الرئيسية » هاني المصري »   24 حزيران 2008

| | |
التهدئة يمكن أن تساعد على تحقيق الوحدة أو تعميق الانقسام
هاني المصري

التهدئة يمكن ان تساعد على انجاح الحوار الوطني الشامل، وعلى انهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ويمكن ان تؤدي الى تعميق الانقسام وتأبيده. ولكن كيف ذلك؟ هذا يتوقف على أي اتجاه ستؤثر التهدئة على الفلسطينيين، وعلى الكيفية التي سيتصرف فيها الفرقاء الفلسطينيون المتنازعون، فاذا غلبوا المصلحة الوطنية العليا والقواسم المشتركة على المصالح الفردية والفئوية والفصائلية يمكن ان تكون التهدئة عاملاً ايجابياً.


واذا تم العكس اي اذا نظرت حماس للتهدئة على أنها ستقويها وبالتالي تقوي موقفها في الحوار الوطني بحيث تعتمد على تشديد شروطها بحيث لا تبدي المرونة اللازمة للشروع في الحوار الوطني الشامل ومن ثم السعي لعمل كل ما يلزم لانجاحه، فبدون شك ان التهدئة خطوة من شأنها تقوية حماس، والسؤال هو في اي اتجاه ستوظف حماس هذه القوة؟ باتجاه الشراكة الوطنية أم الانفراد والهيمنة والإقصاء؟ في المقابل اذا نظرت السلطة الى التهدئة على أساس انها تزيح ثقلاً كبيراً عن كاهلها، بحيث يزول الاحراج الناجم عن استمرار التفاوض مع الحكومة الاسرائيلية، رغم ان هذه الحكومة تواصل العدوان والاستيطان والجدار والحصار وتقطيع الاوصال خصوصاًَ استمرار العدوان والمحرقة والحصار الخانق على قطاع غزة إلى حد تحوله إلى أكبر وأطول سجن في التاريخ، الخشية من ان تتصور السلطة انها باتت بعد التهدئة مرتاحة وحرة في ان تتواصل المفاوضات رغم وصولها إلى الطريق المسدود، ورغم ان حكومة اولمرت تستخدم المفاوضات للتغطية على سياسة خلق الحقائق على الارض التي تجعل الحل الاسرائيلي هو الحل الوحيد المطروح والممكن عملياً. وما يساعد على ان لا نكون متفائلين ان الرئيس طرح مبادرته للحوار الوطني واشترط ان تتم على أساس تنفيذ المبادرة اليمنية، وان حماس رحبت بمبادرة الرئيس ولكن على اساس ان الحوار يجب ان يجري على المبادرة اليمنية ووفقاً لاعلان صنعاء. اذا استمر الموقفان سالفا الذكر على حالهما، فهذا يعني اننا دخلنا في حلقة مفرغة جديدة عنوانها الحوار على المبادرة اليمنية او الحوار لتنفيذ المبادرة اليمنية. واذا لم تتوفر المظلة العربية القوية والقادرة على اقناع او اجبار الفرقاء الفلسطينيين على الدخول في حوار وطني جاد وقادر ومفروض عليه ان يخرج باتفاق بأسرع وقت ممكن، سننتظر طويلاً قبل ان يبدأ الحوار، او قبل ان يصل الى النتائج المرجوة، فرغم التحركات العربية التي عبر عنها الامين العام للجامعة العربية ومصر والسعودية وسورية واليمن وقطر، الا اننا لم نلمس حتى الآن، ان هناك طرفاً عربياً مستعداً للمجازفة برعاية الحوار مثلما فعلت قطر عندما بادرت في اطار عربي لرعاية الحوار اللبناني الامر الذي ادى الى التوصل بسرعة قياسية الى اتفاق الدوحة. ان سبب تردد الاطراف العربية يعود الى الخشية من اغضاب الادارة الاميركية التي رحبت بتحفظ بمبادرة الحوار التي اطلقها الرئيس ابو مازن ولكن على ارضية التمسك بشروط اللجنة الرباعية الدولية، وهي: الاعتراف باسرائيل، والتقيد بالالتزامات التي عقدتها المنظمة مع اسرائيل، ونبذ العنف والارهاب (أي نبذ المقاومة). فالادارة الاميركية رغم انها في الربع ساعة الاخير من حياتها، ورغم انها ومعها الولايات المتحدة الاميركية كلها تنشغل في الانتخابات الاميركية الرئاسية، لا تزال تخيف الاطراف العربية (وربما الفلسطينية ايضاً) رغم ان دور الاطراف الاقليمية والاطراف المؤثرة في القرار الدولي يتزايد في هذه الفترة ليس بالضرورة تحدياً للدور الاميركي، وانما قد يكون ذلك منعاً لنشوء فراغ، اي ان الاطراف الاقليمية والدولية الأخرى تلعب في الوقت الضائع، والى حين تستلم الادارة الاميركية الجديدة الحكم في واشنطن. ان أمام الفلسطينيين فرصة ثمينة منذ الآن وحتى الربيع القادم، وهو الوقت الذي تنشغل اسرائيل فيه بأزمتها الحكومية، والادارة الاميركية منشغلة هي الأخرى بالانتخابات الرئاسية، وعلى الفلسطينيين انتهاز الفرصة قبل فوات الأوان والندم وقت لا ينفع الندم. التقاط الفرصة المتاحة يمكن ان يكون من خلال الشروع فوراً في حوار وطني شامل وليس ثنائياً ولا فصائلياً فقط، بعيداً عن الشروط والشروط المقابلة، وبرعاية عربية مناسبة، وعلى اساس الاتفاق على برنامج سياسي وطني واقعي ديمقراطي مقبول ومنسجم مع الشرعية الدولية حتى لا تتعرض السلطة الفلسطينية مجدداً للحصار الدولي والمقاطعة المالية. واذا تعذر الاتفاق على برنامج واحد، كما هو متوقع بسبب الخلافات واختلاف المصالح والاولويات والاحتياجات، يمكن الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطني من الكفاءات الوطنية المستقلة بحيث تقوم هذه الحكومة المنسجمة مع الشرعية الدولية، بمعالجة جذور واسباب وتداعيات الانقسام والتوجه بسرعة نحو انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وعلى أساس تعهد الجميع باحترام نتائج الانتخابات مهما تكن، بما يمكن الاغلبية ان تحكم بحرية، والسماح للمعارضة بان تعارض بحرية وفقاً للوسائل الشرعية والقانونية، اما اذا لم نتمكن من الاتفاق على برنامج واحد، ولم نتفق على الاحتكام للشعب، فعندها سنحكم على قضيتنا بالتدهور والضي

 

مشاركة: