الرئيسية » مقالات » غانية ملحيس »   23 حزيران 2025

| | |
عندما يصرخ المجرم: سقوط أخلاقي بصوت مرتفع
غانية ملحيس

في مشهد يتجاوز كل حدود الانحدار السياسي والانحطاط الأخلاقي، خرجت إسرائيل، ومعها الغرب الاستعماري، تتهم إيران بارتكاب "جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب"، على خلفية سقوط صاروخ بالقرب من مستشفى “سوروكا” في النقب.

رواد الإبادة الجماعية، الذين وثق التاريخ الإنساني المدون جرائمهم بحق مئات الملايين من السكان الأصليين في أمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا وإفريقيا – بل ولم يسلم من جرائمهم حتى يهود أوروبا – يواصلون اليوم المسار ذاته ضد شعوب المنطقة العربية الإسلامية، في مسعى محموم لاستيلاد “الشرق الأوسط الجديد”.

وتعلو أصواتهم مجددا، في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وسائر مراكز نظام الهيمنة الاستعمارية الغربية الصهيونية العنصرية، لتهدد البشرية وتخيرها بين الخضوع للعالم الذي يريدونه، أو الانهيار تحت خيار “شمشون”.

في زمن السقوط الأخلاقي المريع، يتجرأ قتلة الأطفال والنساء والشيوخ، ومدمرو المستشفيات والمدارس والجامعات ودور العبادة والمعالم الأثرية، على الصراخ بأن سقوط صاروخ بالقرب من مستشفى يتموضع بجوار منشأة عسكرية مستهدفة هو "جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب".

أيّ انفصام أفظع من هذا؟ 

وأي مسرحية أكثر سخرية من جلاد يصرخ من خدش، بينما الشعوب ضحاياه تدفن تحت الأنقاض؟

مطالبة رئيس الولايات المتحدة لسبعة عشر مليون إيراني بإخلاء عاصمتهم طهران، وقبلها مطالبته 2.3 مليون فلسطيني بمغادرة قطاع غزة، تحت طائلة الإبادة، ليست مجرد ازدواجية في المعايير كما يروج. بل هي تعرية سافرة لجوهر الهيمنة الاستعمارية الغربية، التي لم تعد تهدد الشرق وحده، بل تهدد مستقبل البشرية جمعاء.

وأمام هذا الانكشاف العلني للوحشية، لم يعد الغضب كافيا، ولا الصدمة نافعة.

المطلوب اليوم فعل واع ومنظم، لا مجرد ردود أفعال غاضبة أو شعارات موسمية.

المطلوب:

   •   مقاطعة شاملة لكل الشركات والسلع والمؤسسات المتورطة أو الداعمة للاستعمار والإبادة، في كل ساحاتنا العربية والعالمية.

   •   تشكيل لجان شعبية في الأحياء والمدارس والجامعات لدعم صمود مقاومي الطغيان في العالم، ولفضح خطاب الهيمنة والكذب الإعلامي الغربي.

   •   بناء تحالفات مقاومة على المستوى الفكري والنقابي والثقافي، تتجاوز الصمت الرسمي والتطبيع، وتؤسس لخطاب شعبي تحرري جديد.

لقد آن الأوان لتحويل الغضب إلى طاقة منظمة. والصوت إلى فعل. والمأساة إلى مشروع مقاومة جذري وشامل يسعى لبناء عالم جديد، آمن ومستقر، تعيش فيه جميع شعوبه وأجياله القادمة بحرية وعدالة وكرامة.

 

مشاركة: