الرئيسية » مقالات » غانية ملحيس »   19 كانون الأول 2024

| | |
الحكمة في الانتماء للشعب والحوار معه وحمايته والتحصن بوحدته
غانية ملحيس

 أغلب الظن أن فلسطين لم تشهد عبر تاريخها الممتد منذ سكنها الإنسان العاقل قبل آلاف السنين من تدمير للخلق على اختلاف صور المخلوقات، كما تشهد منذ 439 يوما. حيث إبادة الإنسان والمكان والذاكرة وانتشار جثث الأطفال والنساء والشيوخ في الطرقات بغزة هاشم، تنهشها الكلاب الضالة على مرأى ومسمع العالم المردوع. المنتظر لتولي إله النار القادم للبيت الأبيض رئاسة الدولة الأعظم. متوعدا باستئناف عهده الثاني بـ "جحيم في الشرق الأوسط" إن لم يتم - قبل تنصيبه- إطلاق سراح بضع عشرات من المستوطنين الصهاينه المحتجزين في قطاع غزة وبعضهم غزاة أمريكيون. وكأنه ليس كافيا بعد، عشرات آلاف ضحايا القصف ممن تم تسجيلهم: 45,097 شهيدا، لا يشمل آلاف الموتى ممن قضوا جوعا أو عطشا أو بسبب انتشارالأوبئة أو نقص الأدوية. وأكثر منهم من المفقودين، و107 آلاف جريحا، ومليوني مهجر في قطاع غزة. ونحو ثمانمائة شهيد وسبعة آلاف جريح، وعشرة آلاف معتقل في الضفة الغربية. فهم بنظر الغرب الاستعماري الصهيوني العنصري ليسوا بشرا يستحقون الحياة التي لا تليق إلا بالجنس الأنغلو ساكسوني الأبيض وبشعب الله المختار المتفوق على جميع الأغيار. 

فالأولوية الأولى للتحالف، المضي قدما لاستكمال استيلاد الشرق أوسط الجديد، الذي طال انتظاره قرابة قرن، وآن أوان انبثاقه ولو بولادة قيصرية. إن تعذرت الولادة الطبيعية باستعصاء استسلام جميع شعوب ودول المنطقة العربية والإسلامية طوعا. وإن لم يتعظ من بقي منها خارج الحروب الأهلية والتفكيك الذاتي كما حدث في العراق وليبيا والسودان والصومال واليمن وسوريا، وما يحدث منذ عام ونصف في قطاع غزة وجنوب لبنان من إبادة للإنسان والمكان والذاكرة. لإخراج فلسطين وجوارها العربي من الجغرافيا، والديموغرافيا، والتاريخ، والمستقبل. وتوسيع الدولة اليهودية التي اكتشف ترامب ضيقها الجغرافي والحاجة إلى توسيعها. ويرى نفسه مبعوثا إلهيا لذلك- كما قال في خطاب الفوز بالرئاسة الثانية- " أن الله أنقذه من حادثة الاغتيال في 13/7/2024 لينقذ البلاد". ويبدو أن إنقاذها يستوجب تفكيك ما تبقى من دول العالم العربي والإسلامي لإنشاء الشرق الأوسط الجديد، وتأهيل المستعمرة الصهيونية لقيادته، ووصل الهند بشواطىء المستعمرة الصهيونية عبر الخليج وبلاد الشام لبلوغ أوروبا.  وإقصاء الصين عن حلبة التنافس على القيادة العالمية.

 وعليه، فقد تجاوز عداوته لخصمه اللدود جو بايدن. وحثه على الإسراع باستكمال مهمته فيما تبقى له من زمن في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. بتمكين ملاك الموت الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي أوكل التحالف لشعبه قبل 76 عام مهمة تثبيت تجزئة المنطقة ومنع. دولها وشعوبها من التطور والتقدم. واستعادة وحدتهم الجغرافية والديموغرافية والحضارية. بفصل مشرقها الإفريقي عن مغربها الآسيوي بدولة وظيفية استيطانية عازلة، مغايرة عرقيا ودينيا وثقافيا وموالية حضاريا للغرب. وتمكينها عسكريا وسياسيا وتقنيا وعلميا وماليا واقتصاديا واجتماعيا. واستثناءها من نفاذ القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وحمايتها بالأساطيل والمدمرات عندما تعجز عن مواصلة القيام بدوريها: اليهودي الخاص، والوظيفي الإمبريالي العام. وما يستوجبانه من توفير ملاذ آمن لمستوطنيها اليهود، ولمن يتوجب تجنيدهم مستقبلا من يهود العالم بمنع اندماجهم في أوطانهم الأصلية للإبقاء عليهم كاحتياطي استراتيجي لاستقدامهم عند الحاجة لحماية مصالح التحالف. وتزويدها بما يحتاجه دورها الوظيفي العام لاستكمال مهمة إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومخيمات وقرى ومدن الضفة الضفة الغربية، وداعميهم في جنوب لبنان والعراق واليمن. وإفراغ مخازن السلاح المكدس منذ أكثر من نصف قرن في سوريا. ولم تختبر فعاليته إلا ضد شعبها الأصيل وجواره العربي. وضرب المنشآت النووية في إيران. وعرقلة تقدم عضو الناتو الطموح أردوغان، الساعي لتوسيع حدود بلاده التي رسمتها اتفاقات سايكس بيكو في بلاد الشام المستباحة والمتنازع عليها بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة. للتمهيد للرئيس ترامب، وتمكينه من التفرغ لاستعادة عظمة أمريكا وتسيد العالم. الذي يتوعده بعظائم الأمور: دولا وشعوبا. بما في ذلك الأمريكيين والغربيين المدافعين عن تساوي حقوق الإنسان في الحياة والحرية والكرامة. وقضاة محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية. ومنظمات الأمم المتحدة / مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين- الأونروا- والمنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان - هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية أمنيستي الخ…/ وأي جهة تتجرأ على التمرد عند وصول سيد البيت الأبيض، الواحد الأحد الذي لا راد لقضائه.

والملفت سرعة استجابة قادة المنطقة العربية- الإسلامية الممتدة. فلم يكد سيد العالم ينهي تحذيره حتى أعلنت هدنة مؤقتة على الجبهة اللبنانية لإتاحة الفرصة لاستكمال ما عجز الكيان الصهيونى عنه عسكريا في الميدان. عبر إشراك بعض أهل لبنان في إخضاع بعضهم الآخر تحت إشراف أمريكي فرنسي. بالتزامن مع تفكيك الدولة السورية بمشاركة النظام الذي أدرك انتهاء مهمته في إبادة وإنهاك شعبه على مدى أكثر من نصف قرن. ولإتاحة الفرصة لضحايا النظام وقوى المعارضة التي تم احتضان ورعاية فصائلها وإعدادها على مدى أكثر من عقد لليوم التالي، عندما تتهيأ الظروف لنزع سلاح سوريا بعد استنفاذ دوره، فأسند تدميره للدولة الصهيونية التي أنجزت المهمة خلال أقل من أسبوع. 

وبالتزامن والتوازي بدأنا نشهد أحداثا دموية مشينة في الضفة الغربية مركز الصراع على أرض فلسطين.  بين أبناء ضحايا ذات التحالف الغربي الصهيوني العنصري في جنين وطولكرم، وتهدد بالتمدد لنابلس وسلفيت، وقد تعم، إن تواصل الجنون الفلسطيني، باقي مخيمات وقرى ومدن الضفة الغربية. 

وأغلب الظن أن جميع المتورطين في الاشتباكات الدموية يدركون أنهم جميعا خاسرون. وأن الخاسرالأكبرهوالشعب الفلسطيني المستنزفة قواه من عدوه الذي يواصل إبادته للقرن الثاني على التوالي. ومن قادته الذين لا يكفون بسياساتهم الخرقاء واختياراتهم الخاطئة عن إضعاف مناعته الذاتية. وتحميله ما يفوق طاقته وقدرته على مواصلة الصمود في حرب وجودية، تكاتف طغاة الأرض على اختلاف انتماءاتهم العرقية والقومية والإثنية والدينية لاقتلاعه من الجغرافيا والديموغرافيا والتاريخ والحاضر والمستقبل.

وكأن ما أصاب الشعب الفلسطيني من كوارث غير كاف لإقناع نخبه المتغربة بفشلها وعجزها.

وأنه بالرغم من هذا الفشل والعجز على مستوى القيادة، فقد تمكن - باستعصائه على الاستسلام - من حفظ هويته الوطنية الجامعة. والمحافظة على وجوده وتماسكه المجتمعي على مدى أكثر من قرن تواطأ فيه الكون بأسره لتدميره وتفتيت وطنه وتشتيته داخل جزيئاته وملاحقة مهجريه في مخيمات اللجوء. 

مثبتا أنه ليس هناك شعب فلسطيني فاشل مصمم على بلوغ حقوقه الوطنيه والتاريخية المشروعة غير القابلة للتصرف التي تكفلها جميع الشرائع السماوية والوضعية. وتقرّها كافة المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية ومرتكزها الحق في الحياة والحرية وتقرير المصير على أرض وطنه. 

ويمتلك الجاهزية لإحقاق هذه الحقوق مهما طال الزمن وعظمت التضحيات. 

فقد تعرض عبر تاريخه الممتد لآلاف السنين لغزوات إمبراطوريات وقوى عظمى حكمت العالم. ولم يكف عن النضال لبلوغ حقوقه الأساسية في الحياة الحرة الكريمة. فهزم الفرس واليونانيون والرومان والبيزنطيون والسلاجقة والفرنجة/الصليبيون/ والفرنسيون والعثمانيون. وأعادهم جميعا من حيث أتوا، فباتوا أثرا عابرا في تاريخه. وبقيت فلسطين عصية على الزوال وبقي شعبها العربي الفلسطيني عصي على الفناء. 

وواصلت أجياله المتعاقبة، وما تزال، النضال منذ أن وطأ الغزاة الغربيون الصهاينة أرض وطنهم قبل أكثر من قرن. فتتابعت ثوراتهم وانتفاضاتهم وهباتهم ولم يتأخر أي منها عن افتداء حرية فلسطين وشعبها بحياة خيرة أبنائهم.

وإنما هناك نظام سياسي فصائلي فلسطيني فاشل. وقيادات عاجزة غير مسؤولة تقامر بمصير الوطن والشعب. بخيارات سياسية خاطئة تضعف مناعته وتفاقم معاناته. وبالتنافس فيما بينها على المواقع والنفوذ في وطن يخضع بكامله لاحتلال استعماري استيطاني عنصري إجلائي- إحلالي. ويتحكم العدو الوجودي بترابه، وسمائه، وهوائه، ومائه. ويخير الشعب الفلسطيني بين القتل وبين الهجرة وبين استعباد من يتبقى منه.

وما يزال بعضهم يراهنون على عدوهم المتربص بهم جميعا، ويوظفهم تباعا لتصفية الشعب والقضية. بقتل المقاومين الذين يقومون نيابة عن سلطتهم التي تقاعست عن حماية شعبها، رغم وفائهم بالتزاماتهم في تمويلها لأداء دورها الوظيفي اتجاه شعبها، كأي سلطة مهمتها توفيرالأمن وحمايته من الاعتداءات الخارجية.

 ولو قامت بواجبها الأساسي في الدفاع عن أبنائهم وأسرهم، وصد اعتداءات جيش المستعمرة الصهيونية ومستوطنيها، الذين يستبيحون أراضيهم ومساكنهم، ويقتلعون أشجار زيتونهم، وينهبون ويتلفون محاصيلهم، ويهدمون بيوتهم ويحرقون مركباتهم ويلوثون مياههم ويدنسون مقدساتهم. ولو لم تتقاعس عن أداء وظيفتها الأساسية المناطة ومبرر وجودها لما احتاج الشباب الفلسطيني لتجاوز القانون والنظام، والتصدي لعدوهم بأنفسهم. 

فإذا تجرأ العدو الصهيوني على القيام بما لم يقو عليه قبل إنشاء السلطة وفقا لاتفاق أوسلو قبل ثلاثين عام، من قتل وتدمير واستيطان. فما هو نفعها؟!  وما هو دورها إذن؟! وما هو مبرر وجودها في وطن يتم قضمه كل يوم، ويعلن محتلوه سلطة ومعارضة ومستوطنين أنه وطنهم الذي اختصهم إله الكون بملكية حصرية تقتصر عليهم. ويتمددون به جغرافيا وديموغرافيا ويبيدون الشعب؟!

فلم يقدم شعبنا الفلسطيني مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى من أجل إنشاء سلطة تنقل أعباء تمويل الاحتلال إلى الشعب الواقع تحته. وتتوسل للمانحين باستكمال تمويل استهلاك منتجات عدوهم. وتشغيل فائض ما تعجز السلطة عن توظيفه في أجهزتها الخدمية والأمنية / نحو ربع مليون موظف /يقومون بمهمات الإدارة المدنية للاحتلال/ 22 ألفا قبل إنشاء السلطة / وبالمهمات الأمنية نيابة عن جيش الاحتلال للجم مقاومة الشعب الفلسطيني. 

أي أمل كاذب بدولة يتم الترويج لها على مدى ثلاثة عقود، ستة اضعاف المهلة الزمنية التي نص عليها اتفاق أوسلو سيء الذكر. فتم تقويض فرص قيام الدولة الموعودة وتدمير جميع مرتكزاتها الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال عقود ثلاثة. وباتت كل فلسطين الانتدابية تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني العنصري الذي يتسم بطبيعة إجلائية إلغائية؟! 

فالدولة ليست رموزا وعلما ونشيدا ووزراء ونوابا / تم تغييبهم/ وتشريفات وموظفين يستجدون رواتبهم المشروط توفيرها من عدوهم الوجودي. الذي ائتمنه قادة أوسلو وفوضوه بجمع ضرائب التجارة عبره. والمقيد استكمال تمويل استهلاكه المدني والأمني من المانحين بالدور الوظيفي لسلطة الحكم الذاتي في تأبيد الاحتلال.

أي سياسات حكيمة يتحدث عنها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى تبرر قيام السلطة العاجزة عن حماية شعبها، بقتل الفلسطينيين لمنعهم من حماية أسرهم من القتل والحرق والاعتقال والدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم من السلب والنهب والهدم؟!

السياسات غير الحكيمة وغير المنصفة للسلطة التي سطت على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وجرفتها وأخضعتها. لم تنجح في وقف الاعتداءات المتواصلة على شعبها عبر التفاوض مع عدوها على مدى ثلاثة عقود متصلة. وتمتنع وتتمنع عن مفاوضة أبناء شعبها بذات المرونة والتسامح الذي تبديه في التفاوض مع عدوها المتربص بها وبشعبها.

 لا مجال للمقارنة والمفاضلة بين سلطة توظف القوة ضد أبنائها. وتضغط الولايات المتحدة الأمريكية (راعية العدو الوجودي وشريكته في حرب الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني) على قادة الأمن في المستعمرة الصهيونية لتعظيم قوة السلطة ومدها بالسلاح والعتاد. للقيام نيابة عنه بمحاربة المقاومين وتصفيتهم. بذريعة لومهم لقبول القشة - إن صدقت الاتهامات- للاشتباه بيد إيران في مدها طعما لإغراق الشعب بالدم الفلسطيني المسفوك من العدو الصهيوني، ومن سلطة الحكم الذاتي المكلفة بحمايته. وكأن العدو الذي يواصل حرب الإبادة الجماعية ضده وتقويض السلطة بيده طوق النجاة للشعب والسلطة!  

إذا كانت السلطة تؤمن كما نؤمن جميعا بأن الدين لله والوطن للجميع. 

وأننا على اختلاف أدياننا وعقائدنا نعبد إلها واحدا. فهل تلتزم بما أمر به الله

 "بأن من رأى منكم منكرا فليقومه بيده. فإن لم يستطع فبلسانه. فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"؟!

 فإن لم يكن الظلم والاحتلال والإبادة الجماعية للبشر والحجر والشجر والسلب والنهب والفساد والاستعباد والاستبداد منكرا، فما هو تعريف المنكر إذن؟

وإذا توافقنا على تعريف ما تقدم بالمنكر، فكيف يرى قادة السلطة الفلسطينية طريقة تقويمه؟

ألم نعتبر بما يحدث من حروب أهلية في بلادنا العربية الممتدة؟!

ألم نتعلم من أن لا حاضر ولا مستقبل لمن يخذل شعبه ويتواطأ عليه؟!

ألم نتعظ من أن لا خلاص لحاكم ولا لقائد إن لم يتحصن ويحتمي بوحدة شعبه؟ 

الفرص والخيارات تضيق أمام النظام السياسي الفصائلي وعموم الشعب الفلسطيني، البالغ تعداده نحو 15 مليون نسمة. بنصفه المقيم داخل وطنه ونصفه الآخر المهجر خارجه.  

وقد آن الأوان لنا جميعا الارتقاء إلى مستوى التضحيات الجسيمة للمقاومة الباسلة والصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم في قطاع غزة وعلى امتداد فلسطين الانتدابية ومواطن اللجوء.

أولا: بالثقة بحتمية انتصار قوة الحق على حق القوة مهما طال الزمن وعظمت التضحيات.

ثانيا: بالإدراك بأن الحتمية التاريخية ليست ذاتية الحركة. وأن تحقيقها رهن برؤية نهضوية فلسطينية جامعة مدركة للبعد العالمي للقضية الفلسطينية، من حيث نشأتها وحلها.  

ثالثا: بالوعي بتعذر تغيير الماضي عند التفكير بالمستقبل. وتوظيف دروسه باهظة الكلفة في استشراف مستقبل واعد للجميع. مدرك لتعذر حل المسألة الفلسطينية بمعزل عن حل مسألة يهود المستعمرة الصهيونية. ومتيقن من ترابط مصير الشعب الفلسطيني بمصير يهود إسرائيل. وارتباطهما بحل إنساني لا يعلي حقوق أحدهما في الحياة والحرية والكرامة على حقوق الآخر كما فعل الغرب الاستعماري الصهيوني العنصري.

رابعا: بالإيمان بأن مواجهة الظلم البشري واجب وحاجة وطنية وإنسانية لا غنى عنها للاستقرار والتقدم.

 خامسا: بالمعرفة بأن القيادة مسؤولية وعبء قد يعجز عنه الكثيرون. ذلك أنها تكليف لا تشريف. ولا تكتسب بالقوة، وإنما بتفويض مشروط من الشعب الذي يكلفها بقيادته. وهو وحده صاحب الحق الحصري في منحها شرعية تمثيله عند وفائها بواجباتها في قيادته والدفاع عنه وحماية مصالحه الفردية والجمعية. أو سحبها عند تقصيرها في أداء مهامها الوظيفية. التي تستوجب توحيد وحشد كافة مكوناته للتصدي للظلم. والدفاع عن حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف في الحياة والحرية والكرامة وتقرير المصير في وطنه.

سادسا: بالفهم للدور المركزي المناط بالأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم في تحرير فلسطين. والمعرفة بمحورية دور الشعب الفلسطيني في إبقاء شعلة النضال متقدة، لحشد القوى الوطنية والقومية والاقليمية والعالمية للنضال لهزيمة الصهيونية. وتفكيك النظام الاستعماري الاستيطاني الصهيوني العنصري. وإقامة الدولة الوطنيه الديمقراطية على أرض فلسطين الانتدابية، التي يتعاون في بنائها الشعب العربي الفلسطيني الأصلاني المقيم والعائد من مواطن اللجوء، ويهود إسرائيل الذين ينخرطون في النضال التحرري ضد نظام الفصل العنصري، ويستعدون للعيش مع اهل البلاد الأصلانيين كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات تحت حكم القانون. وهذا ليس حلما طوباويا، كما قد يعتقد البعض. فقد رأيناه يتحقق في جنوب إفريقيا.

سابعا: بالإدراك بأن أمام الشعب الفلسطيني بدائل كثيرة متاحة ليس بينها الرضوخ للضغوط الهائلة. فهناك حلول أخرى ممكنه. وتبيانها يستلزم التحصن بالشعب ووحدته ورمي الكرة في ملعب العدو. بالبدء ب: - 

١- توفيرمظلة سياسية وطنية للمقاومة الفلسطينية الباسلة وحاضنتها الشعبية في قطاع غزة. وحشد الجهود العربية والدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية. وانسحاب قوات الاحتلال الاسراييلي من كامل قطاع غزة. وبلورة خطة شاملة للتعامل مع تداعيات الحرب التدميرية وتخفيف وطأتها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بتأمين شروط بقائه، عبر خطة طوارئ وطنية تولي الأولوية الأولى لتثبيت وجوده في قطاع غزة. بتوفير الخدمات الإغاثية والمراكز السكنية والمؤسسات الخدمية الصحية والتعليمية والالتزام بتوفير الموارد اللازمة.

وبلورة خطة شاملة لإعادة بناء وإعمار قطاع غزة وفق منظور تنموي ينهي الإرث الاستعماري، ويؤسس للاستقلال، ويتكامل مع باقي المكونات الوطنية للشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها. 

2- الوقف الفوري للاقتتال بين أمن السلطة والمقاومين الفلسطينيين بسحب قوى الأمن من مناطق الاحتكاك. وبانتباه المقاومين إلى مخاطر المظاهر الاستعراضية المسلحة. حيث نجاح المقاومة ضد الاحتلال يكمن في طبيعتها السرية وعنصر المفاجأة.

3- الفصل التام بين السياسة وإناطتها بمنظمة التحرير الفلسطينية التي يتوجب الإسراع في إعادة بنائها كمرجعيّة عليا إشرافية ورقابية. وإطار تمثيلي جامع لكافة مكونات الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه. ولكافه قواه السياسية والتنظيمية الفاعلة. وتجديد شرعيات أطرها القيادية التشريعية والتنفيذية، بانتخاب قيادات شابة مؤهلة. وحصر التفاوض السياسي والعلاقات الخارجية بمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبين إدارة الدولة الفلسطينية الخاضعة للاحتلال بحدود الرابع من حزيران 1967 المعترف بها دوليا كأراض فلسطينية محتلة. وإناطتها بالسلطة الفلسطينية. الخاضعة حكما لسلطة المنظمة. وحصر التفاوض بين السلطة مع سلطات الاحتلال في الشؤون الإدارية وفي إجراءات إنهاء الاحتلال. 

وينبغي أن يكون الفصل بين المنظمة والسلطة كاملا على صعيد الصلاحيات والمهام. وعلى صعيد القيادة بحميع مستوياتها، العليا والكوادرالتنفيذية، وجميع سلطاتها وفروعها التشريعية والتنفيذية والقضائية.

 4- تشكيل لجنة إنقاذ وطني تتولى مهمة وضع الجدول الزمني لتجديد أطر منظمة التحرير الفلسطينية التشريعية والتنفيذية والقضائية بالسرعة القصوى.

5- حصرالنضال التحرري في أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 التي تعترف 124 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة إنهاء احتلالها خلال اثني عشر شهرا تنتهي في أيلول2025. ريثما تنضج الظروف الذاتية والموضوعية لإقامة الدولة الديمقراطية الواحدة في كامل فلسطين الانتدابية.  فالنضال التحرري في أراضي الدولة الفلسطينية الخاضعة للاحتلال بكافة أشكاله السلميّة والمسلحة يمتلك مشروعية في القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.

6- تشكيل أطر تنسيقية للمقاومة المسلحة تلتزم بحصرية المقاومة داخل أراضي الدولة الفلسطينية الخاضعة للاحتلال الصهيوني. وفي التصدي ومواجهة اعتداءات جيش الاحتلال ومستوطنيه على الشعب الفلسطيني، وأراضيه، وممتلكاته، ومقدساته. 

7- توسيع قاعدة الانخراط الشعبي الفلسطيني في المقاومة السلميّة ضد الاحتلال والتصدي الجماعي لاعتداءات جيش الاحتلال ومستوطنيه.

8 - تشكيل حكومة طوارئ وطنية لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني في أراضي الدولة الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال. تلتزم بالعمل مع الدول العربية والإسلامية وجميع الدول التي صوتت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال اثني عشر شهرا. ووضع الخطوات التنفيذية لادخال هذا القرار حيز التنفيذ العملي.

9- تشكيل لجان عمل متخصصة تشارك فيها المنظمات الحقوقية الفلسطينية والاسرائيلية والعربية والأجنبية مهمتها التعاون وحشد الجهود الضرورية لتنفيذ قرارالجمعية العامة للامم المتحدة بإنهاء الاحتلال الاسراييلي خلال اثني عشر شهرا. ومتابعة الخروقات الاسرائيلية والدولية. ومساءلة وملاحقة مرتكبيها في المحاكم الدولية والوطنية، وخصوصا في الدول التي صوتت بالإيجاب على القرار. وللمطالبة بالتعويضات الاسرائيلية المستحقة للفلسطينيين عن كافة الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967. لاستخدام التعويضات في بناء الدولة الفلسطينية.

10- تشكيل لجان عمل متخصصة فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، وفتح المجال أمام انخراط المؤسسات الاسرائيلية التي تتشارك هدف تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال اثني عشر شهرا. لتتولى رصد الخروقات الدولية وملاحقة مرتكبيها في المحاكم الدولية والوطنية، ومطالبتهم بدفع التعويضات لجبر الضرر الذي ألحقوه بالشعب الفلسطيني.

وفي الختام لا بد من التأكيد على أن النصر قرار ذاتي فلسطيني يمكن بلوغه بتوفير موجباته، وفي مقدمتها:

الوحدة الوطنية،
والرؤية النهضوية،
والمشروع التحرري الإنساني النقيض للمشروع الاستعماري الغربي الصهيو ني العنصري، 
والقيادة المؤهلة المدركة لدورالمفكرين والحكماء والعلماء التنويري في بناء الوعي المعرفي الذي يسبق الفعل ويوجهه. وينمي مردوده، ويخفض الأعباء، ويعزز بذلك المناعة المجتمعية والصمود المقاوم القادرعلى تقريب الشعب الفلسطيني من بلوغ أهدافه التحررية بالسرعة القصوى والكلفة الدنيا.
والتحالفات الصحيحة مع القوى الفلسطينية والاسرائيلية والعربية والإقليمية والدولية الساعية لبناء مستقبل واعد خال من الاستعمار، والاستبداد، والعبودية، والعنصرية. تنعم فيه دول وشعوب المنطقة والعالم بالحرية والأمن والاستقرار والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات. وبذلك توفير موجبات ومستلزمات السلام الدائم.

مشاركة: