يشكل مقال خالد عطية «الحق الفلسطيني في مقاومة الإبادة بالمعنى» (8/8/2025) بيانًا وجدانياً وسياسياً في آن واحد، يلتقط جوهر اللحظة الفلسطينية الراهنة. لحظة تتجاوز حدود غزة المشتعلة إلى كل جغرافيا الفلسطيني وذاكرته، وتعيد تعريف المقاومة بوصفها معنى جامعًا قبل أن تكون فعلاً عسكريًا أو سياسيًا.
ينبه خالد عطية إلى خطورة حصر الحق في الكلام أو التمثيل بمن هم في قلب المجزرة، ويحذر من تحول الألم إلى امتياز احتكاري يفتت الخطاب الوطني. ويدعو إلى بناء لغة مقاومة رمزية تستوعب كل التجربة الفلسطينية، في الداخل والشتات، تحت الحصار أو في المنفى، بلا وصاية أو إقصاء.
تسعى هذه القراءة التكميلية إلى التفاعل مع مقاله، بتوسيع فضاء النقاش إلى جذور العطب البنيوي الفلسطيني، وتجارب الانقسام والتجزئة التي راكمتها عقود من النكبة وأوسلو، وطرح أسئلة حول مسؤولية النخب الثقافية في إعادة بناء البوصلة، وتحويل الكلمة إلى أداة فعل في مواجهة المحو.
- من المصافحة إلى كشف العطب البنيوي
بدأ السجال الفلسطيني بعد صورة مصافحة امرأة فلسطينية، تقف في طابور انتظار الطرود الغذائية لإطعام أطفالها الجياع، لويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي وراعي الإبادة الجماعية، صاحب مشروع “ريفيرا الشرق الأوسط”. الذي يهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة لإنشاء منتجع سياحي استثماري على أنقاضه. أرسل مبعوثه ربما للتحقق من مدى استكمال تجريف القطاع، والتأكد من فعالية كمائن الموت الغذائية والتجويع في التهيئة للتهجير “الطوعي”، بذريعة التحقق من وجود مجاعة، ونقل شهادة مباشرة للرئيس لاتخاذ موقف بشأن القطاع. وبعد قضائه خمس ساعات في القطاع المدمر والمجوع، قدم شهادته الحية لرئيسه بعدم صحة وجود مجاعة، رغم توثيق وفاة 162 طفلا بسببها حتى تاريخ وصوله.
وربما مثل ويتكوف، رأى المؤتمرون في نيويورك (28-30/7/2025) الذين اجتمعوا لتكريس “حل الدولتين” ، إمكانية تأجيل القرار بوقف الإبادة شهرين آخرين حتى أيلول /سبتمبر / القادم. ربما ليتاح لنتنياهو - المدعوم من شركائه الأمريكيين والغربيين وأتباعهم الفلسطينيين والعرب والإقليميين - استكمال الإبادة في غزة ومخيمات ومدن الضفة الغربية، والتهيئة للاعتراف بالدولة الفلسطينية العتيدة، الذي للمفارقة يتنامى، مع اقتراب نزع أجهزة التنفس الاصطناعي عنها وإعلان وفاتها رسميا. فقد جاء على لسان نائب الرئيس الأمريكي في لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني في 8/8/2025 حيث قال ردا على سؤال حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية: “ليس هناك حكومة”، في تعبير دبلوماسي عن واقع عدم وجود فرص للدولة.
لقد أظهر السجال الفلسطيني حول واقعة المصافحة تباينا:
٠ بين من استهجن التوقف عند الصورة باعتبارها مفهومة ومبررة تحت ضغط الضرورة والجوع، واعتبره ترف “تنظير الشبعان” وجهل بواقع غزة المعاش.
٠ وبين من رأى ضرورة التمييز بين تفهم حاجة المرأة تحت وطأة ضغط الضرورة الوجودية، وبين إدانة المشهد الجارح الذي سببه العطب البنيوي في المنظومة السياسية الفلسطينية والعربية والدولية وتواطؤهم جميعا بالمشاركة، والصمت، والخذلان، والتخلي.
- التجربة الفلسطينية المجزأة
لقد كشف خالد في مقاله المهم عمق الهوة المفاهيمية بين المكونات الفلسطينية تحت تأثير التمزق الجغرافي، وتسببه في تجزئة الوعي الجمعي الفلسطيني بألم الفلسطيني الآخر. وسلط الضوء على تداعيات النكبة المتواصلة منذ ثمانية عقود، والتي لا تقتصر على المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بل تطال التأثيرات النفسية على المكونات الفلسطينية وفقا لمناطق تواجدها الجغرافي. وانعكاس ذلك على تجزئة الوعي الجمعي الفلسطيني.
فقد نمى وعي كل مكون حسيا بما كابده في صراع البقاء. ولشدة الألم انكفأ كل مكون على ذاته، ولم يعد يلتفت لألم غيره، حد إنكار حق من هو خارج جغرافيا الطرف الواقع تحت الإبادة في إبداء الرأي. رغم أن الكل الفلسطيني المستهدف بالمحو واحد، وإن تعددت أماكن تواجده، وبالرغم من أن القاتل واحد وإن تعددت هويات وألوان القتلة.
أبدى خالد تفهمه العميق لألم وغضب من رأسه الآن تحت المقصلة، حيث لا هم له سوى إبعاد السكين عن رقبته، وليس لديه ترف التفكير بأخيه الذي يواجه ذات الموقف في أزمان وأماكن مختلفة.
وأدرك أيضا أن من لديه مشكلة وجودية ضاغطة، يصعب عليه أن يقبل رأيا يتجاوز حاجته الملحة للنجاة، حتى ولو كان صاحب الرأي يرى في ضوء تجاربه الحسية المتلاحقة، تعذر إمكانية النجاة الفردية أمام عدو وجودي يتحصن بقوة قاهرة وبدعم يتجاوز جغرافيا الصراع، ويتوغل عميقا فينا، دون التحصن بوحدة الشعب الفلسطيني المستهدف جله بالمحو.
وقلب خالد المواجع التي اختبرها الفلسطينيون في كافة مواقعهم الجغرافية. ما حفزني على استرجاع صورالألم الفلسطيني المتواصل على مدى اكثرمن قرن:
- في مناطق العام 1948، القابعون في “بطن الحوت” منذ ثمانية عقود، الذين اختبروا كل أصناف القمع والإقصاء والتمييز العنصري، وواجهوا المخرز بالعين. فقد هدمت قرية العراقيب في النقب 235 مرة، وحافظ الفلسطينيون على بقائهم الذي يتعاظم استهدافه اليوم. ولم يمنعهم خذلان النظام السياسي الفلسطيني الذي أخرجهم في أوسلو من حسابات حل الصراع. ولا تنكر العرب لهم. بل ما يزال البعض الفلسطيني والعربي يشكك في انتمائهم الوطني والقومي.
- واختبره، أيضا، اللاجئون الفلسطينيون خارج وطنهم في مخيمات اللجوء. من تل الزعتر وجسر الباشا وصبرا وشاتيلا في بيروت، إلى نهر البارد والبداوي شمالا وعين الحلوة والمية ومية جنوبا، إلى مخيم اليرموك في دمشق وصولا إلى مخيم النيرب في حلب شمالا. فجميعهم واجهوا الإبادة والطرد والاعتقال والاضطهاد والمحو، كما هو جار اليوم في قطاع غزة ومخيمات الضفة الغربية، من مخيم جنين ونور شمس وبلاطة والفارعة والأمعري والجلزون والدهيشة، والعروب والفوار وبيت جبرين وبلاطة وعسكر، إلى جباليا والشاطئ والبريج والمغازي والنصيرات ودير البلح وخان يونس.
- واختبرها، أيضا، الفلسطينيون الناجون ممن لم تطلهم الإبادة، فعاشوا كمشتبه بهم في كل البلدان والأماكن التي استقروا فيها، بما في ذلك أولئك الذين تبوأوا مواقع المسؤولية، التي شغلوها لحاجة مشغليهم لعلمهم ومهاراتهم وخبراتهم.
ولا أحسب أن فلسطينيا - إن عرف أصله أياً كانت الجنسية التي يحملها - تمكن يوما من توثيق ولادة أبنائه، أو دفن ذويه بسلاسة. أو تمكن من التنقل والمرور بسهولة - كما باقي البشر - عند عبوره الحدود العربية أو الإقليمية أو الدولية.
- تجربة العائدين بعد أوسلو
لقد لمس خالد في مقاله ما هو أشد إيلاما، عندما أشار إلى ما اختبره العائدون الفلسطينيون إلى وطنهم بعد اتفاق أوسلو، حيث قال:
“اختبر كثير من العائدين الألم بعد أوسلو، فلم يحمهم الاغتراب من الإحساس بالخذلان، بل ضاعف من فداحته حين قوبل عذابهم بالصمت أو بالتقليل”.
لقد عايشت شخصيا تعامل الأهل والأقارب والجيران، الذين واصلوا العيش تحت حراب الاحتلال مع العائدين بعد عقود من الاغتراب، بعين الريبة والشك، ظنا بأنهم كانوا سياحا يجوبون بلاد العالم ويرتدون الفنادق ويمضون أوقاتهم في النوادي والمطاعم والمقاهي. وكانوا يتوقعون منهم - على الأقل - حمل الأعباء التي واجهها القابعون تحت الاحتلال، وتبادل الأدوار. في الوقت الذي ظن فيه العائدون أنه آن الأوان لهم أن يلقوا بأحمالهم الثقيلة ويتركون عذاباتهم ومعاناتهم في المنافي خلفهم، وينعمون بدفء احتضان الأهل والشعب بعد طول عناء.
وفاقم الفجوة بين المقيمين والعائدين الجهل المعرفي للقيادة الفلسطينية، وإغفالها الحساسيات، وانغماسها في تسويق بركات اتفاق أوسلو التي ستعم الجميع - بدعم دولي سياسي ومالي - باعتباره بداية للخلاص ووعد بالاستقرار والازدهار. فأوغلت القيادة في مقايضة الجوهر بالرموز، وأسرفت في رفع العلم والنشيد والاستعراضات والمؤتمرات والوفود التي لا تنقطع بالاتجاهين. فيما الحقيقة أن أوسلو كانت نهاية المرحلة الصعبة، وبداية المرحلة الأصعب بكل المقاييس.
مرحلة إدارة انتقالية للشعب مفتوحة النهايات، والتزام السلطة بتلبية احتياجات المواطنين دون سيطرة على الأرض والموارد التي يزداد انحسارها، ودون وقف للتوغل الاستيطاني الجغرافي والديموغرافي السلمي، المحمي بالتزام السلطة بالتنسيق الامني ولجم وتحريم مقاومة عدو وجودي، لا يخفي هدفه بأحقيته الحصرية في امتلاك البلاد بوعد إلهي غير قابل للتفاوض. ويوظف السياسة لتحقيق ما عجزت القوة العسكرية المتفوقة في الميدان عن إنجازه. ويواصل المحو تارة بالإبادة والتهجير، وتارة أخرى عبر التطويع والتدجين للضحية للتسليم بقدرها المحتوم، وتوظيف النخب في تطويع الشعب للامتثال لشروطه.
- دعوة لبناء وعي معرفي جمعي
لعل أهم ما كشفه خالد في مقاله غياب الوعي الجمعي المعرفي الفلسطيني بعذابات مكونات الشعب في مختلف مناطق تواجده.
وفي ضوء ذلك، ربما بات لزاما المسارعة في بذل جهد جماعي يطلع به الأدباء والمؤرخون، لبناء وعي معرفي فلسطيني جماعي، عبر توثيق تجارب ومعاناة جميع مكونات الشعب الفلسطيني في صراع البقاء، من أجل ردم الفجوات العميقة في الوعي الجمعي الفلسطيني الذي كشفته المساجلات حول واقعة المصافحة، ومنع توسعها. وبناء وعي معرفي جديد يعترف بالألم الجمعي الفلسطيني كنتاج للنكبة الفلسطينية المتواصلة منذ ثمانية عقود. ويوقف انغماس الفلسطينيين بالتنافس البيني لاحتكار الألم، فيما هم جميعا ضحايا لعدو واحد يستهدفهم جميعا، ما يستوجب توحيد الغضب وتنظيمه وتوجيهه وتفعيل أدواته نحو العدو الصهيوني ورعاته المتسببين به.
وفي هذا الإطار بات ضروريا بناء شبكة تنسيق وطنية لضمان التكامل المعرفي الفلسطيني، وفي ضوء التقدم التكنولوجي وشبكات التواصل الاجتماعي، أصبح ممكنا، بل وضروريا إنشاء منصات رقمية وطنية معرفية. وتأسيس منصات إلكترونية فلسطينية مفتوحة المصدر تجمع الباحثين والمفكرين والكتاب والمدونين، وتوفر محتوى معرفي وطني متنوع. وتشجيع التفاعل المعرفي المفتوح لتعزيز الوعي والمعرفة الوطنية. وتعزيز التواصل والتكامل بين جميع المكونات الفلسطينية.
- إصلاح البنية الفلسطينية
نعم، ما تكشفه المجازر والإبادات ليس فقط شراسة العدو، بل هشاشة ما تبقى من جدراننا الداخلية: من خطاب سياسي مترهل، إلى ثقافة لم تتمكن - بعد - من التحول إلى وعي جمعي مقاوم.
ما نحتاجه في هذا الزمن الرديء، كما يقول خالد، “ليس المزيد من الفرقة والتشتت والتنازع على تمثيل الألم”، بل جهدا جماعيا لتصويب البنية الفلسطينية التي أصابها عطب يتعذر إصلاحه بالترميم.
ما نحتاجه ثورة شاملة تبدأ بتصويب اللغة والمفاهيم، وتعيد تصويب البوصلة التحررية، وتصلح الأعطاب البنيوية في الوعي وفي الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخ ….
واستعادة الشرعية الفلسطينية المقاومة. وتحرير منظمة التحرير الفلسطينية مما علق بها من شوائب وتشوهات بنيوية طالت الرؤية والبرنامج والآليات المؤسسية: التشريعية والتنفيذية والقضائية. كاستحقاق لا غنى عنه لجدارة التمثيل الجامع لعموم الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه.
فالشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده داخل الوطن وخارجه هو وحده مصدر الشرعية، وهو وحده صاحب الحق الحصري في منحها عند توفر شروط الاستحقاق، وفي حجبها عند انتفاء الشروط.
- دور المثقف في المعركة الرمزية
كما قال خالد: «نحن بحاجة إلى حوارات لا تكتفي بالتشخيص، بل تفتح أبواب التفكير الجاد في وظيفة المثقف الفلسطيني».
وعليه، لا بد أن نعرف دور المثقف بوضوح لا يقبل التأويل:
• هل هو شاهد؟
• أم ناقد؟
• أم محرض؟
• أم شريك في إعادة بناء البوصلة الممزقة؟
ما يختبره الفلسطينيون اليوم في قطاع غزة وعموم فلسطين الانتدابية ومخيمات اللجوء ودول الشتات، لا يحتمل أن نواجهه كما يدعو البعض بالإنكار والصمت والتغاضي، أو بالتنافس البيني على حجم الألم والمعاناة، ومواصلة الصراع على تمثيل الضحية التي تتعرض للمحو. ولا بالاكتفاء بنصوص تمجد البطولة، بل بخطاب مقاومة حقيقي يبدأ بتفكيك العطب البنيوي الفلسطيني في الحقول كافة، باعتبار ذلك حجر الأساس في تغيير الواقع الفلسطيني، والعربي، والإقليمي، والدولي.
فالكلمة حين تصدر من موقع المسؤولية تصبح رافعة للوعي، وليس مجرد تعليق على الخراب.
والمثقف يجب أن يكون شريكا أساسيا في المعركة الرمزية: على السرد، على المعنى، على التمثيل، على المستقبل. المثقف يجب أن يكون فعالا لا مراقبا أو مؤرخا للكوارث فقط. عليه أن:
• يصوغ لغة تقاوم، لا لغة تبرر الصمت أو الانزواء
• يعيد ضبط البوصلة الوطنية التحررية
• يساهم في تفكيك رمزية الإبادة وتحويل الكلمة إلى فعل مقاوم حقيقي.
المقاومة بالمعنى الحقيقي تبدأ من إعادة تركيب المعنى، وفهم الألم الجماعي، وتحويل الخطاب إلى فعل ميداني وشعبي جامع، يقود الشعب الفلسطيني نحو التحرر الحقيقي
فالمقاومة ليست موقعا، بل معنى. المقاومة ليست فقط قطاع غزة.
غزة هي القلب النابض للمعاناة والمقاومة، لكنها ليست الوحيدة التي تنزف، بل الشعب الفلسطيني كله في كل مكان هو الذي يواجه الإبادة، ويعيش المحن، ويحمل أعباء النكبة المتواصلة.
الشهادة مسؤولية ضخمة تلزم المثقف والشعب بالاستمرار في المقاومة والعطاء. وليست امتيازا يرفع صاحبها لمكانة أعلى فقط.
ختاما، ما قدمه خالد عطية في مقاله “الحق الفلسطيني في مقاومة الإبادة بالمعنى” هو دعوة صريحة وعميقة لإعادة النظر في مفهوم المقاومة الفلسطينية، بعيدا عن التضييق على هذا الحق بأطر ضيقة ومقتصرة على مواقع جغرافية، أو لحظات مأساوية محددة. المقاومة هي معنى شامل ومفتوح، تجمع كل مكونات الشعب الفلسطيني المتعددة والمتوزعة جغرافيا وتاريخيا، وتربطهم في نسيج واحد من الوجدان والنضال.
في زمن الإبادة والتشريد، حين تنزف فلسطين في كل مكان، يصبح الوعي الجمعي المقاوم هو خط الدفاع الأول والأخير. المثقف الفلسطيني اليوم أمام مسؤولية لا تحتمل التهاون: أن يكون صوت الحقيقة وشاهد الألم، أن يصوغ لغة المقاومة التي توحد ولا تفرق، وأن يعيد بناء البوصلة التي ضاعت بين ركام الانقسام والهزيمة. المقاومة ليست فقط فعلا ميدانيا، بل هي معركة يومية على المعنى، على الذاكرة، على الوجدان. فإذا ما استطعنا تحويل الألم إلى معرفة، والمعرفة إلى فعل، نكون قد وضعنا أولى اللبنات في طريق التحرر الحقيقي لفلسطين، فلسطين التي تجمعنا كلها، وليست التي تفرقنا.