القضية التي يقاومون من أجلها، فإن حياتهم غالية لدى شعبهم وعائلاتهم، ولا يجب أن تكون أماكن سكنهم وتحركاتهم معروفة، وأن يسرفوا عند الحاجة ودون حاجة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وعليهم أن يلغوا استخدام الجوالات الحديثة، فهي أخطر من الجواسيس.

ثانيًا: مطلوب من الفصائل قيادة المقاومة وترشيدها ونقل الخبرات المتراكمة لها؛ لأن هناك أخطاء فظيعة يقع فيها جيل المقاومين الجدد، تجاوزتها التجربة الفلسطينية منذ فترة طويلة، وليس دور الفصائل إرسال التحايا، وحتى الدعم، وتضخيم المقاومة الحالية بصورة كبيرة جدًا بصورة تعكس محاولة لتبرير عجزها وغيابها واكتفائها بالدور الخلفي الذي تقوم به، وعليها الدعوة والمبادرة إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة ميدانية في كل موقع، وصولًا إلى كل منطقة باتجاه تشكيل قيادة وطنية موحدة للمقاومة، بوصفها مرحلة على طريق تشكيل قيادة سياسية وإعادة بناء المؤسسة الوطنية الجامعة (المنظمة) لتكون فاعلة وتمثل الشعب فعلًا وقولًا.

ثالثًا: مطلوب من القيادة الرسمية، إذا لم تكن مستعدة لتوفير عوامل الصمود والمقاومة والدفاع عن النفس والحماية لشعبها في وجه اعتداءات المستوطنين الإجرامية اليومية، على الأقل، أن توقف سيرها في طريق جهنم، وتمتنع عن مساعيها إلى احتواء المقاومين ووقف المقاومة، بحجة حقن الدماء، وفرض سلاح شرعي واحد، وعدم المشاركة في لقاءات مثل اللقاء القادم في شرم الشيخ الذي يكافئ حكومة الاحتلال، ويسعى إلى تأهيل السلطة ضد شعبها، بدلًا من قيام القيادة بالمطالبة بعزلها ومعاقبتها وفرض العقوبات عليها، خصوصًا بعدما لم يحقق لقاء العقبة التهدئة، ولم يوقف كل أنواع العدوان والاستيطان، ولم يؤد إلى خفض التصعيد، بل على العكس من ذلك؛ إذ ارتقى منذ عقده حتى الآن عشرات الشهداء، ومضت حكومة (نتنياهو بن غفير سموترتيش) في تنفيذ برنامجها؛ برنامج الإعدامات اليومية، والاعتداءات على الأسرى، والضم، والتهويد، والتهجير، والفصل العنصري.

رابعًا: مطلوب من المثقفين والنخب أن توفر الفكر والوعي والإستراتيجيات، وإظهار خطورة التهوين والتهويل والتخاذل والمغامرة، والمساهمة في رؤية التطورات على كل الأصعدة، وانعكاساتها على القضية الفلسطينية، والأبعاد والسيناريوهات والآفاق المستقبلية، والاستعداد لكل الاحتمالات، ورؤية أهمية وجدوى خوض "صراع متدني الدرجة" في هذه المرحلة، في ظل الاختلال الفادح في ميزان القوى، والأزمة المتفاقمة في إسرائيل، وعدم الوقوع في الأفخاخ التي ينصبها الاحتلال.

خامسًا: مطلوب من الحاضنة الشعبية ألا تكتفي بالتأييد والتظاهر تلبية لنداءات العرين فقط، بل توفير حاجات المقاومين من أكل وشرب ورصد وأماكن اختباء، وحفظ أسرارهم ... إلخ، وعدم تحميلهم أكثر مما يحتملون. 

 
 
 
 
 
 
مشاركة: