في ظهر التاسع من أيلول/سبتمبر/2025، شُنّ الاعتداء على قادة حماس في قطر، دولة الوساطة والمضيفة لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية فيما يسمى “الشرق الأوسط”.
هذا الاعتداء هو إنذار أخير من الصهيونية المسيحية واليهودية موجه إلى العرب أولا، ثم إلى باقي المكونات الأصيلة في المنطقة من فرس وترك وكرد:
إما أن تدخلوا طوعا في “الديانة الإبراهيمية” التي يبشّر بها خليفة الله على الأرض - دونالد ترامب - وتابعه المطيع بنيامين نتنياهو، وإما فإن دولكم وأنظمتكم وشعوبكم لن تسلم من جهنم نظام الهيمنة. فلا حصانة لأحد، حتى لو كان حليفا مطيعا.
لكن هذه الرسالة المسمومة تكشف مأزق وضعف “الرسول الأمريكي - الصهيوني” الجديد أكثر مما تظهر قوته.
فهي تعترف بأن رسالة شعب صغير أعزل في قطاع غزة - محاصر من عدوه وأهله وذويه، يتعرض منذ 703 أيام للإبادة والتجويع والتعطيش والتهجير، وما يزال يستعصي على الاستسلام والخضوع - أقوى من كل جيوشهم. وأنها قادرة على أن تلهم شعوب العالم أجمع بقيمة الحياة الإنسانية، وبحق البشر جميعا في أن يعيشوها بحرية وكرامة.
إنها العقبة الحقيقية أمام انتشار “الديانة الإبراهيمية” الجديدة التي - خلافا لجميع الديانات السماوية والوضعية - ترتكز على تفوق حق القوة على قوة الحق.
وتثبت هذه الرسالة الغزية البليغة للجميع، شعوبا ودولا، أن الاستسلام للقتلة لا يحمي دولة ولا يحفظ نظاما مهما كان مطواعا، بل يجعله رهينة في يد من لا يرى فيهم إلا بشرا أدنى، لا يعترف لا بدولة ولا بسيادة ولا بشعب.
وأن ثبات المقاومة المتمسكة بالحق، الواعية للشر، والارتباط بالمشروع التحرري الإنساني هما وحدهما القادران على رد هذا الإنذار التاريخي، وهزيمة الطغاة.