الرئيسية » مقالات » غانية ملحيس »   15 كانون الثاني 2022

| | |
توضيح رسمي قاصر ردًا على أسئلة مشروعة للمواطنين
غانية ملحيس

 رد وزارة الصحة الفلسطينية الذي أورده موقع أمد مساء اليوم الجمعة تحت عنوان ""الصحة" ترد على الشائعات التي يتم تداولها بشأن "مركز خالد الحسن لعلاج السرطان" غير كاف وغير مقنع للإجابة على التساؤلات التي أثارها المواطنون على وسائل التواصل الاجتماعي حول مصير مركز خالد الحسن لعلاج السرطان، والمفترض إقامته على جزء من الأرض التي تبرع بها رجل الأعمال الفلسطيني حسيب الصباغ لإنشاء مدينة طبية فلسطينية. والذي قام الرئيس محمود عباس بوضع حجره الأساس له بتاريخ 7/1/2016، وأفادوا في تعليقاتهم بأنه تم جمع تبرعات شعبية لإنشائه بقيمة 16 مليون شيكل، فضلا عن حسومات أجور يومي عمل من كافة موظفي السلطة الفلسطينية.

لم يدع أحد من المواطنين المتسائلين عن مصير المركز بأن التبرعات والحسومات كافية لإنشائه. لكنهم يتساءلون محقين عن مصيره بعد ست سنوات من وضع حجر الأساس.

فيما رد وزارة الصحة على "الإشاعات" يثير من الأسئلة والشكوك أكثر مما يدحضها. إذ تضمن بأن "التبرعات موجودة في حساب المركز " ! وكأن ذلك كافيا لتبديد الشكوك.

 وأنه "تم عمل المخططات الهندسية للمشروع بسعة 250 سرير، وتكلفة تقديرية بقيمة 160 مليون دولار".

وأنه "نتيجة لعدم توفر الأموال اللازمة لإنشاء المشروع فقد تم تجميده في الوقت الحالي، حيث تعمل الوزارة والحكومة على توفير الدعم المالي لإنشاء المركز، وعلى مراحل لخدمة المرضى". والتأكيد بأن وزارة الصحة ترى "أن علاج مرضى السرطان على رأس أولوياتها ضمن خطتها لتوطين الخدمات الطبية في فلسطين".

ألا يتبادر إلى الذهن حجم التبديد والهدر الناجم عن تراجع القيمة الشرائية للأموال المجمدة لست سنوات في ضوء التزايد المضطرد للتكاليف؟!

ثم أليس الأصل أن المخططات التنظيمية للمشروع توضع في ضوء التمويل المتاح أو الممكن توفيره؟

وإذا كان دقيقا كما أورد البيان بأن علاج مرضى السرطان يقع في رأس أولويات الوزارة وخطتها فما هو المدى الزمني الذي تحتاجه لتأمين الموارد الضرورية لتنفيذ المشروع؟

وبما أن كان المركز سيقام على مراحل، فلماذا لم تظهر المراحل الأولى منه رغم مرور ست سنوات على وضع حجر الأساس، نصفها في عهد الحكومة والوزيرة الحالية؟

أليس وضع حجر الأساس من قبل الرئيس باحتفال رسمي يعني الشروع بالتنفيذ؟ أو أقله التزام أمام الشعب بإنجاز مراحله الأولى؟

للحقيقة فان تساؤلات المواطنين المشروعة للحكومة لا تقتصر فقط على مصير مركز خالد الحسن لعلاج السرطان، بل تطال عشرات التساؤلات الأخرى التي لم يتلق المواطنون الفلسطينيون، بعد، إجابات قاطعة عليها يمكن إيراد بعضها، على سبيل المثال لا الحصر - في السنة الأخيرة، فقط:

- التساؤلات بشأن مصير التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق في موضوع تبادل لقاحات فايزر مع الجانب الإسرائيلي المقدم بتاريخ 6/7/2021 وتنفيذ توصياته.

- التساؤلات بشأن مصير نتائج التحقيق بجريمة اغتيال المعارض الفلسطيني نزار بنات، والإجراءات المتخذة في ضوئها.

- التساؤلات بشأن سحب الشكوى المرفوعة ضد الولايات المتحدة الأمريكية أمام محكمة العدل الدولية بسبب نقل سفارتها للقدس.

- التساؤلات بشأن أسباب عدم إصدار قانون تجريم العمل والاستثمار الفلسطيني في المستعمرات الاستيطانية المقامة على أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة التي تعترف بها الشرعية الدولية كأراض فلسطينية محتلة.

- التساؤلات بشأن التقصير إزاء استمرار عمالة الأطفال الفلسطينيين والتراخي في محاسبة مشغليهم وسماسرة التصاريح.

- التساؤلات بشأن أسباب الإحالات الجماعية للتقاعد المبكر.

- التساؤلات بشأن التنقلات والتعيينات والترقيات الانتقائية في السلك الدبلوماسي.

- التساؤلات بشأن مآلات سياسات وخطط "الانفكاك الاقتصادي الفلسطيني" عن الاقتصاد الإسرائيلي ونتائجها الفعلية على العمالة والواردات السلعية والخدمية الفلسطينية.

آن الأوان لإدراك كل مواطن منا أن العلاقة بينه وبين السلطة ليست أحادية الجانب بتنفيذ واجبات المواطنة، وإنما، أيضا، بالوفاء بحقوقها، وبالمساءلة والمحاسبة التي لا تقتصر على المواطن، بل تطال المسؤولين عند الإخلال بواجباتهم.

فلو فعلنا جميعا مواطنتنا الفلسطينية بما تفرضه علينا من واجبات وما ترتبه لنا من حقوق. لما بقي حالنا الفلسطيني على النحو القائم حاليا، أقله داخل مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ولو أصر الفلسطينيون جميعا على حقهم المشروع في الحصول على إجابات لتساؤلاتهم المحقة، لتغير الواقع الفلسطيني الذي نشكو جميعا من ترديه.

لم يخطئ ابن خلدون عندما قال بأن "الناس على دين ملوكهم" لبيان المسؤولية الرئيسية للقادة في تشكيل واقع شعوبهم.

غير أن مقولة أخرى لا يجانبها الصواب أيضا، "كما تكونوا يول عليكم" لبيان المسؤولية المشتركة عن الواقع الفلسطيني المأزوم. وإن تفاوتت درجاتها بحكم اختلاف المواقع.

الجميع مسؤول: من أخل بمسؤولياته ومن تهاون بحقوقه. والتغيير يبدأ بقرار قد يتخذه الحاكم أو المحكوم.

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مشاركة: