الرئيسية » مقالات » غانية ملحيس »  

| | |
المعنى تحت النار: في ضرورة الفكر وواجب الموقف
غانية ملحيس

المعنى تحت النار 

حين تتجاوز المجازر في غزة حدود الفظاعة إلى مستوى السُعار، ويتكشف النظام الدولي عاريا بلا أقنعة، لا يعود الصمت خيارا، ولا يفي التعاطف بالغرض، ولا يكفي الغضب الخام وحده. في مثل هذه اللحظات يصبح واجبا مساءلة الفكر قبل الموقف، والخطاب قبل البيان، لا من باب المماحكة، بل من موقع المسؤولية التي تحتم على الكاتب إعادة التفكير، لا فيما يقوله فقط، بل فيما يجب أن يقال.

الحوار مع خالد عطية: سؤال التحليل في زمن الدم

على خلفية مقالي “بين الانكشاف البنيوي وانفجار المعنى”، الذي حاولت فيه الاقتراب من المجزرة بوصفها حدثا كاشفا للبنية لا مجرد مأساة تستدر الدموع، جاءت ملاحظات شريك الفكر والمسار خالد عطية عبر حوار خاص بيننا. فقد تساءل خالد، بمزيج من الألم والصرامة، عن حدود التأويل السياسي حين يلامس الدم الطازج، وعن جدوى “التفكيك” إذا ما أفضى إلى خفوت الغضب، أو بدا وكأنه يحوّل المجزرة إلى مادة للتأمل بدل أن تكون نداء لانفجار شعبي.

عبر خالد عن خوفه من أن يؤدي تحليل البنية إلى تجريد المجزرة من لحظتها الأخلاقية، وأن تتحول المقاومة إلى موضوع للفهم بدل أن تكون فعلا للإسناد. وأكد أننا في لحظة لا تحتاج إلى المزيد من التفكيك البنيوي، بل إلى وضوح في الاصطفاف. قال: "نحن نحتاج الفكر، نعم، لكننا نحتاجه الآن ليبقى حاضرا في قلب اللحظة المشتعلة، حيث يسقط الناس لا بوصفهم رموزا في نص جدلي، بل ككائنات حقيقية تموت تحت الركام. نحتاج فكرا يقول للعالم بلا تردد: ما يحدث في غزة إبادة جماعية مكتملة الأركان، وعلى هذا العالم أن يتحرك.”

وفي هذا الامتحان الأخلاقي، طالب خالد بأن تتحول قراءاتنا الفكرية إلى مواقف لا تلتبس، بل تطالب بـ:

  • وقف فوري للإبادة والحصار.
  • محاسبة قانونية وشفافة لمجرمي الحرب.
  • نزع الشرعية السياسية والأخلاقية عن الاحتلال.
  • دعم غير مشروط لحق الفلسطينيين في البقاء والدفاع عن حياتهم.

ثم أضاف سؤالا أكثر حدة: “هل يمكن أن يصبح فعل التحليل ذاته شكلا من أشكال التواطؤ الناعم إذا ما خفف من وقع الصدمة؟  “

أهمية النقد: من الخصوصي إلى العام

ولأهمية ملاحظاته النقدية، ليس فقط بوصفها ردا على مقالي السابق، بل لأنها تساهم في اختبار الفكرة المطروحة وضبط البوصلة الأخلاقية، رأيت ضرورة نقل الحوار بيننا، بموافقته، إلى الفضاء العام. فهذه الاعتراضات، ليست مجرد مناكفات فكرية، بل تمثل صوتا صادقا يطالب بالكتابة من الجرح لا عنه فحسب، ومن الغضب الواعي لا من التحليل المنفصل.

هذا النداء لا ينفرد به خالد، بل يشاركه فيه كثيرون، وخصوصا من يعيشون الإبادة في قطاع غزة. فهو تذكير بأن الاقتراب من البنية لا يعفي من الإدانة، وأن قراءة المجزرة كأثر لانسداد سياسي لا تنفي كونها جريمة مطلقة تستوجب الغضب والحشد، لا التأويل وحده.

من هنا، لا يأتي مقالي ردا على خالد، بل امتدادا لحوار نقدي مثمر معه، فضل أن يبقى في الخاص تجنبا لإحراجي، لكنه يستحق أن ينقل إلى المجال العام. وليس الهدف فضّ اشتباك بل توسيعه، ولا تسجيل نقاط بل إرساء وعي جديد يجعل من الفكر فعلا من أفعال الانتماء، لا الانفصال.

بين التحليل والموقف: الكتابة كفعل مقاومة لا كهروب من المجزرة

في رسالته وضع خالد إصبعه على جرح حقيقي: أن الكتابة التحليلية، حين تفقد بوصلة الموقف الأخلاقي، يمكن أن تتحول - من حيث لا تدري - إلى تماه مع التجريد، بل وإلى تبرير ضمني للجريمة حين تنزع عنها خصوصيتها وتعاد صياغتها كنتيجة منطقية لبنية استعمارية مستمرة. وفي تساؤله المستتر عن ماذا يتبقى من المجزرة حين نحيلها إلى تحليل بنيوي؟ كان خالد لا يرفض التحليل، بقدر ما كان يحذر من تغليب اللغة البنيوية على جذر الفعل السياسي والأخلاقي.

لكن: هل يقع التحليل دوما في هذا الفخ؟ 

وهل كل مقاربة بنيوية تفرغ المجزرة من شحنتها الأخلاقية؟ 

أليس في تشريح البنية فعل مقاومة يضمر انحيازا للضحية عبر كشف بنية القاتل؟ 

هنا تحديدا يكمن لب التباين بيننا - ليس حول الموقف من المجزرة، بل حول كيف نكتبها. في حوارنا الخاص، عبر خالد عن قلقه بعبارة واضحة: “الخوف أن يُقرأ النص وكأنه حرف للأنظار عن الكارثة، أو أن يتوارى العدو خلف خطاب مركب يجيد النقد لكنه يجافي الموقف.” وهذا قلق مشروع، بل ضروري. لأنه يستدعي الكتاب والمثقفين إلى مساءلة لغتهم، وأشكال تموضعهم، وإلى نقد المسافة التي قد يتحصنون بها باسم “الفهم”.

لكن في المقابل، فإنني أرى أن الكتابة، لكي تكون وفية للدم، لا يمكن أن تختزل في رد فعل مباشر، ولا أن تكتفي ببيان الغضب. فالإبادة، كما كتبت سابقا، ليست فقط فعلا عنيفا، بل هي تمثيل فج لانكشاف منظومة كاملة من التواطؤ الرسمي الفلسطيني والعربي والإقليمي والدولي، من التكرار، من العجز، من فقدان المعنى.

أن نحيل المجزرة إلى لحظة صادمة فقط هو أيضا اختزال، يجعلها استثناء بينما هي في الحقيقة تعبير عن منطق الاستعمار المتجدد وتحالفاته وجزء من مسار. من هنا: 

  • نكتب لا لنجرد المعنى من الدم، بل لننقذ الدم من أن يستهلك في دورة رثاء مفرغة. 
  • نكتب لنكشف كيف أن صمت النخب والمؤسسات، ورداءة البنى السياسية، وانهيار اللغة الأخلاقية، هي بنى شاركت في القتل، تماما كما فعلت الطائرات.

لذلك، لا أختلف مع خالد حين يحذر من تحول التحليل إلى نوع من الاستجابة الباردة. لكنني أجادل من موقع آخر: أن ما نحتاجه ليس تقابلا بين التحليل والموقف، بل كتابة تعرف كيف تلتقط الجمر من تحت الرماد. كتابة تقول إن الإبادة الجماعية ليست مشهدا طارئا، بل بنية يتواطأ فيها الأهل وذوو القربى والعالم أجمع لا بد من فضحها، لا تمويهها.

بمعنى آخر: لا تعارض بين الوعي بالغضب والقدرة على التنظيم. بين الانفعال والأفق. بين الموقف والتحليل. إن عرفنا أن الفكر نفسه قد يكون فعل مقاومة، وإن استعاد وظيفته الأصيلة: مساءلة البنية التي أفرزت الإبادة وسمحت بتكرارها، وليس فقط توصيفها والتنديد بها. فالخلاف بيني وبين خالد ليس خلافا في الجوهر أو القيم، بل في الكيفية: 

  • كيف نكتب المجزرة أثناء حدوثها؟ 
  • كيف نمنح الدم لغته دون أن نحيله إلى مادة قابلة للاستهلاك العاطفي
  • كيف نلتحم بالحدث دون أن تبتلعنا جاذبيته الكارثية؟                               

بين الانفعال والتحليل: نحو كتابة لا تبتعد عن الدم ولا تغرق فيه

في حوارنا الخاص، عبر خالد عن قلقه من أن بعض الكتابات - وربما مقالتي من بينها - تغامر بالابتعاد عن المجزرة، فتبدو وكأنها تقارب الحدث من خارجه. ولسان حاله يقول: حين يكون الدم طازجا والمذبحة جارية، تتعذر الكتابة من موقع التحليل، بل من موقع من يتلقى الصفعة ولا يجد ما يقوله يتجاوز الصدمة. وهو قلق مشروع وضروري.

لكن ما حاولت فعله - وأعيد التأكيد عليه هنا - ليس النأي بالنفس عن الدم، بل تفادي إهداره مجددا في لغة لم تعد تؤلم أو نصوص نرثي بها الضحايا، لنواصل حياتنا دون أن نطرح الأسئلة الجوهرية. هذه لغة مألوفة حد الخطر؛ تخدر وعينا دون أن ننتبه.

في المقابل، أدعو إلى كتابة ثالثة، لا تمسك اللغة كمشرط يشرح الوجع. ولا كدمعة تسكب فوقه. بل كحقل توتر يقاوم الحدث كي لا يبتلع فيه. ويقاوم الانفعال كي لا يزينه. هذه الكتابة لا تغفل البكاء لكنها ترفعه إلى سؤال:

  • لماذا نبكي مجددا؟
  • من ربح حين كتبنا الإبادة فقط بلغة الندبة؟
  • ومن خسر حين تجاهلنا بنيتها العميقة وتواطؤ الجميع وانسداد أفقنا الذاتي؟

إن الخطر الذي يشير إليه خالد لا يتمثل فقط في صدمة المجزرة بوصفها لحظة دموية. بل في قدرتها على إعادة إنتاج العجز إذا تحولت إلى مركز ثقل يستولي على اللغة والمخيال والوجدان، فيعطل فعل المقاومة ذاته. فكثير من النصوص تكتب من داخل الصدمة بنبرة عالية لكنها - من حيث لا تحتسب - تكرس منطق العجز لا تقاومه، لأنها ترد الفعل إلى العاطفة وتختزل المجزرة في صورتها الفجائعية لا في بنيتها الكاشفة.

الكتابة بين النزيف والشلل الرمزي

في هذا السياق، أتفهم تحفظ خالد حين قال في إحدى مقالاته: “نحن لا نكتب عن المجزرة، بل ننزفها على الورق.” فثمة حاجة أخلاقية للكتابة التي لا تتزين بالفجيعة بل تعيش فيها. ومع ذلك، أخشى أن يتحول هذا التماهي الكامل مع الدم إلى شلل رمزي يعيد إنتاج المأساة كلحظة دائمة لا تقاوم إلا بالبكاء أو الرثاء.

ما أعنيه هو أن الإبادة، إن لم نفكك آليات حضورها في وعينا، ونفهم تحالفات القوى التي تجعل تكرارها ممكنا على مدى ثمانية عقود، ستجعل فعل الكتابة مجرد ردة فعل لا مشروع مقاومة قادر على الانتصار. حينها تصبح اللغة هي الأخرى ضحية، أو في أفضل الأحوال شاهدة عاجزة.

لهذا أرى ضرورة البحث عن كتابة تنقذ اللغة من الحصار الرمزي الذي تفرضه المذبحة، وتعيد تأهيلها كي تكون أداة تحليل واستبصار وبناء للوعي، لا مجرد صدى للعنف. فالوقوع في أسر الكارثة يجب ألا يتحول إلى ذريعة لتعطيل التفكير الاستراتيجي، أو فخ يعيق قدرتنا على الفهم العميق لما يحدث، وتداعياته البنيوية على العدو والعالم.

هذه القدرة على التحليل ضرورية أيضا لمواجهة الانزلاق المتعمد نحو شيطنة المقاومة، التي تتعرض لحرب عالمية غير مسبوقة لنزع شرعيتها السياسية والقانونية والأخلاقية. حرب تهدف إلى تمديد الإبادة المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر/ 2023 في قطاع غزة، وفي مخيمات وقرى ومدن الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني، وتحويل آثارها التدميرية إلى واقع دائم يمتد إلى المستقبل الفلسطيني والعربي والإقليمي والعالمي.

القلق المشروع وحدود اللغة

أقدر قلق خالد المحق الذي عبر عنه، “ليس من موقع الاختلاف، كما قال، بل من موقع شراكة السؤال واللغة والهم، وإيمانا بأن للفكر دورا يتجاوز التأمل نحو الفعل والإمساك بالمعنى.” وأسمع أنينه وهو يضيف: “أشعر أحيانا أن اللغة - مهما بلغت من عمق - قد تتحول، دون أن تقصد، إلى نوع من الإرجاء أو التسكين… خصوصا حين نكتب والدم ما يزال ينزف، والأنقاض لم تبرد بعد.”

ويتابع العتاب قائلا: “نحن نحتاج الفكر، نعم. لكننا نحتاجه الآن ليقول: توقفوا. ليقول للعالم، بلا تردد ولا مواربة: ما يحدث في غزة إبادة جماعية مكتملة الأركان، وعلى هذا العالم أن يتحرك لا أن يحلل فقط. نحتاج في هذه اللحظة أن نبقي أقدامنا في الحاضر المشتعل، حيث يسقط الناس لا بوصفهم رموزا في نص جدلي، بل ككائنات حقيقية تموت تحت الركام. المطلوب ليس أن نستبدل الفعل بالفهم، ولا أن نضع التحليل في وجه الغضب، بل أن نذكر بأن المعنى لا يولد إلا إذا حمى الحياة.”

ومع ذلك، أرى أن القراءة التحليلية ليست بديلا عن الصراخ من الألم، بل محاولة لحماية الصوت من أن يختطف أو يختزل في ردود فعل عاجلة. فقد جاء المقال أصلا لمواجهة موجة التواطؤ الجماعي الخبيثة التي تجلت في اجتماع نيويورك الأخير 29/7/2025، المنعقد تحت غطاء “الحرص على حل الدولتين”، مع الوعد باعتراف مؤجل بالدولة الفلسطينية مشروط بامتثال المقاومة لشروط إسرائيل والسلطة لشروط التجديد الوظيفي. هذا الاجتماع - الذي قدم وقف الإبادة وكأنه قابل للتأجيل - منح القاتل وقتا إضافيا لإنهاء مهمته، وجعل الضحية أمام خيارين زائفين: الخضوع الفوري أو تأبيد الاحتلال تحت وهم الدولة بعد استكمال تقويض فرص قيامها.

تفكيك الخطاب المضلل: تحميل الضحية مسؤولية الإبادة

الأخطر من ذلك أن هذا الخطاب يجد قبولا في أوساط السلطة الفلسطينية والنظام العربي الرسمي، وفي بعض الأوساط التي تدعي مناصرة القضية. وهو خطاب يعيد - أحيانا من دون وعي - إنتاج معادلة تبرئ القاتل، تمنحه زمنا إضافيا لإكمال مهمته بالمحو، وتدين الضحية ومقاومتها.

من هنا جاءت المقالة التي أثارت القلق في سياق التصدي لمحاولة قلب المعاني، وفضح هذا الانقلاب الرمزي على مفهوم المقاومة الذي هو في جوهره دفاع عن الحق في الحياة لا رغبة في الموت. كما هدفت إلى إبراز فاعلية المقاومة في إحداث تحولات بنيوية عميقة تعكسها موجة الغضب الشعبي العالمي المتصاعدة، والتي باتت تهدد نظام الهيمنة الغربية.

  • فالمقاومة هي ما أخر الحسم.
  • وهي ما أجبر رعاة المشروع الصهيوني على تغيير شكلي في مواقفهم المعلنة، فيما تستمر شراكتهم العملية مع القاتل في الإبادة. 
  • وهي التي دفعت العالم إلى عقد اجتماعات استثنائية بواجهة مسرحية تظهر الولايات المتحدة الأمريكية كرافض حقيقي، في محاولة لتمويه التواطؤ الدولي، لاحتواء الغضب المتنامي في الشارع الغربي والضمير العالمي.

ولو أرادت الولايات المتحدة منع انعقاد المؤتمر لفعلت ذلك بسهولة، كما فعلت في 15/11/1988  حين رفضت منح ياسر عرفات تأشيرة دخول لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ما دفع المنظمة إلى نقل جلستها إلى جنيف، في زمن كان فيه النظام الدولي ما يزال يحترم القانون.

خطر تبني سردية العدو

فهل يمكن أن نغفل كل هذا وينطلي علينا الأمر فنسمح بتحميل الضحية مسؤولية الإبادة. ونتغاضى عما يتيحه استعصاء المقاومة الفلسطينية على الامتثال من تحولات كبرى تتجاوز فلسطين نفسها نحو تحرير العرب والمنطقة والإنسان في العالم بأسره؟ 

أليس في هذا شكل جديد من التواطؤ، وإن كان بحسن نية أحيانا؟

إنني لا أتحدث عن تقديس المقاومة أو تحصينها ضد النقد، بل عن تحصين النقد نفسه من السقوط في فخ تبني سردية العدو بلسان الضحية. فالتعامل مع الجرح بوعي لا يعني التنكر للوجع، بل الإصرار على ألا يستخدم الوجع كسلاح ضد من قاوموا لمنع استمرار النزيف.

لذلك، فإن المسؤولية الوطنية والأخلاقية تفرض علينا ألا نكتفي بالتنديد بالإبادة والمطالبة بوقفها. بل، أيضا، أن نكشف آليات تبريرها. ونفضح من يوظف دماء الضحايا النازفة منذ قرابة عامين لمقايضة وقف الإبادة بالامتثال لشروط الجناة. هؤلاء يسوقون أوهام الاعتراف بالدولة، بينما يمنحون القاتل الوقت الكافي لاستكمال الإبادة.

المعنى كسلاح في مواجهة الإبادة

هذه ليست لحظة صمت، ولا لحظة جلد للذات، بل لحظة وعي شجاع يدرك أن الكلمات ليست ترفا، بل سلاحا. فالمعنى هو ما يصنع الصمود، لا العكس.

إن الفكر نفسه فعل مقاومة حين يحمي الحياة، ويواجه الانزلاق نحو شيطنة المقاومة، ويحول التحليل إلى أداة فعل لا إلى تواطؤ ناعم. لهذا نحن بحاجة إلى كتابة تعرف كيف تلتقط الجمر من تحت الرماد: كتابة لا تكتفي برثاء الدم ولا تسمح للغة أن تتحول إلى شاهد عاجز، بل تعيد بناء وعي قادرعلى فضح الجريمة، وتحصين المقاومة، ومواجهة الانقلاب على المفاهيم الذي يحاول القاتل فرضه على الضحايا والعالم.

الكلمات - إذا حمت الحياة - تصبح جزءا من المعركة، تماما كما المقاومة على الأرض.

 

 

مشاركة: