الرئيسية » هاني المصري »   30 تشرين الأول 2007

| | |
منتدى فلسطين وليس "كاديما" فلسطين 3-3
هاني المصري

 

منذ اللحظات الأولى على بدء تأسيس منتدى فلسطين ظهرت الاتهامات والادعاءات الظالمة. "كاديما" فلسطين، حزب أبو مازن تارة، وحزب سلام فياض تارة أخرى، والهدف في الحالتين هو التخلص من المقاومة ومن إرث ياسر عرفات، والاستجابة للمساعي الأميركية والإسرائيلية والأوروبية لتشكيل أحزاب جديدة في فلسطين تتساوق مع المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية ومع المشاريع الإسرائيلية الهادفة إلى فصل الفلسطينيين عن إسرائيل وتشكيل إطار سياسي خاص بهم، ولكن بعد أن تضم إسرائيل أكبر مساحة ممكنة من الأراضي المحتلة، وبعد أن تضمن أن يبقى هذا الكيان الفلسطيني القادم محمية إسرائيلية، ولا يملك من مقومات الدول المتعارف عليها سوى الاسم. ولم تتوقف الاتهامات على ما سبق ولا على الأعداء بل شارك في ترويجها بعض الأصدقاء بالقول إنه حزب البرجوازية ورجال الأعمال، ونخبوي يفتقد للبعد الشعبي، وانه حزب الرجل الواحد يذكرنا بالأحزاب القائمة (القديمة والجديدة.)

رداً على كل هذه الاتهامات أقول إن منتدى فلسطين ليس حزباً، ولم يولد بعد حتى نحاكمه، وهو ليس كاديما فلسطين كما خرجت الجروزالم بوست الإسرائيلية في أحد عناوينها. فكاديما حزب خرج من بطن الليكود وبمشاركة من شخصيات إسرائيلية من أحزاب أخرى، وكان بزعامة شارون وجمعته فكرة واحدة هي الانطواء والخطوات أحادية الجانب، أما منتدى فلسطين فلم تبادر إليه شخصية تاريخية حزبية، بل مجموعة من الأفراد المستقلين ويتوجه أساساً للمستقلين حيث رفض ازدواجية العضوية، ويجمعه القلق على القضية والمشروع الوطني والإنسان الفلسطيني، والثقة بإمكانية الشعب الفلسطيني على الخروج من الأزمة العاصفة التي تهب في فلسطين وتهددها بالثبور وعظائم الأمور إذا توفرت الشروط اللازمة لذلك.

منتدى فلسطين نبتة وطنية فلسطينية يلتزم بالأهداف الوطنية ويسعى لتحقيقها، ويؤمن مثل غيره من الحركات والقوى الفلسطينية بأن المقاومة بكافة الأشكال التي يقرها القانون الدولي حق لا يجب التنازل عنه، ولا بد من استخدامه في سياق الفهم بأن المقاومة وسيلة وليست غاية، وعليها أن تخضع للسياسة وتخدم المصلحة والأهداف الفلسطينية. بدون مقاومة لا يمكن دحر الاحتلال. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي المقاومة المثمرة القادرة على تحقيق الأهداف الوطنية. ومنتدى فلسطين ليس حزب أبو مازن أو سلام فياض، بل هو شكل من أشكال المعارضة الايجابية المسؤولة، التي ستسعى لتقديم نموذج جديد للمعارضة، بحيث لا تكتفي بلعن الظلام بل تعمل على إشعال شمعة لإنارته. أما بالنسبة للحديث عن النخبوية، فالذي يعرف التاريخ وله علاقة بكيفية تأسيس الأحزاب والحركات على مختلف أنواعها يعرف بأنها كلها تبدأ بشكل نخبوي، ولكنها اندثرت أو ستندثر إذا استمرت نخبوية. وهذا ينطبق على فلسطين والفلسطينيين وعلى منتدى فلسطين الذي بدأ نخبوياً ولكنه يعي هذه المسألة ويسعى جاهداً لاكتساب البعد الشعبي، خصوصاً في أوساط الشباب. وبالفعل بدأت مبادرات مهمة وظهرت حتى الآن بوادر مشجعة. أما بالنسبة للقول إن منتدى فلسطين حزب البرجوازية ورجال الأعمال، وان من حق البرجوازية ان تشكل حزبها، فلا بد من التأكيد أن فلسطين لا تزال تمر بمرحلة تحرر وطني ديمقراطي، وان تشكيل الأحزاب على أساس الفرز الطبقي لم يحن بعد. صحيح أن منتدى فلسطين يضم نخبة مميزة من الشخصيات التي تندرج ضمن رأس المال الوطني التي لم تشترك سابقاً بأي مشروع عام سياسي أو متعدد الأغراض، وهذه نقطة قوة له تميزه، ولكنه موجه لكل الفئات والطبقات الاجتماعية، ويضم شريحة متنوعة من كافة المهن لذلك يسعى ليكون اطاراً واسعاً تعددياً تجمعه قواسم مشتركة ولكنه لا يجب أن يصبح إطاراً حزبياً ضيقاً بيروقراطياً، يتحكم به فرد أو مجموعة من الأفراد بهدف تحقيق مصالحهم الشخصية أو مطامحهم لاكتساب نفوذ والوصول الى الحكم أو الى المناصب الحكومية. ما يكتسب أهمية فائقة أن المبادرة لتأسيس منتدى فلسطين بدأت في وقت لا يعرف احد متى ستعقد الانتخابات، وبالتالي فإن أهدافه أكبر وأبعد من الحصول على حصة في كعكة السلطة الآن. وهذا ليس تعففاً أو إنكاراً للذات أو لعدم إدراك أن هدف أي عمل سياسي أو إطار سياسي هو التغيير والوصول الى السلطة. ربما - وعلى الأرجح - إذا جرت الانتخابات الآن لا يشارك المنتدى بها كمنتدى، وذلك لأنه ليس حزباً (حتى الآن على الأقل) وليس جاهزاً، فهو يعتقد أن فلسطين بحاجة الى قوة أو قوى جديدة قوية تتجاوز نسبة الـ 1%.

منتدى فلسطين إطار للحوار الواسع والمنفتح، ولبلورة السياسات وتقديم مبادرات ليس في مواضيع سياسية فقط، وانما أيضاً مبادرات اقتصادية واجتماعية وثقافية. وهو سيكون أيضاً أداة للضغط والتأثير والرقابة، وسيحاول أن لا يكتفي بالوعظ والإرشاد وإنما يبادر لتقديم المثل، والنماذج الناجحة التي تصب في تعزيز مقومات الصمود السياسي والاقتصادي والثقافي والبشري الفلسطيني على أرض فلسطين. فمعركة الفلسطينيين أولاً وقبل أي شيء آخر، معركة بقاء قبل أن تكون معركة بناء. هذا لا يعني أن الفلسطينيين مطالبون بعدم البناء ولكن عليهم إعطاء الأولوية للبقاء، لأن المشروع الصهيوني يستهدف اقتلاعهم من أرضهم وشطب وحدتهم وتفتيتهم وطمس هويتهم وتحويلهم الى شظايا منتشرة في مختلف أركان المعمورة لا يجمعهم شيء لا هدف ولا إطار ولا هوية.

أما بالنسبة للجديد الذي طرحه أو يمكن أن يطرحه منتدى فلسطين، وهذا سؤال موضوعي وملقى على عاتق المبادرين لتأسيسه، وعلى جدول أعمال المؤتمر التأسيسي الأول، الذي سيعقد في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني القادم. فهناك ما هو جديد ولكنه غير كاف حتى الآن، والتحدي يكمن في القدرة على تقديم الجديد المقنع بأسرع وقت وقبل فوات الأوان. وإذا لم يستطع منتدى فلسطين أن يبرر وجوده ويقدم ويتقدم باستمرار على طريق بلورة الرؤية الفكرية السياسية المتكاملة، وتجسيد نماذج عملية على خطط وطرق عمل جديدة، وإذا لم ينجح في بناء مؤسسة ديمقراطية منفتحة تؤمن بالتعددية والعمل الجماعي وتقسيم العمل والعلنية والمحاسبة والمساءلة والمراقبة والتجديد والتغيير بشكل مستمر، وإذا لم يستطع أن يجند إمكانيات مالية كافية من مصادر علنية ومشروعة من الفلسطينيين والمتمولين منهم تحديداً، فإنه سيكون تجربة جديدة فاشلة، ومجرد اجتهاد جديد لا أكثر. ولكن هناك من المؤشرات والبوادر ما يعطي الأمل والثقة بأن هناك فرصة للنجاح، ويجب حماية هذه الفرصة واستنفادها إلى آخر رمق. فالقضية في خطر، والمشروع الوطني يضيع، والإنسان الفلسطيني يدفع الثمن الغالي دون تحقيق مكاسب موازية.

أهلاً منتدى فلسطين، فالمساحة تتسع لك ولغيرك، وهناك حاجة ماسة لأفكار ومبادرات جديدة باستمرار فهي دليل الحياة والعطاء والتجدد في فلسطين فأهلاً بالمبادرات، لأن الأزمة العاصفة التي تهب تنادي الجميع وكل من يسارع للمساهمة بالوقوف ضدها ومنعها من اقتلاع الأخضر واليابس!.

 

مشاركة: