الرئيسية » هاني المصري »   30 آذار 2008

| | |
المصالحة مؤجلة إلى إشعار أخر
هاني المصري

رغم أهمية المبادرة اليمنية ، وما حققته من كسر للقطيعة التي ميزت العلاقات الداخلية، إلا أن الخلاف الذي ظهر قبل أن يجف حبر التوقيع على إعلان صنعاء يدل على أن الوقت لم يحن بعد لتحقيق المصالحة. فالخلاف في حقيقته لم يكن على أن المبادرة اليمنية للحوار أم للتنفيذ. فلا يصدق أحد أن المبادرة يمكن أن تنفذ بدون حوار. فالتنفيذ هو الأخر بحاجة إلى حوار ، خصوصا أن المبادرة اليمنية تتضمن أسس ومبادىء عامة بحاجة إلى تفاصيل و تفسيرات مشتركة . فإعادة الأمور إلى ما كانت عليه تحتمل الكثير من الأشياء ، فضلا عن أننا لا نؤيد ولا يجب أن يؤيد أحد عودة الأمور إلى ما كانت عليه . فالوضع السابق هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه .


 لو توفرت النية الصادقة للاتفاق وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، لتم الأخذ بالمبادرة اليمنية كرزمة واحدة أو تم بلورتها ووضع آليات لتطبيقها بسرعة . ولكن الأمور لم تنضج بعد . ففريق الرئيس أبو مازن و السلطة و م.ت.ف يريد أن يستنفذ المفاوضات وعملية السلام حتى الثمالة ، ويريد أن يرى ما في جراب أولمرت و بوش ، حتى نهاية العام الحالي . وعند زيارة بوش في أيار القادم ستتضح الصورة ، وفيما إذا كانت المفاوضات مقبلة على اتفاق أم ستبقى مفاوضات من أجل المفاوضات تستخدمها إسرائيل للتغطية على العدوان وسياسة خلق الحقائق على الأرض وقطع الطريق على الجهود و المبادرات الأخرى . بوش و أولمرت سيعملان كل ما يستطيعانه لتحقيق أنجاز لكي تسجله إدارة بوش في سجلها قبل رحيلها ، ولكي يستخدمه أولمرت للبقاء في الحكم والقفز إليه مرة أخرى في الانتخابات القادمة ، موظفا الانقسام الفلسطيني و العربي ووجود خارطة الطريق و أفضل إدارة أمريكية في دعم إسرائيل . وفريق خالد مشعل و الإسلام السياسي غير مستعجل كثيرا ، لأنه مطمئن أن الوقت يعمل لصالحه فأولا: المفاوضات لن تقود إلى حل وطني ، و إذا قادت لحل سيكون حلا انتقاليا تصفويا مغطى بإعلان مبادىء غامض يفسره كل طرف كما يحلو له. وثانيا يراهن هذا الفريق على أمكانية تحقيق اتفاق على التهدئة يتضمن رفع الحصار وفتح الحدود و المعابر وصفقة تبادل الأسرى، الأمر الذي يمكن أن يقوي مواقفه في حالة توفرت ظروف في المستقبل للمصالحة أو لم تتوفر. المصلحة الوطنية تقتضي إعطاء الاولويه لإنهاء الانقسام و تحقيق المصالحة الوطنية على أسس وطنية ديمقراطية واقعية،لان المفاوضات تسير نحو كارثة جديدة ، سواء إذا تحقق اتفاق سيء أو لم يتحقق أي اتفاق. الواجب الوطني يفرض على كل حريص على القضية الوطنية أن يعمل على قطع الطريق على الاتفاق السيئ لأنه يجعل النضال لتحقيق الأهداف الوطنية أصعب ومعقد جدا،لا أن ينتظر وقوعه حتى يستفيد منه ويصرخ: ألم نقل لكم؟ أن الذي يراهن على مناهضة المفاوضات الجارية وعلى المقاومة، عليه أن يدرك أن رهانه خاسر لأن المقاومة لا يمكن أن تحقق أهدافها في ظل الانقسام ومع عدم وجود برنامج سياسي يقود المقاومة في طريق قادر على تحقيق الحرية و العودة و الاستقلال.

 

مشاركة: