أكد مشاركون/ات في ورشة حوارية حول المرأة وجهود إنهاء الانقسام أهمية إشراك النساء والشباب والمستقلين والمجتمع المدني في الحوارات الوطنية، وعدم اقتصارها على المشاركة الفصائلية، لا سيما في ظل مشاركة امرأة واحدة فقط في اجتماع الأمناء العامين الأخير بمدينة العلمين المصرية، فضلًا عن غياب الشباب والمستقلين.
ودعا المشاركون/ات إلى حوار مجتمعي موازٍ تبادر إليه وتضع أجندته النساء، وذلك في ضوء فشل الحوار الفصائلي وإقصائه للنساء والشباب والمجتمع المدني والمستقلين، وفي ظل فشل المقاربات السابقة لإنهاء الانقسام؛ حيث يتم التوصل إلى مخرجات لرؤية شاملة لاستنهاض الحالة الفلسطينية في مواجهة مخططات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في تعميق الاحتلال والاستيطان والضم من جهة، وتعزيز الوحدة الميدانية بين مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني والضغط من الأسفل إلى الأعلى لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية من جهة أخرى، مع التوصية بتنظيم ورشات ومؤتمرات محلية ووطنية تعرض فيها مخرجات هذا الحوار الموازي.
وأشادت مداخلات الحضور في هذا السياق بتجربة الحوار النسوي التي نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بالتعاون مع مؤسسة مارتي أهتيساري للسلام CMI))، وبالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بدعم من الحكومة النرويجية، وخاصة في ضوء مشاركة النساء من جميع التيارات الأيديولوجية والسياسية في منصة حوارية غير رسمية في إطار «المبادرة النسائية للحوار والعمل المشترك»/ التكتل النسوي سابقاً، وصولًا إلى التوافق على وثيقة "مخرجات الحوار النسوي الفلسطيني"، التي تركز على استعادة الوحدة، وتعزيز مشاركة المرأة، والحفاظ على السلم الأهلي.
ودعا المشاركون/ات مركز مسارات إلى البناء على مخرجات الحوار الذي تواصل طيلة عام في إطار «المبادرة النسائية للحوار والعمل المشترك»، بما يعزز مساحات التلاقي والتوافق بين النساء من شتى الخلفيات الفكرية والسياسية، ويقلل من مساحات الاختلاف في العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والقانونية، لا سيما في ضوء حالة التوافق الوطني على إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة؛ ما يتطلب العمل المشترك من النساء في الأحزاب السياسية والمؤسسات النسائية والمجتمع المدني عمومًا، من أجل تغليب مصلحة النساء في ضمان مشاركتهن الفعالة في مواقع متقدمة في القوائم الانتخابية وفي المجالس المحلية المنتخبة، والسعي إلى إجراء التعديلات القانونية اللازمة لدعم تحقيق هذا الهدف. كما تم التأكيد على أهمية المشاركة الشبابية من الجنسين في الترشح لهذه الانتخابات، بما يضمن التجديد والفعالية في عضوية وعمل المجالس المنتخبة.
كما طالب المشاركون/ات بضرورة تمثيل النساء بنسبة 30% التي أقرها المجلسان الوطني والمركزي، وذلك في مختلف المؤسسات، وتطبيق ذلك في التعيينات القادمة، سواء في تعيين المحافظين، أو تشكيل الحكومات، والعمل الفعلي لتحقيق ذلك بدلًا من انتظار صدور القرارات ذات العلاقة، إضافة إلى بلورة حراك لزيادة تمثيل النساء في المناصب القيادية العليا في أحزابهن، فضلًا عن العمل لتعزيز وصول الشباب إلى مواقع صنع القرار في المؤسسات والأحزاب.
وشدد الحضور على أهمية أن تكون مشاركة المرأة والشباب فاعلة وليست مجرد أرقام أو ديكور، بل لا بد أن تكون المشاركة مؤثرة في اتخاذ القرارات وصنع السياسات، وهناك من طالب بكوتا للشباب أسوة بالنساء، فيما رأى البعض أن المطلوب فرض أجندة النساء والشباب على الأحزاب، وانتزاع مشاركتهم/ن في الهيئات القيادية العليا للأحزاب، وفي مؤسسات السلطة والمنظمة.
جاء ذلك خلال ورشة حوارية نظّمها مركز مسارات حول "المرأة الفلسطينية والجهود الوطنية لإنهاء الانقسام، بمشاركة أكثر من 70 مشاركًا/ة من السياسيين والأكاديميين والناشطين والقيادات النسوية والشباب، من مختلف التجمعات، في مقري مركز مسارات في البيرة وغزة، وعبر برنامج زووم، وسط مشاهدة المئات لها عبر منصات التواصل الاجتماعي.
افتُتحت الورشة بكلمة ترحيبية ألقتها د. فيحاء عبد الهادي، رئيسة مجلس الأمناء، وتحدّث في هذه الورشة كل من: ريما نزال، عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وجهاد حرب، الكاتب والباحث السياسي، وولاء السطري، ناشطة شبابية، بينما أدارت الحوار في البيرة ريما نزال، وفي غزة سوار الزعانين، ناشطة شبابية.
وأشارت عبد الهادي إلى محاولات المرأة الفلسطينية وعملها الدؤوب في إنهاء الانقسام، وقالت: إننا لن نكل ولن نمل من ذلك؛ لأن ذلك ليس مصلحة خاصة بالنساء، بل هي مصلحة وطنية، ويتعزز ذلك في ظل السياسات الاحتلالية ضد الفلسطينيين، مؤكدة أهمية أن تكون مشاركة النساء فاعلة وليس مجرد رقم.
وتطرقت نزال إلى التجارب والمبادرات التي نفذتها المرأة الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، مثل مبادرة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في العام 2011، داعية إلى عدم تهاون النساء في التراجع عن الالتزام بنسبة 30% التي أقرها المجلس الوطني، موضحة أن النساء حققن تقدمًا في قوانين الانتخابات تجاه تمثيل المرأة في المجلس التشريعي.
واستعرضت نزال بالأرقام تراجع مشاركة النساء في عدد من المؤسسات، ومنها الحكومة، حيث قل العدد إلى 3 وزيرات في الحكومة الحالية، بعد أن وصل في إحدى الحكومات السابقة إلى 6 وزيرات، موضحة أن لو لكل فصيل رشح امرأة ضمن وفده إلى اجتماع الأمناء العامين في العلمين، لكانت نسبة تمثيل النساء قريبة من النسبة المقرة وطنيًا، بدلًا من اقتصار المشاركة النسائية على قيادية واحدة فقط.
بدوره، تحدث حرب عن واقع النساء في المجتمع الفلسطيني، موضحًا أن البنى الثقافية المجتمعية لا تؤمن بقدرة النساء، إضافة إلى غياب مفهوم الشراكة بين الرجل والمرأة.
وتطرق إلى أسباب تراجع مشاركة النساء في الحياة السياسية، فهناك أسباب متعلقة بالثقافة المجتمعية، التي تروج بأن المرأة غير قادرة على ذلك، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية لتنفيذ الكوتا النسوية المقرة، فمثلًا بعد إقرار نسبة 30% تم مخالفتها في تشكيل اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي تخلو الآن من أي امرأة، إضافة إلى تغييب الفصائل لنسائها.
وأشار إلى أن الانقسام ليس قدرًا، ولكن المسألة تتمأسس نحو الانفصال، والأكثر تأثرًا من ذلك هم النساء، لا سيما في ظل نظم غير ديمقراطية.
أما السطري، فتطرقت إلى واقع الشباب في النظام السياسي الفلسطيني، موضحة أن الشباب غائب عن مواقع صنع القرار في الأحزاب، وحضوره قليل في الهيئات القيادية العليا للأحزاب، وكذلك قضاياه غائبة عن برامج الأحزاب، وهذا ينعكس بدوره على تمثيل الشباب في مؤسسات السلطة والمنظمة، مثل المجلس الوطني والتشريعي والحكومة، وعلى مساهمته في الجهود المبذولة لاستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام.
وأشارت إلى أن الثقافة الأبوية والمجتمعية للشباب تنظر إلى الشباب باعتبارهم غير قادرين أو مؤهلين للمشاركة والتأثير، فضلًا عن قيود تفرضها الأحزاب لترشح الشباب للمناصب القيادية،