الرئيسية » تحليل سياسات » غزل الناطور ومعتصم زيدان »   07 نيسان 2024

| | |
نحو آليات فاعلة لمواجهة سياسة احتجاز جثامين الشهداء

هذه الورقة من إعداد كل من غزل الناطور ومعتصم زيدان، ضمن إنتاج أعضاء "منتدى الشباب الفلسطيني للسياسات والتفكير الإستراتيجي" الذي يشرف عليه مركز مسارات.

مقدمة

مارست دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ نشأتها سياسة احتجاز جثامين الشهداء، الأمر الذي عُرف في السابق بـ "مقابر الأرقام". منذ أواخر العام 2014، صعّدت إسرائيل سياساتها القمعيّة تجاه الجثامين المحتجزة، وبدأت بوضعها في ثلاجات الموتى. وعلى الرغم ما تثيره هذه السياسة من جدل بشأن عدم وجود "غطاء قانوني" يسوغها في ضوء تناقضها مع حقوق الإنسان الأساسية، فإن المحكمة العليا في إسرائيل وفرت تبريرًا فضفاضًا في العام 2019 يستند إلى مادة 133 (3) من قانون الطوارئ الذي يفوض الحاكم العسكري بعدم تسليم الجثمان لاعتبارات أمنية.

يبلغ عدد الجثامين التي تحتجزها إسرائيل في الثلاجات ومقابر الأرقام منذ انتفاضة القدس تشرين الأول/ أكتوبر 2015، 141 شهيدًا حتى تاريخ 24 آب/ أغسطس 2023[1]، بالإضافة إلى أكثر من 256 جثمانًا محتجزا فيما يصطلح عليه فلسطينيًا بـ "مقابر الأرقام"[2]. وتتجاهل بذلك المؤسسة الإسرائيلية مُجمل القوانين الدولية التي تنصّ على احترام الموتى وكرامتهم، كما تؤكد ضمان حقهم في دفنهم بين ذويهم، وتحديدًا في حالات الاحتلال.

في المقابل، لم يرقَ الحراك الرسمي والشعبي الفلسطيني ضد هذه السياسة إلى مستوى توليد حالة شعبية ضاغطة، يتردد أصداؤها على مستوى دولي يضع القضية على سلم أولويات الرأي العام العالمي، ويؤدي إلى تحريك المؤسسات الدولية القانونية، بهدف وقف استمرار هذه الجريمة، وبالتالي استمرار حالة غض البصر الدولية، وعدم محاسبة إسرائيل[3].

تزايدَ عدد جثامين الشهداء المحتجزة، خاصة مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الأشد تطرفًا عبر التاريخ، وذلك بفعل تصعيد عمليات القتل والإعدام الميداني التي تنفذها قوات الاحتلال. ومن المتوقع أن تتصاعد وتيرة هذه الجرائم بسبب وضوح سياسة الحكومة التصعيدية تجاه الفلسطيني؛ إذ تعمل بشكل دؤوب على تمرير قانون لمنع التحقيق مع الجنود ورجال الشرطة في حالة إقدامهم على قتل فلسطينيين[4]. علاوةً على ذلك، تتبع سلطات الاحتلال سياسة ضبابية، وأحيانًا تكتمًا كاملًا، حول أوضاع الأسرى المرضى، والإمعان في سياسة الإهمال الطبي وتوفير الظروف والأسباب المؤدية إلى استشهاد العديد منهم واحتجاز جثامينهم، كالأسير المريض ناصر أبو حميد الذي استشهد في الأسر، والشهيد القائد خضر عدنان.

تُمارس هذه السياسات بشكل ممنهج تحت غطاء تفسيرات قانونية تعود إلى عهد الانتداب، إضافةً إلى محاولات جديدة لسن قوانين لا تهدف فقط إلى السيطرة على جثمان الشهيد الفلسطيني، وقوننة احتجازه بشكل منافٍ لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية[5]، بل أيضًا محاولة السيطرة على وعي الفلسطيني وإخضاعه عبر رفع ثمن مقاومته للاحتلال في حياته، وأثناء أسره، وبعد استشهاده، وتحويل سياسة "جمع الجثث" إلى ورقة مساومة في حالة إبرام صفقة تبادل أسرى مستقبلية.

ويضاف إلى ذلك، وجود مؤشرات على سرقة أعضاء وأجزاء من الجثامين المحتجزة، وهو ما أشارت إليه تصريحات رئيس الوزراء محمد اشتية في تموز/ يوليو 2022؛ إذ قال إن كليات الطب في الجامعات الإسرائيليّة تستخدم الجثامين بوصفها حالات دراسيّة[6].

فلسطينيًا، تم اعتبار الردود الدبلوماسية قاصرةً وغير فعالة من قبل جهات حقوقية وأهالي الشهداء؛ إذ لم ترتق الردود إلى تشكيل ضغط خارجي أو مناصرة داخلية حول قضية احتجاز الجثامين محليًا وإقليميًا، ولا حتى في الإطار القانون الدولي، على الرغم من وضوح الموقف القانوني من الأمر[7].

تسعى هذه الورقة إلى رصد المعوقات التي وقفت أمام المحاولات السابقة لتحرير الجثامين، ومحاولة طرح حلول سياساتيّة لمواجهتها، واقتراح آليات فاعلة لوقفها، وملاحقة المسؤولين عن ارتكابها بأدوات ووسائل متنوعة، بالاعتماد على المجتمع الفلسطيني، بمكوناته الوطنية والشعبية، وبالاستناد إلى القانون الدولي والإنساني بما يدعم تحقيق التواصل بين كافة الجهات المعنية وذات الاختصاص في الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي.

المشكلة السياساتية

يستمر الاحتلال باستخدام سياسة احتجاز الجثامين بوصفها أداة للضبط والسيطرة على جسد الفلسطيني ووعيه، وتجسيدًا لسياسات مُمنهجة من العقوبات الجماعيّة التي يفرضها على الفلسطيني. وعلى الرغم من القوانين والمواثيق والقرارات الدوليّة الرافضة لمثل هذه السياسات[8]، فإن الاحتلال عازم على الاستمرار في هذه السياسات، بوصفها وسيلة لمعاقبة أهالي الشهداء، من خلال محاسبتهم والضغط عليهم وتدفيعهم الثمن، بهدف ردع أي محاولة مستقبلية للقيام بأي فعل مقاوم[9].

استخدمت إسرائيل منذ نشأتها هذه السياسية بشكل مختلف؛ حيث استخدمت"مقابر الأرقام" لدفن جثامين المقاومين الفلسطينيين والجنود العرب الذين احتُجزت جثامينهم خلال الحروب السابقة. وقد أطلق الاحتلال على هذه المقابر "مقابر قتلى العدو"، في حين سُميت فلسطينيًا "مقابر الأرقام"؛ حيث اعتاد الاحتلال ترقيم المقابر بأرقام تسلسلية، من دون ذكر أي تفاصيل عينية تؤدي إلى التعرف إليهم من خلال معلوماتهم، وحتى مكان دفنهم وتفاصيل استشهادهم. ووصل الأمر إلى حد فقدان بعض الجثث التي كشفت عنها عمليات تبادل الأسرى التي جرت في السابق[10].

ويكتنف هذا الملف غموض شديد حتى اليوم؛ إذ كُشف النقاب عن وجود هذه المقابر بفعل ضغوطات إسرائيلية داخلية ودولية في السابق. ولا يعود سبب هذا الغموض فقط إلى التغطية على سياسيات التنكيل التي تنتهجها إسرائيل بحق الجسد الفلسطيني بعد موته، بل كذلك للتغطية على سياسات الإهمال وعدم الاكتراث بالجثامين وذويهم[11].

بدأت إسرائيل في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2015 بفرض شكل مختلف من سياسات السيطرة على الجثمان الفلسطيني، ومنهجة آلية احتجاز هذه الجثامين في ثلاجات حفظ الموتى، بوصف ذلك تجسيدًا جديدًا لسياسات استغلال الجثمان وعقابًا جماعيًا لذويه. وبينت جاسبر بور، الباحثة في جامعة روتجيرز الأمريكية في كتابها "الحق في التشويه" أن هذه السياسات جزء من ماهية المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي تقوده الحركة الصهيونية على أرض فلسطين، وليس وليد سياسات حكومية إسرائيلية[12].

أشعلت قضية احتجاز جثماني الشهيدين غسان وعدي أبو جمل، في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، الضوء الأحمر في تحديد شروط الدفن وفرض قيود على العائلة، ما سمي فيما بعد "الدفن المشروط"، علمًا أن هذه الشروط وضعت بالتشاور مع جهات عديدة، منها جهاز الأمن العام الإسرائيلي، والشرطة، والمستشار القضائي في هذه العملية. وبذلك لاحظت إسرائيل قدرتها على استخدام ورقة قدسية الميت لتشكيل حالة الواقع الفلسطيني[13].

وضعت التطورات التي طرأت على سياسة إسرائيل تجاه جثامين الشهداء الفلسطينيين، تحديات جديدة أمام المجتمع الفلسطيني، تحديدًا الجهات الحقوقية الفاعلة، ومع ذلك لم يرتق الرد الفلسطيني تجاه الجريمة إلى الحد المطلوب الذي تمثل في مطالبات متواضعة من قبل السلطة الفلسطينيّة بتسليم جثامين الشهداء لذويهم، وتنظيم حراكات شعبية لاسترداد الجثامين، وإقامة لجان رسميّة من أجل معرفة مصير الشهداء أو معاينة الجثامين[14].

لكن، لم يكن هناك تعاون واضح وفعال بين هذه الجهات، واقتصار المعلومات الموجودة على المصادر الإسرائيلية والدولية، من دون وجود ملف فلسطيني شامل مُفصل لجميع المعلومات المتعلقة بالشهداء وملفاتهم[15].

في السابق، كان هناك بعض المحاولات لتشكيل حراك ولجان شعبية ووطنية للضغط على إسرائيل، ولعل أحد أبرز هذه الحراكات حراك عائلات الشهداء تحت شعار "بدنا ولادنا"، الذي حاول جعل قضية احتجاز الجثامين قضية رأي عام على الصعيد المحلي والرسمي والدولي.

وفي ضوء ذلك، تُثار فلسطينيًا تساؤلات حول مدى فعاليّة الجهود التي بُذلت في السابق، والإجراءات التي ستقوم بها السلطة الفلسطينيّة على المستويات الدبلوماسيّة والقانونيّة والشعبيّة، من أجل القضاء على هذه الجريمة، إضافة إلى توثيق وفضح الانتهاكات الإسرائيليّة المتعلقة بسرقة الأعضاء، بما في ذلك الحصول على أدلة دامغة حول طبيعة الجرائم التي مورست في السنوات الماضية ضد الجثامين الفلسطينيّة، وملاحقة المجرمين في أروقة المحاكم الدوليّة[16].

تُشير التقارير إلى أن إسرائيل تقوم بممارسة سياسة احتجاز الجثامين لأسباب عدّة، ومنها ما يأتي:

  • الحفاظ على الأمن من خلال ردع الفلسطينيين عن الاقتداء بالشهداء والقيام بعمليات ضد أهداف إسرائيلية.
  • ممارسة سياسة العقاب الجماعي، والانتقام من عائلة الشهيد بعد موته والتضييق على أفرادها.
  • المساومة من خلال عدم تسليم جثامين منفذي العمليات الذين ينتمون إلى حركة حماس، غير أن هذا القرار عُدّل فيما بعد ليشمل كافة الشهداء الفلسطينيين بغض النظر عن انتماءاتهم، من أجل استخدامها كورقة ضغط على المقاومة التي تحتجز أسرى أو قتلى إسرائيليين.

الأهداف

الهدف العام:

اقتراح آليات سياساتيّة فاعلة لإنهاء سياسة احتجاز جثامين الشهداء.

الأهداف الفرعية:

  • تسليط الضوء على قضية احتجاز جثامين الشهداء، بأبعادها القانونيّة والسياسيّة، وتقييم مدى فعالية مواقف وإجراءات السلطة الفلسطينيّة لمعالجة المشكلة، إضافة إلى تقييم مدى فعاليّة التدخلات الفلسطينيّة المحليّة والدوليّة، الحقوقيّة والسياسيّة، من أجل حل هذه المشكلة.
  • اقتراح آليات لبناء قاعدة معلومات حول الجثامين المحتجزة، التي تم تسليمها، بما فيها ظروف الاستشهاد ونتائج معاينة الجثامين التي يتم تسليمها، إضافة إلى توثيق الانتهاكات بحق الأجساد، ومنها حالات سرقة الأعضاء، وكذلك المتابعات القانونيّة الخاصة بكل حالة من الحالات، بما يخدم فضح جرائم الاحتلال، وتعزيز فرص الملاحقة القانونية للمسؤولين عن ارتكابها.

من الأرقام إلى الثلاجات

أولًا: مقابر الأرقام

مقابر سرية تقع في مناطق عسكرية مغلقة، ارتبط اسمها بسجلات أسماء الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة جثامينهم لدى سلطات الاحتلال منذ النكبة وحتى يومنا هذا، والبالغ عددهم المعروف حتى تشرين الأول 2015 (256)، ويسود الاعتقاد أن هناك أعدادًا كبيرة لشهداء مجهولي الهوية تم دفنهم في أماكن مختلفة في فلسطين المحتلة، لم يكشف عنها حتى الآن.

تتشكل المقابر من مدافن بسيطة، دفنت فيها الجثامين قريبًا من سطح الأرض وموضوع عليها لافتات حديدية صغيرة تحمل أرقامًا بدلًا من الأسماء، من دون أي معلومات تشير إلى هوية الشهيد. وتُعدّ المقابر مناطق عسكرية مغلقة يمنع الوصول إليها من دون موافقة مسبقة، ويمنع الاقتراب منها أو تصويرها، ولا يسمح لأي من ذوي الضحايا ووسائل الإعلام وممثلي المؤسسات الدولية بزيارتها، لذلك فهناك بعض القبور تلاشى تمامًا بفعل الأمطار والسيول التي جرفت أعضاء الشهداء وبواقي الجثامين المتحللة[17][18].

لا توجد معلومات كاملة ودقيقة عن أعداد وأماكن المقابر، إلا أنه تم الكشف عن أربع مقابر من بين مقابر كثيرة غير معلن عنها، ولا يعكس بعض المقابر المعترف بها العدد الحقيقي للجثامين المحتجزة، ومن بين المقابر الشهيرة ما يأتي:

  • مقبرة الأرقام المجاورة لجسر "بنات يعقوب" في منطقة عسكرية "تقع عند ملتقى الحدود الإسرائيلية – السورية – اللبنانية، وتضم نحو 500 قبر لشهداء فلسطينيين ولبنانيين"، استشهد غالبيتهم في حرب 1982[19].
  • مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة "بين مدينة أريحا وجسر دامية في غور الأردن، ويوجد فيها أكثر من 100 قبر تحمل أرقامًا من 5003–5107، وتدعي إسرائيل أنها مجرد إشارات ورموز إدارية"[20].
  • مقبرة "ريفيديم"، وتقع في غور الأردن[21].
  • مقبرة "شحيطة" وتقع في "قرية وادي الحمام، شمال مدينة طبريا، وتحتوي على جثامين لشهداء معارك منطقة الأغوار بين العامين 1965–1975، وهي عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق؛ ما يجعلها عرضة للانجراف بفعل الأمطار وتعرض الجثامين لنهش الكلاب الضالة[22].
  • مقبرة "عميعاد" وتقع في مستوطنة تحمل الاسم نفسه شمالي البلاد، تدفن فيها إسرائيل شهداء المقاومة الفلسطينيّة بفترات متقاربة، ومنهم مقاومون استشهدوا في العدوان على غزة في العام 2014.[23]

تعدّ هذه المقابر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية؛ حيث يحرم الأهالي من حقهم في التعرف إلى مصير أبنائهم وأقاربهم، ودفنهم بالشكل المناسب واللائق، كما أنها تشكل تجاهلًا واضحًا للقوانين الدولية والإنسانية المتعلقة بحقوق الإنسان والحفاظ على كرامة الموتى[24].

على الرغم من محاولات العديد من المنظمات الحقوقية بالعمل على الكشف عن هذه المقابر وجمع المعلومات عنها، وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وتوثيق الأدلة والشواهد اللازمة لرفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين عن هذه الانتهاكات، فإنه ما زالت هناك مشكلة حقيقية وضعف كبير في مواجهة سياسة الاحتلال المتمثلة في احتجاز الجثامين.[25]

ثانيًا: ثلاجات الموتى

في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، عدلت إسرائيل سياساتها تجاه الجسد الفلسطيني، وبدأت باحتجاز عشرات الجثامين في ثلاجات مخصصة لحفظ الموتى، ومن ثم أصبحت سياسة ممنهجة يتبعها الاحتلال الإسرائيلي بوصفها آلية ضبط وعقاب، بعد زيادة العمليات الفلسطينية التي استهدفت جنودًا ومستوطنين في نهاية العام 2015[26].

ومع تصاعد الأحداث في العام 2015، قابلت إسرائيل هذا النوع من العمليات بالتصعيد الجديد، الذي تجلى في لجوء إسرائيل إلى التحفظ على هذه الجثامين لاعتبارات واهية منافية للقانون الدولي وحقوق الإنسان. ولم تكن المرة الأولى التي تحاول إسرائيل تأطير أعمالها ضمن القانون؛ إذ سعت تاريخيًا إلى قوننة انتهاكاتها بحق الشهداء من خلال إيجاد مسوغات تبيح احتجاز جثامين الشهداء وسرقة أعضائهم من دون أي رادع. وبذلك تنتهك بشكل صريح قواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة المتعلقة بصون كرامة الإنسان وحظر كافة أشكال المعاملة المهينة والعقوبة القاسية وغير الإنسانية[27].

ظروف حفظ الجثامين في الثلاجات

تحتجز إسرائيل الجثامين في معهد "أبو كبير للطب الشرعي"، الذي أنشأته مؤسسة أبحاث الشرطة الإسرائيليّة، ويتبع اليوم لوزارة العدل الإسرائيليّة. وأظهر تحقيق أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن مستوى النظافة في المكان متدنٍ جدًا، حيث تنتشر الحشرات والزواحف في الممرات وبين الأرجل، وتتراكم الجثث المتناثرة في الممرات بين الذباب والحشرات. وتشير التقارير إلى أن مكيفات الهواء لا تناسب الاستخدام الحالي، فضلًا عن اكتظاظ الثلاجات المخصصة للجثث[28].

لا يسمح للجمهور بزيارة المعهد إلا بإذن خاص، ولم يصل أي تقرير أو إفادة حول مكان احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين في المعهد، لكن من المعروف أن الجثامين التي سلمت إلى العائلات بعد أشهر من الاحتجاز أظهرت وجود تغييرات واضحة على جسد الشهيد[29].

الاحتجاز وسرقة الأعضاء

يستخدم الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الشهداء في الثلاجات ومقابر الأرقام بوصفها وسيلة للانتقام من الشهيد حتى بعد وفاته، ويعدّ الاحتجاز الإداري للجثمان شبيهًا بالاعتقال الإداري؛ حيث يتم "اعتقال" الجثمان من دون توجيه أي اتهام أو محاكمة، ويتم الاحتفاظ به في الثلاجة أو المقابر لمدد طويلة قد تصل في بعض الحالات إلى عقود من الزمن[30]. ويهدف هذا الإجراء إلى فرض سيطرة وسيادة فعليّة على الجثمان، والمس بكرامته، والانتقام من الميت الفلسطيني[31].

منذ بدء السياسات الإسرائيلية لحفظ الجثامين في الثلاجات، أحال الاحتلال جثامين أربعة شهداء إلى مقابر الأرقام بموجب قرار عسكري، صدر في 7 أيار/ مايو 2017، فيما يسود الاعتقاد أن هناك عددًا اخر من الشهداء نقلت جثامينهم بموجب قرارات عسكرية لم يتم الإعلان عنها.

وعلى سبيل المثال، جثمان الشهيد عبد الحميد أبو سرور، الذي استطاعت عائلته بعد نضال استمر لأعوام بالشراكة مع المؤسسات الحقوقية، وتحديدًا مؤسسة "عدالة" الحقوقيّة، استلام الملف الطبي الذي تضمن أمرًا عسكريًا بدفنه في مقبرة "عميعاد، صف 12 قبر رقم 141" في يوم 8 أيار/ مايو 2017 بين الساعة الثامنة إلى العاشرة فقط، بحضور من يُسمح له من قبل من يفوضه القائد العسكري بذلك[32].

إن معايير صناع القرار الإسرائيليين بإحالة جثامين شهداء إلى مقابر الأرقام أو ثلاجات الموتى تثير ريبة حول إذا ما كانت دوافع القرار الإسرائيلي الاستفادة من هذه الجثامين أو لا. فجثمان أبو سرور الذي تمزق بفعل الانفجار وتحول إلى أشلاء، وما هذا الإجراء إلا دليل على وحشية هذه الدوافع.

واتهم اشتية المؤسسات الطبيّة الإسرائيليّة باستخدام أجساد الفلسطينيّين المحتجزة في كليات الطب. وفي الآونة الأخيرة، قامت وزارة الإعلام الفلسطينيّة بجرد التقارير الصحافيّة والحقوقيّة التي كشفت مُسبقًا عن استغلال الأعضاء في سياقات مختلفة، أهمها تصريحات مدير معهد "أبو كبير" في العام 2009 على صحيفة "الجارديان" البريطانية[33]؛ الأمر الذي يشير إلى تساؤلات حول حجم بنك تجارة الأعضاء البشريّة الإسرائيلي[34].

وثمة حادثة أخرى تبرز ماهية أنماط استخدام الجثامين الفلسطينية، وهي حادثة الشهيد محمد أبو النصر الذي استشهد في غزة في العام 1989 واحتجز جثمانه من قبل السلطات الإسرائيلية. نجحت عائلته على الرغم من محاولات الصليب الأحمر المستمرة لتسليم الجثمان بعد سنتين من الاحتجاز، لتجد العائلة في التابوت جزءًا من جسم حصان بدلًا من جثمان الشهيد، لتقوم العائلة بكشف ما حدث للإعلام والرأي العام؛ ما أدى إلى تدخل الصليب الأحمر للمرة الثانية بصورة جدية في القضية ومتابعة تسليم الجثمان، وفي المرة الثانية تم تسليم العائلة جثمانًا لشخص مقطوع الرأس، واستطاعت العائلة معرفة أن الجثمان ليس لمحمد من خلال عدد الرصاصات الموجودة في الأجزاء الباقية من قدمه، وبعد الكثير من المحاولات والمماطلات سُلم جثمان محمد الفعلي إلى العائلة، وتم توثيق جميع ما ذكر من قبل الصليب الأحمر[35].

في ثمانينيات القرن الماضي، أجاز مجلس الحاخامات الرئيسي استخدام أجزاء من أجساد الفلسطينيين لمعالجة إسرائيليّين؛ الأمر الذي أثمر عن إقامة "بنك الجلد الإسرائيلي"؛ حيث شكل هذا البنك مصدرًا مركزيًا لمتضررين بحروق، تحديدًا جراء عمليات فلسطينيّة. وكشفت التقارير أن السرقة كانت تتمركز في أجزاء جلد الظهر لتسهيل عمليات إخفاء آثار السرقة[36].

وبسبب هذه الفتوى، كشف الكتاب الصادر عن الطبيبة الإسرائيلية مئيرة فايس بعنوان "على جثثهم الميتة"، خلال تواجدها في معد التشريح "أبو كبير" بين أعوام 1996-2002، عن سرقة مُمنهجة لأعضاء فلسطينيّين. وأيضًا كشفت وكالة سي أن أن في العام 2008 أن السلطات الإسرائيلية استخدمت أعضاء أجساد الفلسطينيين لتغدو رائدة بشكل مخفي لتجارة الأعضاء في العالم[37].

تُبين التقارير أنّ إسرائيل لم تكتف بالجلود، حيث أُشارت فايس إلى أنها شهدت قرنيات عيون، وصمامات القلوب، وغيرها من الأعضاء التي يعاني السوق الطبي نقصًا فيها[38]. وأكدت تقارير أخرى عن القيام باستبدال هذه الأعضاء المسروقة بأخرى بلاستيكيّة؛ الأمر الذي يساهم في تملص إسرائيل من كشف التغيرات الحاصلة بعد احتجازها للجثمان[39][40].

إنّ استخدام الأعضاء البلاستيكية والمصنعة بحرفية منذ سنوات التسعينيات مؤشر خطير لتوفير أغطية قانونية وطبية على عمليات سرقة الأعضاء؛ حيث تتصدر الجامعات والشركات الإسرائيلية تطورًا ملحوظًا في طباعة مجسمات ثلاثية الأبعاد. وأخيرًا وبشكل غير مسبوق، استطاع فريق أبحاث إسرائيلي طباعة ثلاثية الأبعاد لقلب يحتوي على أنسجة بشرية وأوعية[41]، وقد يساهم هذا التطور في تصعيب عمليّة الكشف عن سرقة الأعضاء حتى في حالة تسليم الجثامين[42].

"بنك" أجساد الأسرى

أتاحت التطورات في الساحة السياسية الإسرائيلية وصعود اليمين بصيغته الحالية جملة من القرارات والتسهيلات حول حمل السلاح، وعدم المساءلة القانونية في حال مقتل فلسطيني[43]، إضافة إلى إجراءات بارزة تتعلق بالأسرى، لا سيما محاولات تمرير قانون "إعدام الأسرى"؛ حيث تسعى قوى صهيونيّة عديدة إلى فرض عقوبة الموت عن طريق الكرسي الكهربائي للمدانين بقتل إسرائيليين، وإلى جعل هذا القانون ساري المفعول حتى على الأسرى السابقين الذين أدينوا وقضوا جزءًا من العقوبة في السجن الفعلي؛ الأمر الذي يدل على بادرة لتغيير جذري في الأسس للمنظومة القانونيّة المسؤولة عن إدانة الفلسطيني.[44]

وفي السياق ذاته، تمارس إسرائيل سياسات إهمال طبي تؤدي إلى وفاة الأسرى الفلسطينيّين؛ ذلك من خلال حرمان الأسرى من الرعايّة الطبيّة الملائمة، والمماطلة في تقديم علاج لمصابي السرطان والأمراض المزمنة الأخرى، فضلًا عن الاكتظاظ الذي يساهم في انتشار الأمراض المعديّة[45]. وتقوم الحكومة الإسرائيلية باحتجاز جثامين أسرى مرضى؛ الأمر الذي يشير إلى تصعيد على جثامين الأسرى، مثلما حصل أخيرًا مع الأسيرين خضر عدنان وناصر أبو حميد[46].

لم تستطع عائلات الشهداء، عند لحظة استلام الجثمان، إثبات وتأكيد حدوث سرقة أعضاء من الجثمان المحتجز بسبب عدم التشريح والمعاينة الدقيقة للجثمان، على الرغم من الشهادات التي ذُكرت في الإعلام الإسرائيلي والعالمي مرارًا وتكرارًا؛ حيث عملت إسرائيل جاهدةً على إخفاء الجريمة، وخاصة ما يتعلق بجثامين شهداء هبة القدس 2015-2016 التي احتجزت لمدة طويلة في الثلاجات، ويعود ذلك إلى أسباب عدّة من بينها:

  • رفض إسرائيل السماح لأطراف محايدة أو فلسطينيّة بتشريح جثامين الشهداء أو حتى معاينتها.
  • تشترط إسرائيل التسليم والدفن بأسرع وقت ممكن؛ ما يمنع في كثير من الحالات نقل الجثمان إلى معهد الطب العدلي لإجراء التشريح والتأكد من سلامة الأعضاء.
  • يُسلم الجثمان متجمدًا، وتغطيه طبقة سميكة من الجليد، وذلك بفعل الفترات الطويلة التي قضاها في الثلاجة؛ ما يصعّب عملية التشريح قبل مرور 24-48 ساعة على الأقل. في المقابل، يميل الأهالي إلى الإسراع في الدفن خشيةً من اختطاف الجثمان مرةً أخرى في حالة تم الإخلال بالشروط المفروضة على الأهالي عند تسليم الجثمان، أو حتى لقناعات دينيّة.
  • تكتفي العائلات نظرًا إلى عدم توفر الوقت الكافي لذوبان الجليد بإجراء فحص عاجل أو أخذ صورة طبقيّة ثلاثيّة الأبعاد، التي لا تكفي بحسب العديد من الأطباء لتحديد التغييرات التي يمكن أن تحدث في الجثمان، خاصة إذا ما تم استئصال أجزاء داخليّة دون ترك أي جروح ظاهرة، مثل الخلايا الجلدية وقرنيات العين وصمامات القلب.

انتهاك صارخ: جريمة بمسوغات سياسية وأمنية وقانونية

سعت إسرائيل تاريخيًا إلى قوننة انتهاكاتها بحق الشهداء من خلال إيجاد مسوغات تُجير احتجاز جثامين الشهداء وسرقة أعضائهم؛ حيث أقرت المحكمة العليا في العام 2019 قرارًا يُتيح للقائد العسكري باحتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين ودفنهم مؤقتًا، بغرض استخدامها بوصفها أوراقًا تفاوضية مستقبلًا.

وفي أواخر العام 2021، أُقرت سياسة عدم تسليم جثامين منفذي العمليات الفدائيّة من قبل بيني غانتس، وزير الأمن الإسرائيلي، حينها، مهما كانت نتائج العمليّة أو الانتماء الفصائلي، ليقوم الكنيست باستغلال الموقف والضغط باتجاه تشريع قانون يخوّل شرطة الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء، حتى من دون أسس قانونيّة أو شرعيّة دوليّة لمنح جهاز شُرطّي مثل هذه الصلاحيات.

يعد احتجاز جثامين الشهداء في الثلاجات ومقابر الأرقام انتهاكًا صريحًا لقواعد القانون الدولي الانساني، وخاصة المتعلقة بصون كرامة الإنسان، وحقه في الحريّة الدينيّة والفكريّة. وبذلك تنتهك السلطات الإسرائيلية حقوقًا عدة مُشرعنة دوليًا، من ضمنها "حظر كافة أشكال المعاملة المهينة والعقوبة القاسية وغير الإنسانية".

وعلى الرغم من عدم تنظيم الاتفاقيات الدولية بشكل مباشر لاحتجاز الجثامين، فإنّ العديد من القوانين والاتفاقيات الدولية نظمت "حق الميت في الدفن الكريم"، ووضعت قواعد وأحكامًا لـ "التعرف إلى الجثمان وتوثيق المعلومات التعريفية للجنود أو ضحايا الحرب"، تلزم الأطراف الموقعة على الاتفاقيات بتطبيقها.

لم تردع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها إسرائيل ارتكابها للمزيد من الجرائم، وتماديها في سياساتها المهينة بحق الفلسطينيين، وخاصةً سياسة احتجاز الجثامين.

وبناءً على السابق، نُظمت "معاهدة لاهاي" لسنة 1907 بشأن قوانين وأعراف الحروب "والحالات الناشئة عن الحرب مثل المحاربين والأسرى والجرحى وقتلى الحرب من أطراف النزاع المسلح"، وهي بمنزلة قاعدة عامة يلتزم بها أطراف النزاع مع بعضهم ومع السكان، ونصت المادة 19 من الاتفاقية على أنه "يجب استلام أو تدوين وصايا الحرب حسب الشروط ذاتها المنبثقة بالنسبة لأفراد الجيش الوطني. يجب الالتزام بالقواعد نفسها فيما يخص معاينة الوفاة ودفن أسرى الحرب مع مراعاة رتبهم ودرجاتهم"[47].

وحظرت المادة 50 من المعاهدة العقوبات الجماعية التي تمارس ضد السكان، والتي تُعد سياسة احتجاز الجثامين واحدة من أهمها، فلا ينبغي إصدار أية عقوبة جماعية، مالية أو غيرها، ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد معينون، ولا تجوز محاسبة الناس بصورة جماعية[48].

وتحظر معاهدة جنيف الأولى لسنة 1949، التي تعدّ تطويرًا لاتفاقيات لاهاي السابقة، عدم التعريف بالضحايا وإعطاء المعلومات الكاملة عنهم (الاسم، تاريخ الميلاد ... إلخ)، وهو ما نص عليه البندان 16 و17 من هذه الاتفاقية لحماية المدنيين في حياتهم ومماتهم[49].

علاوةً على ذلك، تخالف سياسة احتجاز الجثامين "قرارات لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" التي حظرت جميع أشكال المعاملة السيئة والعقوبات القاسية التي تمس كرامة الانسان. وترقى جريمة رفض الاعتراف والإفصاح عن أماكن تواجد الجثامين إلى جريمة "الإخفاء القسري" الواردة في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، كما تناهض قواعد التعامل مع جثامين قتلى الحروب، التي ينص عليها القانون الإنساني العرفي، وكذلك البند الثاني من المادة 12 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المتعلق بالشعوب الأصلية[50]".

تدل التطورات في سياسات الحكومة الحاليّة على مزيد من التصعيد في قمع الفلسطيني، الحي والميت. ويساهم التحريض الإسرائيلي المُمنهج من وزراء الليكود والصهيونيّة الدينيّة، مع توفير الحماية للجنود والتسهيلات في حمل السلاح واستخدامه من المستوطنين، في زيادة عمليات قتل الفلسطينيّين على نقاط التماس والحواجز. وتتجلى هذه السياسات في محاولات إقرار قانون يقضي بعدم إحالة أفراد القوات الشرطيّة والعسكريّة إلى التحقيق عند مقتل فلسطيني[51].

البيئتان المحليّة والدوليّة

المشهد الفلسطيني:

  • نقص المعلومات المتعلقة بسرقة أعضاء الشهداء واستخدامها في كليات الطب الإسرائيلية، واعتماد المعلومات المتوفرة من المصادر الإسرائيلية والدولية والشهادات الحية لأهالي الشهداء، كما يتم استخدام تقارير قديمة يعود بعضها إلى عشرين عامًا. كما تفتقر التقارير المقدمة من الجانب الفلسطيني إلى بناء قاعدة بيانات حديثة تعزز الرواية الفلسطينية حول الانتهاكات الإسرائيلية التي حدثت خلال السنوات الأخيرة.
  • عدم وجود سياسة واضحة وفعالة لمواجهة سياسة الاحتجاز، والاكتفاء غالبًا بعبارات الشجب والاستنكار والإدانة، ومطالبة دول العالم بالتدخل للحماية والضغط على إسرائيل لوقف سياسة الاحتجاز.
  • عدم وجود ملفات مدعومة بالوثائق والأدلة الكاملة لتقديمها إلى جهات دولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية. فلا يوجد حراك فعال أو حملات شعبية ضاغطة على سلطات الاحتلال في هذا الصدد، ومع إقرار مجلس الوزراء الفلسطيني في العام 2008 يومًا وطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب بتاريخ 27 آب/ أغسطس من كل عام، فإنه لا توجد سياسة متراكمة وفعالة على أرض الواقع، كأن هذا اليوم وضع فقط ليكرس أمرًا واقعًا من دون تفعيل أي سياسات لوقفه، بل اقتصر هذا اليوم على بعض الفعاليات والخطابات المليئة بالشجب والاستنكار والإدانة فقط.
  • ضعف الجانب القانوني فيما يتعلق بالادعاء والمرافعات والإثبات، إضافة إلى قلة تعاون المؤسسات الحقوقية فيما بينها، وعدم وجود خطاب قانوني واحد للضغط على محكمة العدل العليا، وخاصة فيما يتعلق بتسليم الجثامين وتشريحها للكشف عن أي سرقة قبل الدفن، علاوةً عن عدم إعطاء أهالي الشهداء معلومات واضحة ودقيقة عن أبنائهم بحسب أهالي الشهداء[52].

المشهد الدولي:

  • عدم التدخل والوقوف بالحياد بسبب المصالح المشتركة والعلاقات الوطيدة مع إسرائيل.
  • سعي إسرائيل المستمر إلى تحسين صورتها دوليًا، إضافة إلى الضغط الذي يقوم به اللوبي الصهيوني في الكثير من الدول وازدياد الشعبوية في العالم.
  • ضعف الموقف الفلسطيني يضعف الموقف الدولي الداعم له.
  •  

نحو بناء بديل سياساتي فعال

ترى الورقة أن هناك إجماعًا رسميًا ووطنيًا وشعبيًا على وجوب وقف سياسة احتجاز الجثامين بشكل كلي، لكنها تقترح مجموعة من الآليات لتفعيل الجهد المبذول لتحقيق هذا الهدف، والتغلب على جوانب القصور القائمة.

ويعزز تحليل المعايير أدناه فرص بناء بديل سياساتي متكامل من خلال تبني رزمة من الآليات وأدوات العمل القادرة على مراكمة التأثير باتجاه إرغام دولة الاحتلال على وقف هذه السياسة.

المقبولية: تقترح الورقة مجموعة آليات لبناء البديل الهادف إلى وقف سياسة احتجاز الجثامين، بوصفه يحظى بقبول صانع القرار وكافة الفصائل ومكونات المجتمع الفلسطيني.
المعقولية: تحظى الآليات المطروحة بمقبولية عالية؛ لاعتمادها على الإرادة الفلسطينية في مواجهة سياسة الاحتجاز بشكل موحد على المستويين الرسمي وغير الرسمي، فهناك آليات وأدوات عمل مطروحة تعتمد على المجهود الذاتي للفلسطينيين، وأخرى تعتمد على المجتمع الدولي والقرارات الدولية.
الفاعلية: تراعي الآليات المطروحة القدرة على بناء بديل سياساتي شامل ومتكامل بما يزيد من فعالية التأثير التراكمي باتجاه إنهاء سياسة الاحتجاز.
الربح والخسارة: تتنوع الآليات ووسائل العمل المطروحة وتتوزع أدوار الأطراف المعنية بتنفيذها، وفق قدراتها ومجالات اختصاصها، لتحقيق نجاح وطني يهدف إلى إنهاء سياسية الاحتجاز.
الوعي: تنسجم الآليات المطروحة مع توجهات الرأي العام الفلسطيني، وترتكز على الوعي الشعبي في مواجهة سياسة الاحتجاز، والوصول إلى حالة من تكامل الجهود الرسمية والوطنية والشعبية، ومن ثم الضغط بصورة جماعية على الجانب الإسرائيلي ومواجهته من أجل استرداد جميع جثامين الشهداء المحتجزة وإنهاء هذه السياسة.

آليات مقترحة

تقترح هذه الورقة تطوير رزمة متكاملة من الخطوات والآليات الهادفة إلى خلق حالة ضاغطة على المستويات الفلسطينية والعربية والدولية، تردع إسرائيل عن مواصلة هذه السياسة. وهو ما يتطلب وضع خطة شاملة ومتكاملة تتضمن آليات فعالة على المستويات المذكورة، على النحو الوارد أدناه:

أولًا: على المستوى الفلسطيني

  • بناء حالة شعبية ضاغطة ومتواصلة من خلال تشكيل لجان رسمية فاعلة من جميع مكونات المجتمع، وتضم أيضًا أطباء وباحثين ومنظمات حقوقية من كافة دول العالم، وإنشاء حملات شعبية داخلية ضاغطة على سلطات الاحتلال للإفراج عن كافة الجثامين المحتجزة.
  • تطوير خطاب قانوني واحد، والتوجه إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية للضغط بصورة جماعية عليها، وخاصةً فيما يتعلق بتسليم الجثامين، والتوجه إلى المحكمة بشكل جماعي يجعل المرافعة القانونية أقوى وأكثر تأثيرًا، وفضح تواطؤ المحكمة لصالح استمرار هذه السياسة وتبريرها، مع تضافر الجهود والتنسيق المشترك ووجود تعاون حقيقي وفاعل بين السلطة والمؤسسات الحقوقية ذات الصلة وأهالي الشهداء المُحتجزة جثامينهم، لا سيما فيما يتعلق بمعرفة مصير الشهداء، ومتابعة الملفات القانونية المتعلقة بملفاتهم وآخر مستجداتها، وإبلاغ أهالي الشهداء في حال صدور أي قرار جديد متعلق بإغلاق الملف، أو دفن الجثمان أو النقل من الثلاجات إلى مقابر الأرقام.
  • ملاحقة الجهات المسؤولة عن إقرار وتمرير سياسة الاحتجاز، وفتح ملفات تتضمن أسماءهم لتوثيق انتهاكاتهم وجرائمهم ضد الفلسطينيين، والمتمثلة في احتجاز جثامين الشهداء في الثلاجات ومقابر الأرقام، وعدم إعطاء أي معلومات عن أماكن تواجد الجثامين، وحرمان ذويهم من دفنهم، وفرض القيود على عائلاتهم والتنكيل بهم، إضافة إلى سرقة أعضاء الشهداء والاتجار بها أو استخدامها بوصفها حالات دراسية في كليات الطب، من دون أي اعتبارات لكافة القوانين والأعراف.
  • تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية من خلال تشكيل فريق قانوني وطني من المؤسسات الحقوقية ذات الصلة، ومجلس الوزراء، ووزارة العدل، ووزارة الخارجية، من أجل التحرك باتجاه الدول، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي، وبرلماناتها، والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، وحركات التضامن فيها، للاضطلاع بدورها في التصدي للانتهاكات الواضحة التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وخاصة المتعلقة بقضية الاحتجاز.
  • بناء قاعدة معلومات وبيانات شاملة، بما يشمل إجراء فحوصات كاملة وشاملة للكشف عن عمليات سرقة الأعضاء التي يقوم بها الاحتلال، وعدم الاكتفاء بالمعاينة فقط، وتشريح الجثث إن لزم الأمر من دون الرضوخ لأي تهديدات من قبل الاحتلال، كسحب الجثمان واعتقال أفراد العائلة ودفع غرامات كبيرة.
  • دعم عائلات الشهداء، عبر تقديم الدعم النفسي والقانوني والمادي والمساعدات اللازمة.

ثانيًا: على المستوى العربي

  • استصدار قرار عربي من قبل الجامعة العربية بتشكيل لجنة وزارية عربية لمتابعة هذا الملف مع الأمم المتحدة والدول والتكتلات الدولية الصديقة، مع تشكيل فريق من الخبراء القانونيين لدعم الحراك الفلسطيني في المحاكم الدولية، ومساندة المحامين الفلسطينيين والمرافعة معهم في المحاكم.
  • التنسيق مع الأحزاب والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني، وخاصة الحقوقية، في الدول العربية، للتنسيق في حملات المناصرة لقضية الشهداء المحتجزة جثامينهم.
  • تفعيل التنسيق مع وسائل الإعلام العربية بشكل مستمر لتسليط الضوء على هذه القضية وفضح الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك تنظيم حملات إعلامية مشتركة، وتحديد يوم إعلامي مشترك على المستوى العربي تحت عنوان "الانتصار لقضية الشهداء المحتجزة جثامينهم".
  • التحالف مع منظمات دولية؛ إذ يمكن للجماعات الحقوقية والمؤسسات المحلية تشكيل تحالفات مع المنظمات الحقوقية التي تهتم بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية في العالم العربي، فقد تساهم في زيادة الضغط على الاحتلال وتحقيق تأثير عربي للتصدي لسياسة احتجاز الجثامين.

ثالثًا: على المستوى الدولي

تعدّ البيئة الدولية عاملًا مهمًا وأساسيًا في مواجهة سياسة الاحتجاز، وخاصة بالاستناد إلى القرارات الدولية والقوانين والأعراف المناهضة لسياسة الاحتجاز، إضافةً إلى النجاحات التي حققتها حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) عالميًا، كالمقاطعة الأكاديمية من قبل بعض الجامعات الغربية للجامعات والمؤسسات الأكاديمية القائمة في المستوطنات الإسرائيلية نتيجة الضغط الذي قامت به حركة المقاطعة، والذي أدى إلى وسم منتجات المستوطنات، وهذا ما يجعلها قادرة على تحقيق نجاحات جديدة متعلقة بمساءلة ومقاطعة كليات ومعاهد الطب المعروفة والمشهورة عالميًا.

حتى نتمكن من الوقوف في وجه الانتهاكات الإسرائيلية للقوانين والقرارات الدولية، وسياساتها الساعية إلى تغيير الحقائق، والتستر على الانتهاكات التي تقوم بها والتجاوزات والجرائم المخالفة لجميع القوانين والأعراف والقرارات الدولية، تقترح الورقة آليات من العمل القانوني والدبلوماسي والشعبي لخلق حالة ضاغطة على المستوى الدولي، وفقًا للآتي:

  • التوجه إلى المحاكم والمنظمات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية في البلدان التي تتيح قوانينها ملاحقة مرتكبي الانتهاكات الإسرائيلية، لملاحقة الانتهاكات الإسرائيلية ومحاسبة مرتكبيها، وفقًا للوارد في جميع الاتفاقات والقوانين الدولية، وخاصة أنه لا يوجد أي قانون أو تشريعات أو معاهدة دولية تجير احتجاز جثامين الشهداء.
  • متابعة التوجه إلى محكمة العدل الدولية لاستصدار قرار يعدّ وجود الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني من الأساس، وأن عدم قانونيته لا تتعلق بمنظوماته وممارساته فقط.
  • تفعيل الدبلوماسية الشعبية من خلال العلاقات مع الأحزاب والبرلمانات والمنظمات الأهلية والحقوقية في العديد من بلدان العالم؛ لخلق رأي عام وحراكات ضاغطة لوقف السياسة الإسرائيلية في احتجاز الجثامين.
  • تنظيم حملات إعلامية لزيادة الوعي بقضية احتجاز الجثامين وتوثيق الانتهاكات الحاصلة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية لنشر المعلومات والصور والشهادات المتعلقة بتلك القضية، وكذلك تفعيل "الهاشتاغات" بشكل مستمر على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرفاق صور للشهداء مع ذويهم وحياتهم السابقة وهواياتهم وقصصهم.
  • تنظيم حملة شعبية بالتعاون مع حركة المقاطعة BDS للضغط على الجامعات الغربية المتخصصة في مجال الطب لمقاطعة إسرائيل طبيًا، ورفض التعاون الطبي والعلمي معها بشكل شامل، وعدم المشاركة في المؤتمرات والفعاليات الطبية التي تنظمها إسرائيل أو تتعاون معها، وكذلك تجنب شراء الأدوية والمعدات الطبية المصنعة في إسرائيل وتفضيل المنتجات المصنوعة في دول أخرى، إضافة إلى دعم الأطباء والمؤسسات الصحية الفلسطينية من خلال التبرعات والتعاون الطبي والنقل التكنولوجي، ونشر الوعي والحشد لدعم القضية الفلسطينية وحقوق الإنسان من خلال النشرات والتقارير الطبية التي تسلط الضوء بكل واضح على سياسة الاحتجاز.

خاتمة

ترى الورقة أن ما تم تفعيله مسبقًا من سياسات انتهجتها الجهات الرسمية الفلسطينية كان متواضعًا جدًا، ولا يرتقي إلى فعل سياساتي لحجم هذه القضية، لذلك حددت هذه الورقة الحقول المختلفة التي من الممكن العمل فيها من أجل معالجة هذه المشكلة السياساتية. وترى أن العمل في الحقل الفلسطيني والعربي والدولي، يحظى بمقبولية كاملة من قبل ذوي الشهداء والمهتمين بالقضية في الجانب القانوني والوطني والإنساني. كما أن البديل السياساتي الشامل والفعال يحظى بمعقولية عالية، خاصةً في الجانب الفلسطيني. وعلى الرغم من أن درجة المقبولية عند التطرق إلى السياقين العربي والدولي قد تقل، فإنه عربيًا هنالك قضايا مطروحة على جدول أعمال الجامعة العربية، لكن التخصص بقضية تسليم الجثامين سيزيد من هذه الفرص.

 أما على الصعيد الدولي، فالشراكة مع حملة المقاطعة BDS التي حققت نجاحًا في مقاطعة القطاعات الأكاديمية والطبية في مواقف عديدة سابقة، يرجح معقولية عالية لهذا البديل الشامل والفعال.

علاوةً على ذلك، تعدّ فاعلية الخطوات المطروحة أعلاه عالية؛ نظرًا إلى أنه تفعل جهات ملتزمة بشكل كامل بالقوانين الدولية التي لديها موقف واضح من قضية الجثامين، وكون القضية ليست بتعقيد قضايا أخرى (من منظور دبلوماسي)، فهذا يزيد من فعالية هذه الآليات، خصوصًا في المشهدين الدولي والعربي.

كما يعدّ معيار الربح والخسارة عاملًا مهمًا، وقيس من منظور الخسارة حتى الآن، فبطش الاحتلال مستمر، والتقديرات تُشير إلى ارتفاعه بشكل ملحوظ بفعل التغييرات في المشهد السياسي الإسرائيلي، لذلك ومع عدم قدرتنا على قياس إمكانية الربح وتسليم الجثامين أو حتى جزء منها، لكن الضغط الشعبي سيساهم في تقليل حوادث احتجاز الجثامين.

 

الهوامش

* ما يرد في هذه الورقة من آراء يعبر عن رأي كاتبَيْها، ولا يعكس بالضرورة موقف مركز مسارات.

** أعدّت هذه الورقة قبل معركة طوفان الأقصى وما تلاها من حرب إبادة ضد الفلسطينيين.

[1] صفحة "أهالي الجثامين المحتجزة" على موقع الفيسبوك: https://bit.ly/3cPIA8i

[2] حول مقابر الأرقام، موقع الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداءالمحتجزة والكشف عن مصير المفقودين.

[3] غزل الناطور، احتجاز الجثامين: الأبعاد السياسية والقانونية، مركز مسارات، 7/8/2022: https://bit.ly/3KCvp89

[4] المصادقة على قانون ماحش، عرب 48، 22/2/2023: https://shorturl.at/pzNT5

[5] غزل الناطور، احتجاز الجثامين، مصدر سابق.

[6] اشتية يتهم إسرائيل باستخدام جثامين شهداء فلسطين في مختبرات طبية، الجزيرة نت، 4/7/2022: https://bit.ly/3nF92qG

[7] أحمد الغندور، حملة يجب عليها أن تنجح، أمد للإعلام، 29/8/2019: https://shorturl.at/ahvR0

[8] إيمان بديوي، سلطة الاستعمار على الموت الفلسطيني، فسحة، 12/1/2023: https://shorturl.at/tHI79

[9] حسام كناعنة، بين "القبر المفتوح" و"الفقدان المُلتبس"، المركز الفلسطيني للإرشاد، 9/10/2019.

[10] أين اختفت جثة دلال المغربي، عرب 48، 15/9/2008: https://shorturl.at/gqtKR

[11] هنادي القواسمي، مقابر الأرقام: انتقام إسرائيلي من الجثث، العربي الجديد، 27/11/2014: https://shorturl.at/pwz24

[12] جاسبر بور، الحق في التشويه: الضعف، القدرة والعجز، 2015.

[13] الموافقة على تسليم جثماني أبو جمل بشروط، وكالة الرأي الفلسطينية، 24/12/2014: https://shorturl.at/begP0

[14] محمد عليان، احتجاز جثامين الشهداء من منظور القانون الدولي (نموذج مقابر الأرقام والثلاجات)، رسالة ماجستير، جامعة القدس، 2018.

[15] المصدر السابق.

[16] المصدر سابق.

[17] محمد عليان، احتجاز جثامين الشهداء، مصدر سابق.

[18] فروانة يكشف عن سجون الأموات: تفاصيل بشأن سرقة سلطات الاحتلال لـ "جثامين الشهداء"، أمد للإعلام.

[19] مقابر الأرقام، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا): info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4001

[20] المصدر السابق.

[21] المصدر السابق.

[22] المصدر السابق.

[23] إسرائيل تدفن شهداء في مقبرة أرقام في الجليل، القدس العربي، 23/12/2014: https://shorturl.at/eruSW

[24] محمد عليان، احتجاز جثامين الشهداء.

[25] العودة من مقابر الأرقام، الجزيرة نت، 21/1/2014: https://shorturl.at/bmMP9

[26] محمد عليان، احتجاز جثامين الشهداء.

[27] المصدر السابق

[28] محمد عليان، احتجاز جثامين الشهداء: رحلة عذاب، 2022.

[29] المصدر السابق.

[30] المصدر السابق.

[31] إيمان بديوي، سلطة الاستعمار على الموت الفلسطيني، مصدر سابق.

[32] قرار القائد العسكري الذي سُلم إلى العائلة.

[33] طبيب يعترف: الإسرائيليون قاموا بسرقة أعضاء دون موافقة، الجارديان، 21/12/2009: https://shorturl.at/ekLSU

[34] قيس أبو سمرة، اشتية يتهم إسرائيل باستخدام "جثامين شهداء" في مختبرات طبية، وكالة الأناضول، 4/7/2022: https://shorturl.at/fxIJT

[35] مقابلة مع حسام أبو النصر، 2022.

[36] جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال: بين السرقة والإتجار والإخفاء، تقرير خاص لوزارة الإعلام الفلسطينية.

[37] المصدر السابق.

[38] المصدر السابق.

[39] المصدر السابق.

[40] تقرير فلسطيني رسمي يتهم إسرائيل بسرقة أعضاء جثامين الشهداء، قناة الجزيرة مباشر على يوتيوب، 19/4/2022: youtube.com/watch?v=-eIdpdLjz_8

[41] طباعة قلب ثلاثي الأبعاد مكون من أنسجة بشرية وأوعية في إسرائيل، آي 24، 15/4/2019: https://shorturl.at/fqvwQ

[42] مقابلة خاصة، الاسم محفوظ لدى معدي الورقة.

[43] قانون ماحش، مصدر سابق.

[44] النقاش حول قانون الموت للأسرى الفلسطينيين، القناة 12 الإسرائيلية، 8/3/2023: https://shorturl.at/rwEL4

[45] الأوضاع الصحية للأسرى، وكالة وفا: https://shorturl.at/nGOSY

[46] طريق مسدودة لتحرير جثمان الشهيد خضر عدنان، عرب 48، 3/5/2023: https://shorturl.at/vCFQV

[47] محمد عليان، احتجاز جثامين الشيداء من منظور القانون الدولي.

[48] المصدر السابق.

[49] المصدر السابق.

[50] جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، مصدر سابق.

[51] محمد عليان، احتجاز جثامين الشهداء من منظور القانون الدولي.

[52] مقابلة مع والدة الشهيد يوسف صبح، شبكة قدس الإخبارية، 18/7/2023: http://bitly.ws/NoXU

مشاركة: