الرئيسية » تقدير موقف » آلاء العملة »   19 أيلول 2023

قراءة/تحميل | | | |
مجموعات المقاومة في الضفة الغربية ... تفاصيل النشأة والتطور
آلاء العملة

تأتي هذه الورقة ضمن إنتاج المشاركين/ات في برنامج "التفكير الإستراتيجي وإعداد السياسات" - الدورة الثامنة، الذي ينفذه مركز مسارات بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

مقدمة

شهدت الضفة الغربية نمطًا جديدًا من أنماط المقاومة المسلحة في العام 2022، فظهرت المجموعات المسلحة التي بدأت في شمال الضفة، وتكررت اشتباكاتها مع الاحتلال، وانتقلت بشكلٍ أقل إلى جنوبها ووسطها، وبرزت هذه المجموعات بالتزامن مع تنفيذ عمليات اغتيال للمقاومين وتصاعد المقاومة الفردية في الضفة.

تباينت المجموعات المسلحة الجديدة في مسار تشكّلها وتطورها، فشهد بعض نماذجها تطورًا ملحوظًا وتراكمًا عملياتيًا، انعكس على الخبرة، والقدرة على الصمود، والتنسيق المشترك في المواجهة في ظل التحديات التي تتعرض لها، فيما تراجع بعض المجموعات على الرغم من البداية الفاعلة لظهورها، بينما ظهر بعضها إعلاميًا ثم توقف.

يستدعي ظهور هذا النمط من المقاومة الأسئلة الآتية: كيف تطورت المجموعات المسلحة، وإلى أين وصلت، وهل استطاعت تجاوز الأحزاب التقليدية؟

تحاول الورقة معالجة ظاهرة المجموعات المسلحة التي ظهرت أخيرًا، وتتبع مسار تطورها، من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة.

المقاومة المنظمة ليست مستجدة

المقاومة المنظمة في الحالة الفلسطينية هي امتداد لسياقات تاريخية مرت بها القضية الفلسطينية. وفي داخل الضفة الغربية تحديدًا، ارتبطت المجموعات المسلحة سابقًا بالفصائل الفلسطينية تنظيميًا وسياسيًا، فظهرت في نهايات الانتفاضة الأولى مجموعات مثل الفهد الأسود، وصقور فتح، والنسر الأحمر، وظهرت كتائب القسام، وجميعها مرتبطة بفصائل فلسطينية كبرى، ثم مع الانتفاضة الثانية (الأقصى)، في العام 2000، ظهرت كتائب شهداء الأقصى.

استطاعت المقاومة الجديدة، البارزة منذ العام 2022، خلق نمط يختلف عن البنية التنظيمية للأحزاب الفلسطينية التقليدية، وشكلت قيادة مستمدة من الميدان "القائد الميداني"، واكتسبت حاضنة شعبية واسعة، على الرغم من حداثة نشأتها وطابعها الشبابي.

ازداد ظهور المجموعات المسلحة في العام 2023، فبرزت في المنطقة الواحدة تشكيلات عدة مسلحة ليست ضمن هرمية تنظيمية واحدة، وانتشرت أذرع تنتمي إلى فصائل سبق تشكيلها وتحمل مسمياتها، مثل: مجموعات سرايا القدس، وكتائب شهداء الأقصى التي استعادت ممارسة العمل العسكري ضد الاحتلال، واندمجت عناصر هذه المجموعات في التشكيلات الجديدة، من دون إلغاء ارتباطها بتنظيماتها الأصلية، فالمجموعات الجديدة باتت تحتوي على مختلف الانتماءات الفصائلية، إلى جانب عناصر لا تنتمي فصائليًا. إن الأكثر وضوحًا في تبني المجموعات المسلحة من قبل الفصائل هي حالة حركة الجهاد الإسلامي، فيما صدّرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خطابًا يدعم الحالة المسلحة عامة، ولكنها تبنت بعض العمليات الفردية بشكل مباشر.

ظهور المجموعات المسلحة

أدّت مجموعة من العوامل دورًا مهمًا في توسّع ظاهرة مجموعات المسلحة الجديدة، منها: غياب الأفق السياسي، وفشل مسار المفاوضات، وأزمات السلطة المركبة المتمثلة في الأزمة الاقتصادية وفقدان شرعيتها واستمرار علاقاتها الأمنية والاقتصادية مع الاحتلال. ومن جانب آخر مأزق حركة حماس المتمثل في عدم قدرتها على الجمع بين السلطة والمقاومة، وتركيزها على تشجيع المقاومة المسلحة في الضفة والتهدئة في غزة، فضلًا عن تصاعد وتيرة الاقتحامات والتوسع الاستيطاني والقتل والاعتقال وتشجيع إرهاب المستوطنين على المناطق الفلسطينية، وغياب العمل المسلح للفلسطينيين.

تراكمت الأحداث الميدانية في الضفة عقب معركة سيف القدس في أيار/ مايو 2021، وكان الحدث الأبرز هروب ستة أسرى فلسطينيين، يوم 6 أيلول/ سبتمبر من سجن جلبوع، سبقها تشكيل مجموعة صغيرة في مخيم جنين بقيادة الشهيد جميل العموري[1].

بدأت تتبلور المجموعات المسلحة إثر ذلك، وتُعد كتيبة جنين أولى هذه التشكيلات، ومقرها مخيم جنين، وتشكلت في 7 أيلول/ سبتمبر 2021، وصرح عناصر سرايا القدس استعدادهم لحماية الأسرى الهاربين، والدفاع عنهم[2]. وتضم الكتيبة عناصر من مختلف الانتماءات، خاصةً لواء الشهداء الذي أسسه الشهيد داود الزبيدي، الأقرب إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".

تشكلت كتيبة نابلس في البلدة القديمة أواخر العام 2021، وقد اغتال الاحتلال أبرز قيادتها محمد الدخيل، وأشرف مبسلط، وأدهم مبروكة، في 8 شباط/ فبراير 2022، ومن ثم اغتيل إبراهيم النابلسي ورفيقاه إسلام صبوح وحسين طه في 9 آب/ أغسطس من العام ذاته. وانبثقت منها مجموعة عرين الأسود التي ظهرت رسميًا بتاريخ 2 أيلول/ سبتمبر، وينسب تأسيسها إلى الشهيد محمد العزيزي، رفيق النابلسي.

تعرضت مجموعة العرين للاغتيالات والاعتقالات في صفوف قياداتها بشكلٍ استنزفها؛ إذ استشهد 21 عنصرًا منذ تأسيسها، وسلم بعض عناصرها نفسه للسلطة الفلسطينية؛ ما ساهم في تراجعها، فتحولت عملياتها إلى الصد والاشتباك، ومنذ أيار/ مايو 2023، قلصّت المجموعة نشر بياناتها عبر قناتها التلغرام، ولم تعد تظهر في عروض عسكرية.

ونشرت العرين في الذكرى الأولى لاستشهاد مؤسسيها، عبد الرحمن صبح ومحمد العزيزي، يوم 28 تموز/ يوليو 2023، بيانًا يحمل خطابًا جديدًا، أكدت فيه عدم انتهائها، وحرضت على انخراط أوسع خلف المقاومة، وأشادت بالعمليات التي قادها المقاتلين بشكل فردي. كما وجهت رسائل للمقاومين والمجموعات المقاومة متعلقة بالنشر على منصات التواصل "القول قول البنادق ... لا بيانات قدر الإمكان ولا عروض مسلحة على الإطلاق"[3]. ويشير ذلك إلى أنها تعلمت من التجربة، فاتجهت نحو تكتيك ممارسة العمل المقاوم السري، وعنصر المباغتة في القتال وتقليص الظهور الإعلامي، عكس بدايتها.

ازدادت الحاضنة الشعبية للمجموعات المسلحة؛ إذ أشار استطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، في حزيران/ يونيو 2023، أن 71%من الفلسطينيين يؤيدون تشكيل المجموعات كعرين الأسود وكتيبة جنين[4].

عملت مجموعات جنين على مراكمة خبرتها من التدريب ومحاكاة الاشتباك، كما صنعت لنفسها مكانًا لتطور فيه أسلحتها، وبنت الأنفاق، وطوّرت أدواتها، كإدخال عبوة تامر إلى الخدمة التي أدت إلى التفجير ناقلة الجند الإسرائيلية نمر، وخروجها عن الخدمة في معركة بأس جنين يوم 19 تموز/ يوليو 2023 [5]، وصنعت صاروخ قسام 1، الذي أعلنت عنه كتيبة العياش التابعة لكتائب القسام وتكرر إطلاقه على مستوطنة "شاكيد" قرب جنين[6].

تطوّر التنسيق المشترك بين المجموعات

يتضح وجود تنسيق بين المجموعات القائمة، ويمكن التمييز بين ثلاثة مستويات من التنسيق:

المستوى الأول: داخل المنطقة الواحدة، وفي حالة نابلس يمكن الحديث عن التنسيق بين المدينة ومحيطها، مثل التنسيق بين العرين وكتائب بلاطة وكتيبة نابلس أثناء اقتحامات قبر يوسف[7]. وفي جنين التنسيق منظم أكثر بين الكتائب، وهناك غرفة عمليات مشتركة بين لواء الشهداء وكتيبة جنين (مقاتلي حزام النار) والقسام.

المستوى الثاني: التنسيق التنظيمي، بين أذرعة التنظيم الواحد، كما في حالة كتيبة جنين - سرايا القدس، وكتيبة طوباس - سرايا القدس، ويظهر التنسيق من خلال البيانات المشتركة والميدان.

المستوى الثالث: تنسيق متعدد المناطق، ويكون بين مجموعات ليست ضمن المناطق نفسها، مثل مجموعات سرايا القدس ولواء الشهداء في جنين والعرين في نابلس وكتيبة طوباس وكتيبة طولكرم[8]، أبرزها الاشتباك المشترك في أيّام معركة بأس الأحرار[9].

أخذ التنسيق أشكالًا مختلفة، مثل: الاشتباك المشترك، وتوفير مجموعات إسناد عن حدوث مواجهات مع الاحتلال، وتبادل الخبرات وتعميمها مثلما حدث بين كتيبة جنين وكتائب نابلس، كما أشار موقع والاه العبري نقلًا عن ضباط "إسرائيليين" عن تشابه العبوات الناسفة التي تزرع له في جنين ونابس؛ ما قد يعني نقل هذه العبوات الناسفة بين جنين ونابلس.

يقدّم الجدول التالي، استنادًا إلى المعلومات المتوافرة، تاريخًا لظهور المجموعات المسلحة المختلفة.

المجموعة المسلحة

تاريخ الانطلاق

كتيبة جنين - سرايا القدس

7/9/2021

لواء الشهداء - كتائب شهداء الأقصى

تزامن مع كتيبة جنين 2021

سرايا القدس - كتيبة نابلس

24/5/2022

سرايا القدس - كتيبة طوباس

17/7/2022

سرايا القدس - مجموعات قباطية

28/8/2022

عرين الأسود

2/9/2022

سرايا القدس - مجموعات برقين

21/9/2022

سرايا القدس - مجموعات جبع

27/9/2022

كتيبة بلاطة - كتائب شهداء الأقصى

5/11/2022

شباب الثأر والتحرير - كتائب شهداء الأقصى

18/12/2022

كتيبة طولكرم (الرد السريع) - كتائب شهداء الأقصى

29/1/2023

كتيبة مخيم عقبة جبر

4/2/2023

كتيبة مخيم الفارعة

9/2/2023

سرايا القدس - كتيبة طولكرم

23/3/2023

كتيبة الضياء - يعبد

30/3/2023

كتيبة الفجر - كتائب شهداء الأقصى

4/4/2023

كتيبة مخيم الجلزون

5/5/2023

مجموعات الفارعة - سرايا القدس

31/7/2023

 

المجموعات المسلحة والفصائل

انتشر استخدام تسميات للفصائل الموجودة ككتائب شهداء الأقصى - شباب الثأر والتحرير مخيم بلاطة، وكتيبة الرد السريع - شهداء الأقصى طولكرم، التي اقترنت تسميتها بالشهيد رائد الكرمي صاحب الرد السريع ومؤسس كتائب شهداء الأقصى "تخرجنا من مدرسة الكرمي"[10]، وأصبح هناك تفعيل لمجموعات قائمة بالفعل مثل مجموعات أمجد الفاخوري في جبع.

بدأت مجموعات سرايا القدس، بالتوسع على محورين: التمدد الداخلي مثل جنين ومحيطها، وانتشرت مجموعاتها في قباطية وجبع، والتمدد الخارجي، فتأسست كتيبة نابلس، وكتيبة طوباس، وتشدد هذه المجموعات في خطابها على وحدة الساحات.

وظهرت كذلك مجموعات مرتبطة بأسماء شهداء، مثل مجموعة الشهيد تامر الكيلاني في نابلس التي تتبناها كتائب أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية، إضافة إلى كتيبة العياش في جنين، وكتيبة عقبة جبر، لكن "حماس" لم تُصدر خطابًا يتبنى مجموعة بحد ذاتها، بل إن خطابها يدعم الظاهرة ككل؛ إذ صرح صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، بالقول: "أي عمل مقاوم في الضفة "حماس" إما تقف وراءه أو تدعمه أو تحميه"[11]، بينما تبنت عمليات فردية مثل عملية عيلي التي نفذتها خلية تابعة لحماس، يوم 20 حزيران/ يونيو 2023[12]، وتعمل الحركة في الضفة عن طريق خلايا سرية بسبب الملاحقة والاستهداف.

لاحقًا، تبنت حركة الجهاد خطابًا داعمًا لتصاعد المجموعات المسلحة، فصرح زياد النخالة، الأمين العام للحركة، بالقول: "هنالك خطة وبرنامج لإحداث نقلة نوعية في الضفة وتطوير قدرات المقاومين"[13]؛ ما يعني صعود الحركة في الضفة، ورغبتها في قيادة الأحداث عن طريق دعم المقاومة، واستنساخ تجربة غزة في الضفة.

يبرز أحيانًا حالة من عودة الفصائلية والتقسيمات المبنية على الأيديولوجيا لأفراد المجموعات، فما الذي يمنع تشكيل بنية المركز والأطراف؛ أي كتيبة واحدة في كل منطقة تندرج تحتها التفرعات والأذرع؟

هذه الحالة لا تشبه سابقاتها؛ لأن الفصيل الأم غالبًا لا يتبناها، وليس مرجعية لها، كما أن الجغرافيا المناطقية تتفوق في الوحدة والمركزية على الانتماءات إلى المجموعات، وهي تعبر عن المسار المقاوم بوصفه امتدادًا له وليس بديلًا، وهي نوع من محاولات فرض أمر واقع على الأحزاب لتبني الخيار المسلح الموحد ودعمه.

عمليات "إسرائيل" ضد المجموعات المسلحة

استخدمت السياسة الإسرائيلية عملية كسر الأمواج للقضاء على المقاومة، ومن أدواتها العودة إلى سياسة الاغتيال، من خلال الاستناد إلى معلومات مسبقة لديها، إضافة إلى استخدام العملاء والتكنولوجيا، كاستخدام برامج وأجهزة التجسس مثل بيغاسوس؛ إذ استطاعت استهداف عدد كبير من المقاومين، وأغلبهم داخل مركباتهم، فقد نفذ الاحتلال منذ بداية العام 2022 وحتى اليوم 7 عمليات اغتيال داخل المركبات أدت إلى ارتقاء 33 شهيدًا.

كما فرضت عقوبات جماعية كالحصار والتضييق على الحواجز، إضافة إلى استخدام الطائرات المسيرة لاغتيال المقاومين، فضلًا عن تنفيذ عمليات عسكرية، كما حصل في أريحا ونابلس وجنين.

عقب عمليات المقاومة، نفذت مجموعات منظمة من المستوطنين بحماية الجيش هجومًا على القرى والمناطق الفلسطينية وقامت بتخريب وتدمير للممتلكات، لمنع وإنهاء أي حالة ثورية قد تنشأ وردعهم عن المقاومة، مثل الهجوم على بلدات حوارة وترمسعيا وعوريف.

تدرج السياسة الإسرائيلية من الاعتقال والاغتيال بالطائرات إلى العمليات الموسعة يكشف عن فشلها في القضاء على المقاومة. كما أصبحت العلاقة طردية فكلما زاد الجيش في العنف ازدادت عمليات الثأر والمقاومة. وفي هذا السياق، نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تقديرًا أكد فيه أن عملية كسر الأمواج "أدت إلى دورة عنف تعيد إنتاج ذاتها، فكلما زادت إسرائيل بالعنف حفز الشباب على القيام بمزيد من العمليات"[14].

موقف السلطة الفلسطينية

شاركت السلطة في لقاءي العقبة وشرم الشيح في بداية العام 2023؛ بهدف تهدئة الأوضاع في الضفة، غير أن عمليات المقاومة الفردية والمنظمة ازدادت. واعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية عددًا من المقاومين. وقد استنكرت المجموعات المسلحة الاعتقالات، مؤكدة أن الوجهة الوحيدة للقتال هي الاحتلال، ولا تريد الاشتباك مع السلطة.

كما مارست السلطة ضغوطات على المقاومة، مثل عرضها صفقات للمقاومين لتسليم أنفسهم وسلاحهم مقابل حمايتهم وحصولهم على امتيازات العمل والتفريغ في الأجهزة الأمنية، واستجاب البعض لتسليم نفسه لدى السلطة وبعضهم رفض العروض المقدمة.

وفي سياق آخر، زاد انخراط عناصر الأمن الفلسطيني في المقاومة، واستشهد بعضهم؛ ما يعد مؤشرًا على عدم الرضا عن مسار السلطة السياسي، وعلى انخراطهم في المقاومة حال امتدادها.

من جهته، زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مخيم جنين، يوم 12 تموز/ يوليو، عقب معركة بأس الأحرار[15]. وتُعدُّ الزيارة تعزيزًا لمكانة السلطة، والتأكيد على سيادتها في جنين، وإعادة تهدئة الأوضاع، خاصةً بعد تنامي الاحتجاج ضد السلطة بحجة عدم توفير الحماية والأمن للمواطنين، ودلالة على دعم صمود المخيم.

لا تستخدم السلطة خطابًا معاديًا معلنًا للمجموعات، فالسلطة فقدت سيطرتها على تنامي الظاهرة المسلحة، وكذلك فإن أزماتها الداخلية تجعلها تحجّم دورها في إنهاء الظاهرة، خاصة أنها تلاقي حاضنة ذات بعد اجتماعي وجماهيري، فضلًا عن أن عناصر كتائب شهداء الأقصى ينخرطون في العمل المسلح، وهذا على الرغم من وجود حالات اصطدام مباشر بين السلطة والمواطنين حينما اعتقلت مقاومين، ووصلت إلى إطلاق نار على مقرات السلطة.

خاتمة

تشهد الضفة الغربية عودةً للكفاح المسلح المنظم وغير المنظم، ويتجلى ذلك في ظهور تشكيلات المجموعات المسلحة في مناطق شمال الضفة، بطريقة فصائلية غير تقليدية، مثل أذرع سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، التي تتمدد وتشدد على وحدة الساحات. أما حركة حماس فتعبر عن خطاب داعم للظاهرة عامة، إضافة إلى ظهور أذرع من كتائب شهداء الأقصى تؤكد تبني العمل الثوري وممارسته وترفض ممارسات السلطة.

استنزف بعض المجموعات بفعل الاغتيال والاعتقال، وهي ما زالت تفتقر إلى إستراتيجية عمل موحدة، وحاضنة فصائلية تستثمر جهودها وتحقق أهدافًا واقعية، في الوقت الذي تواصل فيه مجموعات تطوير عملها والتعلم من التجارب الذاتية.

ما تقوم به "إسرائيل" من محاولات للقضاء على المقاومة، أعطى نتائج عكسية؛ حيث ازداد العمل المسلح الفردي والمنظم، لذلك بدأت تتجه التقديرات نحو ضرورة دعم السلطة ووجودها لمواجهة الظاهرة.

الهوامش

* ما يرد في هذه الورقة من آراء يعبر عن رأي كاتبها، ولا يعكس بالضرورة موقف مركز مسارات.

[1] برنامج "ما خفي أعظم" - خارج الحسابات، الجزيرة، 6/1/2023: youtu.be/QH9OpaucF7s

[2] جزء من تصريحات سرايا القدس عقب فرار أسرى من سجن جلبوع لوسائل الإعلام: "نراقب ما يجري"، رؤيا نيوز، 7/9/2021:https://cutt.us/NyrFi

[3] بيان عرين الأسود، قناة عرين الأسود على التلغرام، 28/7/2023: t.me/areennabluss/273

[4] نتائج استطلاع الرأي رقم (88)، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، 17/6/2023: pcpsr.org/ar/node/941

[5] بيان كتيبة جنين، قناة كتيبة جنين على التلغرام، 16/9/2023: t.me/sarayajneen/438

[6] فيديو كتيبة العياش غرب جنين، قناة كتيبة العياش على التلغرام، 7/7/2023: t.me/ayashqassam/4

[7] بيان عرين الأسود، قناة عرين الأسود، 13/6/2023: t.me/areennabluss/269

[8] بيان كتيبة جنين، قناة كتيبة جنين، 5/7/2023: t.me/sarayajnein/1508

[9] بيان عرين الأسود، قناة عرين الأسود، 3/7/2023: t.me/areennabluss/270

[10] بيان كتيبة الرد السريع، قناة كتيبة طولكرم (الرد السريع)، 29/7/2023: t.me/toulkarem/4

[11] صالح العاروري: لدى المقاومين في جنين القدرة على ردع الاحتلال، الجزيرة، 3/7/2023: youtu.be/cOQYhJKoUJo

[12] تغريدة للناطق العسكري باسم كتائب القسام، قناة الناطق العسكري على التلغرام، 6/7/2023: t.me/spokesman_2020/37

[13] مختار حداد وسجاد إسلاميان، التوصيف الدقيق لغرفة العمليات المشتركة، صحيفة الوفاق، 30/6/2023: al-vefagh.net/55553/55553/

[14] The Operation in Jenin: Time for a Complementary Move, INSS, 16/7/2023: 2u.pw/76QYiM0

[15] الرئيس يصل جنين لتفقد أوضاع المواطنين ومتابعة إعادة الإعمار، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، 12/7/2023: wafa.ps/Pages/Details/74745

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مشاركة: